Off Canvas sidebar is empty

اغتيال الحريري.. أنظار العالم تتجه إلى لاهاي انتظارا للحكم


بيروت - بعد 15 عاما، تتجه أنظار اللبنانيين ومعهم أنظار العالم لمدينة لاهاي إذ من المقرر أن تصدر المحكمة الخاصة بلبنان حكمها في قضية اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري، التي يحاكم فيها أربعة أشخاص ينتمون لحزب الله.

مر أكثر من 15 عاما على مقتل رفيق الحريري في انفجار ضخم في بيروت، ومن المقرر أن تصدر محكمة مدعومة من الأمم المتحدة حكمها في القضية الثلاثاء (18 أغسطس/آب 2020)، في وقت يعاني فيه لبنان من آثار انفجار أكبر. إذ وخيم انفجار مرفأ بيروت يوم الرابع الشهر الجاري، الذي أودى بحياة 178 قتيلا على الأقل على الحكم الذي طال انتظاره. فهو أكبر انفجار في تاريخ لبنان وأشد قوة من القنبلة التي قتلت الحريري و21 آخرين على كورنيش بيروت عام 2005.

وتجري محاكمة أربعة من أعضاء حزب الله اللبناني الشيعي المدعوم من إيران غيابيا في اغتيال الحريري المدعوم من السعودية. وينفي حزب الله أي دور له في القتل الذي هيأ الساحة لسنوات من المواجهات وصلت إلى حد نشوب حرب أهلية قصيرة في عام 2008.
حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله

ينفي حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله تورط أي من أفراد الحزب في عملية اغتيال الحريري

ويأتي الحكم أيضا في وقت تظهر فيه انقسامات جديدة بشأن مطالب بإجراء تحقيق دولي ومساءلة سياسية في انفجار المرفأ الناتج عن تخزين كمية ضخمة من الكيماويات بطريقة غير آمنة. وقد يعقد الحكم الموقف المضطرب بالفعل بعد انفجار المرفأ واستقالة الحكومة التي يدعمها حزب الله وحلفاؤه.

والمحكمة المدعومة من الأمم المتحدة هي الأولى من نوعها بالنسبة للبنان، وتمثل بالنسبة لمؤيديها الأمل في ظهور الحقيقة، ولو لمرة واحدة، في العديد من الاغتيالات التي شهدها لبنان. في المقابل يرفض حزب الله المحكمة باعتبارها أداة في أيادي خصومه. وقال أمين عام الحزب حسن نصر الله يوم الجمعة إن حزب الله ليس معنيا بالحكم وأكد على براءة أعضائه.

ويقول أنصار الحريري، وفي مقدمتهم ابنه سعد الحريري الذي تولى رئاسة الوزراء أيضا، إنهم لا يسعون للانتقام أو المواجهة لكنه يتعين احترام الحكم.

 توتر ما قبل الاغتيال
سيارة تحطمت على إثر الانفجار الذي تسبب في مقتل الحريري ومرافقين له

أسقط الانفجار الهائل عشرات القتلى ودمر سيارات ومباني وتسبب في خسائر مادية ضخمة

في 14 فبراير/ شباط 2005، ركب الحريري سيارته بعد أن زار مقهى كافيه إيتوال بجوار مجلس النواب الذي كان عضواً فيه. وبينما كان موكبه يمر على الكورنيش انفجرت شاحنة ملغومة في سيارته وخلفت حفرة هائلة ودمرت واجهات المباني المحيطة بالمنطقة. ولقي 21 شخصاً بخلاف الحريري حتفهم في الانفجار الذي وقع خارج فندق سان جورج. وكان من بين الضحايا حراس الحريري وبعض المارة ووزير الاقتصاد السابق باسل فليحان.

وفي العام الذي سبق الاغتيال كان الحريري طرفا في خلاف حول تمديد فترة الرئيس المؤيد لسوريا إميل لحود. وتحت ضغط سوري تم تعديل الدستور للسماح بتمديد فترته ثلاث سنوات. وعارض الحريري هذه الخطوة لكنه وقع على التعديل في نهاية المطاف تحت الضغط السوري.

وفي سبتمبر/ أيلول 2004، فرض قرار أصدره مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ضغطا على سوريا بسبب دورها في لبنان. ودعا القرار إلى إجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة وانسحاب القوات الأجنبية كلها وإلى تسريح الجماعات المسلحة في البلاد، والتي كان من بينها حزب الله المؤيد للنظام السوري.

