واشنطن -قال الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الجمعة إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قرر غزو أوكرانيا خلال أيام وذلك بعد أن طلب الانفصاليون الذين تدعمهم موسكو المدنيين مغادرة المناطق الانفصالية في حافلات في خطوة يخشى الغرب أنها جزء من ذريعة لشن هجوم.
وفي واحدة من أسوأ أزمات ما بعد الحرب الباردة تريد روسيا منع انضمام كييف إلى حلف شمال الأطلسي وتتهم الغرب بالهستيريا وقالت إنه ليس لديها خطط للغزو بينما تصر الولايات المتحدة وحلفاؤها على استمرار الحشد العسكري.
وقالت شركة الصور الأمريكية ماكسار يوم الجمعة إن صور الأقمار الصناعية تظهر نشاطا عسكريا في مواقع متعددة عبر روسيا البيضاء وشبه جزيرة القرم وغرب روسيا بالقرب من الحدود الأوكرانية.
وقالت ماكسار إن الصور تظهر انتشارا ضخما جديدا لطائرات هليكوبتر في شمال غرب روسيا البيضاء ونشر مجموعة قتالية للدبابات وناقلات جنود ومعدات دعم في مطار ميليروفو الواقع على بعد 16 ميلا من الحدود الأوكرانية.
وانطلقت صفارات الإنذار في منطقتي دونيتسك ولوهانسك الانفصاليتين يوم الجمعة بعد أن أعلن زعماء المتمردين هناك إجلاء مئات الآلاف من الأشخاص إلى روسيا.
وقال بايدن للصحفيين في البيت الأبيض “لدينا ما يدعونا للاعتقاد بأن القوات الروسية تخطط وتنوي مهاجمة أوكرانيا في الأسبوع المقبل ، في الأيام المقبلة”.
وأضاف ” إنني مقتنع في هذه اللحظة بأنه اتخذ هذا القرار”.
وقالت المخابرات العسكرية الأوكرانية في ساعة متأخرة من مساء الجمعة إن القوات الخاصة الروسية زرعت متفجرات في منشآت البنية التحتية الاجتماعية في دونيتسك وحثت السكان على البقاء في منازلهم. ولم يرد جهاز الأمن الاتحادي الروسي على الفور على طلب للتعليق.
ونقلت وكالات الأنباء الروسية في وقت لاحق عن مراسلين على الأرض قولهم إن انفجارين وقعا في مدينة لوهانسك الرئيسية في جمهورية لوهانسك الشعبية الانفصالية في أوكرانيا وإن حريقا شب في جزء من خط أنابيب الغاز في المنطقة.
وفي وقت سابق اتهم دينيس بوشلين الزعيم الانفصالي في دونيتسك أوكرانيا بالاستعداد لمهاجمة المنطقتين قريبا وهو اتهام وصفته كييف بأنه باطل. ولم يقدم بوشلين أي أدلة تدعم ما قاله. وردا على سؤال حول الإجلاء قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي إنه “مثال جيد” لما تخشاه واشنطن.
وقالت للصحفيين “توقعنا … منذ فترة طويلة أن يشارك الروس في ذرائع أو خطوات من شأنها أن تضع أساسا لأي حرب أو لإثارة الارتباك أو نشر معلومات مضللة على الأرض.”
وبعد ساعات من إعلان الإجلاء انفجرت سيارة جيب أمام مبنى حكومي للمتمردين في مدينة دونيتسك عاصمة المنطقة التي تحمل نفس الاسم.
وذكرت وسائل إعلام روسية أن السيارة خاصة بمسؤول انفصالي.
وسيطر المتمردون المدعومون من روسيا على مساحات شاسعة من شرق أوكرانيا في عام 2014 وهو نفس العام الذي ضمت فيه موسكو منطقة القرم الأوكرانية. وتقول كييف إن أكثر من 14 ألف شخص لقوا حتفهم منذ ذلك الحين في الصراع في الشرق.
ومع إظهار الكرملين قدرته العسكرية على عدة جبهات من المقرر أن يشرف الرئيس الروسي على مناورات قوات الصواريخ النووية الاستراتيجية يوم السبت.
