مارتن بايشنس
بي بي سي - بيروت
يدخل الشرق الأوسط ما يراه كثير من المحللين مرحلة جديدة محفوفة بالمخاطر. وبينما يتقهقر تنظيم الدولة الإسلامية، توشك الخصومة القديمة بين السعودية وإيران على بلوغ مرحلة الغليان، وفي مرماها لبنان.
كانت استقالة ليس لها مثيل، ومازالت أصداؤها تتردد في أنحاء الشرق الأوسط.
فقد أعلن رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، على نحو مفاجئ استقالته من منصبه يوم 4 نوفمبر/ تشرين الثاني.
ولم يأت الإعلان من لبنان، وإنما من السعودية، الداعم السياسي للحريري. ويرى كثير من اللبنانيين أن الرياض دفعته لاتخاذ هذا القرار.
وحتى الآن، لم يتضح متى سيعود الحريري إلى بلده، أو إذا كان سيعود من الأساس.
ويُنظر إلى مشهد غياب رئيس الوزراء اللبناني على أنه جزء من الصراع الإقليمي الأكبر بين السعودية ذات القيادة السنية وإيران ذات القيادة الشيعية.
وحتى الآن، يبقى لبنان مركزا للصراع، إذ طالما كان مسرحا لكل الحروب بالوكالة التي نشبت في الماضي.
وتدعم إيران جماعة حزب الله اللبنانية، التي يرى أنصارها أن السعودية نسّقت استقالة الحريري بهدف إضعاف نفوذهم في البلد.
وتواجه جماعة حزب الله اتهامات بأنها تدير "دولة داخل الدولة". ويتسم الجناح المسلح للجماعة بأنه أقوى من الجيش اللبناني، كما أنها تقود تكتلا يهيمن على الحكومة.
وكثفت السعودية وحلفاؤها في الخليج الضغوط من خلال حث رعاياها على مغادرة لبنان، وهو ما يعد مؤشرا على تشديد نهجها إزاء هذا البلد.
ويقول حسن عليق الصحفي بجريدة "الأخبار" اللبنانية "الأمريكيون والسعوديون والإسرائيليون يحاولون جميعا حرمان حزب الله من مكاسبه في الحروب في سوريا والعراق".
ويضيف "ما يحدث في اليمن مرتبط كذلك بالوضع في لبنان. حزب الله وحلفاؤه حققوا نجاحا هائلا. لكنهم يواجهون الآن ضغطا هائلا لهذا السبب".
واتهمت السعودية حزب الله بإطلاق صاروخ إيراني الصنع باتجاه أراضيها من اليمن، كما تقول إن إيران تزود بالسلاح الحوثيين الذين تخوض ضدهم الرياض حربا طويلة. وتنفي إيران هذه الاتهامات.
ويرى باسم الشاب النائب اللبناني بتكتل الحريري في البرلمان أن هناك حاجة لمراجعة نفوذ إيران وحلفائها.
ويقول الشاب "مع نهاية الموقف في سوريا، سيكون للنظام اليد العليا. تسعى إيران وحزب الله إلى حصة في لبنان بسبب الدور الذي لعبوه في سوريا".
ويضيف "لأن لهذا الأمر بعدا إقليميا، لن يأتي الحل من داخل لبنان. ينبغي على اللاعبين الأكثر تأثيرا والمهتمين بالاستقرار أن يتدخلوا لدى اللاعبين المحليين لمساعدتنا في الحفاظ على الاستقرار".
"على شفا الكارثة"
تدخل القوى الخارجية في الشؤون الداخلية للبنان ليس بالأمر الجديد. لكن الخوف الآن هو أن زلة ما قد تكون شرارة لما هو أكثر خطورة.
وتقول مها يحي مديرة مؤسسة "مركز كارنيغي للشرق الأوسط" البحثية "في العقود القليلة الماضية، لم نكن أقرب من شفا الكارثة".
وتضيف "خطر اندلاع حرب إقليمية لم يكن أبدا بهذه الواقعية، حيث سيشمل الصراع مجموعة مختلفة من الدول".
ولهذا السبب فإن ما يحدث في لبنان هام بالنسبة لنا جميعا.