وفي أكتوبر/تشرين الأول استقال الحريري من رئاسة الوزراء. وتزامن اضطراب الوضع في لبنان مع اضطرابات في المنطقة حيث انقلب ميزان القوى رأسا على عقب بالاجتياح الذي قادته الولايات المتحدة للعراق.

وهيأ ذلك الساحة لتصاعد المنافسة بين إيران الشيعية وحلفائها في جانب بمن فيهم سوريا وبين دول الخليج السنية المتحالفة مع الولايات المتحدة في الجانب الآخر.
موظفون في الصليب الأحمر اللبناني ينقلون جثامين لأشخاص قضوا في الانفجار

موظفون في الصليب الأحمر اللبناني ينقلون جثامين لأشخاص قضوا في الانفجار

تداعيات الاغتيال

أشعل اغتيال الحريري "ثورة الأرز" ونُظمت احتجاجات شعبية على الوجود السوري في لبنان. وتحت ضغط دولي متزايد سحبت سوريا قواتها في أبريل/نيسان. وتغير شكل لبنان. وقاد سعد نجل الحريري ائتلافا من الأحزاب المناهضة لسوريا عرف باسم 14 آذار ودعمته دول غربية والسعودية. وتجمع حلفاء سوريا اللبنانيون ومنهم حزب الله الشيعي في تحالف منافس أطلق عليه اسم 8 آذار. وظهر انقسام طائفي بين السنة والشيعة.

ورجع زعيما الطائفة المسيحية المارونية الرئيسيان في لبنان ميشال عون وسمير جعجع إلى الحياة السياسية. عاد عون من المنفى بينما خرج جعجع من السجن.

وفاز تحالف 14 آذار بأغلبية برلمانية في يونيو/حزيران. وتلا ذلك صراع سياسي استمر عدة سنوات بين التكتلين تركز جانب كبير منه على قضية سلاح حزب الله. وكانت المحكمة التي تشكلت لنظر قضية اغتيال الحريري نقطة خلاف أيضاً. وبلغ التوتر ذروته في تفجر قصير للصراع الأهلي في 2008 سيطر خلاله حزب الله على بيروت.

تحقيق دولي ومتهمون

بدأ التحقيق الدولي في يونيو/حزيران 2005 وتولى رئاسته في البداية المدعي الألماني ديتليف ميليس. وبحلول أكتوبر/ تشرين الأول أصدر تقريرا يورط مسؤولين سوريين ولبنانيين بارزين. ودأبت سوريا على نفي أي دور لها في عملية الاغتيال.

يبدو أن أجواء ما قبل اغتيال الحريري تسود في لبنان مجدداً فيما تتجه أنظار العالم إلى قرار المحكمة في قضية الاغتيال

وفي أغسطس/آب تم القبض على أربعة من كبار القيادات العسكرية في لبنان ممن كانوا من أركان النظام الذي هيمنت عليه سوريا وذلك بناء على طلب ميليس. وتم الإفراج عنهم بعد أربع سنوات دون توجيه اتهام لهم بعد أن قالت المحكمة إنه لا توجد أدلة كافية لتوجيه الاتهام إليهم. ودأب الأربعة على نفي أي دور لهم.

وتم تغيير ميليس في أوائل 2006 وسار التحقيق ببطء. واستقال عدد من كبار الشخصيات. وسحب سعد الحريري اتهامه لسوريا بأنها وراء مقتل والده في 2010.

وفي 2011 أعلنت المحكمة أسماء أربعة من أعضاء حزب الله مطلوبين في عملية الاغتيال. وربطت عريضة الاتهام بينهم وبين الهجوم بأدلة ظرفية إلى حد كبير مستقاة من سجلات هاتفية. وتم توجيه الاتهام إلى عضو خامس في حزب الله في 2012. وقتل واحد من المتهمين الأربعة الأصليين هو مصطفى بدر الدين، وهو من القيادات الكبرى في حزب الله، في سوريا عام 2016.

وحتى الآن لا يُعرف شيء عن مكان وجود المتهمين. ولم تحتجزهم السلطات كما أنهم لم يشاركوا في المحاكمة وذلك رغم أن القضاة قضوا بأن المتهمين على علم بالاتهامات الموجهة لهم.

ع.ح./ا.ح. (رويترز)