اقتصاديات دول الخليج تواجه رحيلا جماعيا للوافدين.. بداية النهاية؟

توقف الكثير من المجالات في دول الخليج بسبب إجراءات منع تفشي فيروس كورونا. (الصورة من دبي)

دبي - ملايين الوافدين في دول الخليج لم يعد أمام الكثير منهم أي خيار آخر سوى العودة إلى بلدانهم في ظل تفشي وباء كورونا وانهيار أسعار النفط وبالتالي تراجع متواصل للاقتصاد، غير أنها خطوة تهدد اقتصاديات المنطقة بمزيد من الركود.

سجّل مئات الآلاف من المهاجرين، وأكثرهم آسيويون، طلبات لإعادتهم إلى دولهم حسبما تفيد الأرقام لدى سفارات بلدانهم في دول الخليج، حيث يواصل تفشي فيروس كورونا بين العمال الأجانب من أصحاب الدخل المنخفض الذين يعيشون في مساكن مكتظة.

وبدأت كل من باكستان والهند ترحيل مواطنيها من منطقة الخليج. كما شرعت مصر في تسيير رحلات لإعادة مواطنيها من الكويت حيث تصدت قوات الأمن لشغب أثاره مصريون في مركز إيواء يقيم فيه المخالفون لشروط الإقامة هذا الأسبوع.

موازاة لذلك، ركز برنامج حواري شهير في قناة سعودية يقدمه الإعلامي خالد العقيلي، على ما وصفه الأخير " واجب شركات القطاع الخاص تجاه الوطن" والمتمثل في "تسريح موظفيها الأجانب لا السعوديين"، متحدثا عن "خطر حقيقي"، نابع من "هيمنة الوافدين على قوة العمل بالمملكة".

وتوجه العقيلي في برنامجه، الذي تبثه قناة إس.بي.سي التلفزيونية المملوكة للدولة، بكلامه إلى الشركات السعودية التي تُبقي على الوافدين، وقال إنهم "ما يخجلون من أنفسهم ولا يعرفون معنى الوفاء للوطن". وتابع قائلا "يجب أن نتوقف عن جعل الموظف السعودي هو كبش فداء مع كل أزمة، اجعلوا العمالة الوافدة... هم الأولى بالاستغناء وليس ابن الوطن".

تصريحات العقيلي هذه لا تشكل إلا جانبا من أزمة حادة وصراع حقيقي يمر منه نحو 35 مليون أجنبي يشكلون العمود الفقري لاقتصاد الخليج، فهل عليهم البقاء أم الرحيل في وقت تستغني فيه الشركات عن عاملينبسبب جائحة فيروس كورونا وانهيار أسعار النفط وسط تحركات لحماية وظائف ورواتب المواطنين.

من جهته، توقع صندوق النقد الدولي تراجعاً حاداً لاقتصاديات الشرق الأوسط بسبب ضربة مزدوجة من إجراءات العزل العام المفروضة لمكافحة فيروس كورونا والتراجع القياسي في أسعار النفط.

وفي ظل ذلك ترجح منظمة العمل الدولية أن يكون رحيل الوافدين في منطقة الخليج نتيجة للأزمة الحالية، أكبر مما أعقب الأزمة المالية في 2008 و2009 وتراجع أسعار النفط في 2014 و2015، لكن دون أن تحدد أرقاماً.

وتشمل التوقعات أنه لن يتضرر العاملون في المهن اليدوية فقط بسبب أزمة فيروس كورونا، بل سيطال الأمر الكثير من أصحاب المؤهلات المهنية.

ولا تتوفر بيانات رسمية عن البطالة لكن عدة شركات طيران خليجية وشركة كريم لتطبيقات طلب سيارات الأجرة قالت إنها قررت تسريح مئات العاملين.

وكانت دبي، وهي مركز للأعمال والسياحة، تأمل في دفعة اقتصادية من استضافة معرض إكسبو العالمي هذا العام، لكن الحدث تأجل حتى أكتوبر تشرين الأول 2021 بسبب الوباء.

من المنتظزر أن تسرع الدول الخليجية الخطى في برامج "لتأميم" الوظائف، وقد أمرت سلطنة عمان الشهر الماضي بالفعل الشركات الحكومية بإحلال العمانيين محل الموظفين الأجانب. بيد أن خبراء الاقتصاد يحذرون بشدة من أن رحيل الوافدين قد يقلص إيرادات الحكومات من الرسوم وضريبة القيمة المضافة ويبطئ جهود الإصلاح بما يشمل خفض الإنفاق العام على الرواتب والدعم.
مشاهدة الفيديو 02:01
أوبك والدول المنتجة الأخرى لتسعى لخفض انتاج النفط بواقع 15 مليون برميل يوميا

في هذا السياق، صرّح طارق فضل الله من نومورا لإدارة الأصول-الشرق الأوسط، لوكالة رويترز، بأن "تراجع عدد الوافدين سيقلص الطلب على كل شيء من البيتزا إلى الفيلات، والخطر هو أن يؤدي هذا إلى تأثير انكماشي متتال وفقدان للوظائف الثانوية".

النتيجة ذاتها خلص إليها روبرت موجيلنيكي الباحث المقيم لدى معهد دول الخليج العربية في واشنطن مشدداً: "الوافدون ليسوا مجرد ترس في آلة. إنهم يلعبون دورا مكملا في إعادة تدوير رأس المال محليًّا مما يساعد في دعم اقتصادات الخليج".

(رويترز)