وقال مسؤول دفاعي أمريكي يوم الجمعة إن ما بين 40 و 50 في المئة من القوات الروسية الموجودة قرب الحدود مع أوكرانيا اتخذت “مواقع هجومية”.
وتخشى الدول الغربية نشوب صراع إذا غزت روسيا أوكرانيا على نطاق لم يحدث في أوروبا على الأقل منذ حربي يوغوسلافيا والشيشان في التسعينيات واللتين أسفرتا عن سقوط مئات القتلى وتشريد الملايين.
وقال المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إنه يوجد ما يقرب من 150 ألف جندي روسي على الحدود من بينهم نحو 125 كتيبة تكتيكية.
وقال إن نسبة القوات الموجودة في مواقع هجومية أعلى مما كان معروفا من قبل وتشير إلى أن تلك الوحدات الروسية يمكن أن تهاجم أوكرانيا دون سابق إنذار.
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك يوم الجمعة إنها لا تعتقد أن قيام روسيا بغزو كامل لأوكرانيا هو السيناريو الأكثر ترجيحا ولكنها أوضحت أن روسيا قد تدبر انقلابا هناك.
وقالت أمام مؤتمر ميونيخ للأمن “سيناريو الغزو الكامل ربما يكون ممكنا، لكنني لست متأكدة من أنه السيناريو الأكثر ترجيحا”.
وأضافت “ما يثير مخاوفي أكثر هو أن السيناريو الأكثر ترجيحا هو (عملية) مستترة أو انقلاب” أو أشياء من قبيل هجوم إلكتروني أو هجوم على البنية التحتية لأوكرانيا.
وقالت كييف أيضا إن حدوث غزو كامل أمر غير مرجح.
ومنذ الإطاحة برئيس موال لروسيا أجرت أوكرانيا مناورات عسكرية مشتركة مع حلف شمال الأطلسي وسلمت أسلحة تضمنت صواريخ جافلين الأمريكية وطائرات تركية مسيرة.
ويقول بوتين إن علاقات أوكرانيا المتنامية مع الحلف يمكن أن يجعلها نقطة إطلاق للصواريخ التي تستهدف روسيا.
ومع تفاقم يدرس الغرب أيضا خياراته غير العسكرية.
وقال مسؤول بالبيت الأبيض يوم الجمعة، في تأكيد لتقرير لرويترز، إن أي حزمة عقوبات مبدئية يتم فرضها في حالة حدوث غزو لن تشمل على الأرجح حظر روسيا من نظام سويفت المالي.
وقال مسؤولون أمريكيون وأوروبيون، وسط خلافات داخل الاتحاد الأوروبي، إنه لم يتم الاتفاق على الطريقة التي ينبغي أن يرد بها الحلفاء على أي اعتداءات خلاف الغزو الشامل.
وقال دبلوماسي رفيع إن “الدول الأقرب إلى روسيا مثل المجر ستعارض فرض أي عقوبات دون حدوث غزو عسكري”.
وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إنه يتعين على الغرب إظهار تضامن بشكل قاطع إذا أراد إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعدم غزو أوكرانيا.
وأدلى جونسون بهذه التصريحات مع بدء مؤتمر ميونيخ للأمن يوم الجمعة والذي سيستمر ثلاثة أيام وتهيمن عليه الأزمة الأوكرانية وستحضره شخصيات بارزة من بينهم نائبة الرئيس الأمريكي كاملا هاريس والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج.
وقال جونسون في بيان قبيل زيارته لميونيخ “لا تزال هناك فرصة لتجنب إراقة دماء لا داعي لها لكن ذلك سيتطلب إظهار تضامن غربي بشكل قاطع يتجاوز أي شيء رأيناه في التاريخ الحديث”.
وأضاف “على الحلفاء أن يتحدثوا بصوت واحد كي يؤكدوا للرئيس بوتين الثمن الباهظ الذي سيدفعه نظير أي غزو روسي آخر لأوكرانيا. لا يزال بإمكان الدبلوماسية أن تسود”.-(رويترز)