دبي-افتتحت يوم أمس كريستيز للمزادات العالمية بالعاصمة البريطانية لندن معرض فنون الشرق الأوسط الذي يضم ما يقرب من 60 عملاً فنياً لأشهر فناني عصر الحداثة والفنانين المعاصرين، حيث تقيم الدار أول مزاد لها تحت عنوان «مزاد فنون الشرق الأوسط الحديثة والمعاصرة» في لندن. ويستقبل معرض المزاد الجمهور في مقرّ كريستيز بالعاصمة البريطانية، فيما تُعقد المزادات يومَي 24 و 25 أكتوبر.
وبعد أكثر من عقد على الزمن على مزادات فنون الشرق الأوسط الحديثة والمعاصرة في دبي، قررت كريستيز نقل المزاد المرتقب في شهر أكتوبر 2017 إلى لندن لتقديم فنون المنطقة للمزيد من المقتنين الدوليين وإعطاء فنون الشرق الأوسط مكانة ومنصة عالمية جديدة إلى جانب مدينة دبي. حيث تستمر كريستيز في تقديم موسم مزادات شهر مارس 2018 في دبي في الموعد المعتاد خلال «أسبوع الفن 2018».
ويُعقد «مزاد كريستيز لفنون الشرق الأوسط الحديثة والمعاصرة» في لندن يوم الأربعاء 25 أكتوبر 2017، عند الساعة 7:00 مساء، ويتضمن المزاد المرتقب قرابة 60 لوحة منتقاة من روائع أعمال الفنانين المعاصرين العرب، معظمها من مقتنيات خاصة، وتتصدّر المزاد أعمال فنانين مصريين معاصرين، منهم محمود سعيد ومحمود حمّاد وفاتح المدرس وشفيق عبود وصليبة الدويهي وفرهاد مشيري وضياء عزاوي.
ومن بين الأعمال الرائدة المشاركة لوحة للفنان صليبة الدويهي (1915 – 1994) الذي ولد في بلدة اهدن في لبنان لإحدى العائلات العريقة في شمال لبنان. وسجل اسمه في تاريخ الفن العربي مع مجموعة من روائع الأعمال الفنية في الشرق الأوسط. وتشارك لوحته "تواصل" ضمن مزاد لندن وهي موقعة في الخلف سنة 1966 ومرسومة الأكريليك بقياس 50×70سم وبقيمة تقديرية (35.000 – 40.000 جنيه استرليني). ومحمود حمّاد (سوري 1923 – 1988): أحد أعمدة الفن الحديث في سوريا والعالم العربي، ينتمي حمّاد إلى جيل التنوع حيث احترف الرسم والنحت والتركيب. ويشارك بلوحته المعنونة "سلاماً قولاً من ربٍ رحيم" الرسومة بتاريخ 1964 وتعرض ضمن المزاد بقيمة تقديرية (25.000 – 30.000) جنيه استرليني.
ومن الفنانين المعاصرين المشاركين في المزاد المرتقب، الفنان السوري صفوان داحول (مواليد 1961) الذي وصل إلى العالمية، بأسلوبه الفني الذي شكل علامة فارقة قائمة بحد ذاتها في عالم الفن العربي والغربي، ويشارك في مزاد لندن بأحد أعماله الفنية من مشروعه الفني "حلم" الذي شكل مصدر الهامه لأكثر من عشرين عاماً، العمل المؤرخ سنة 2007 بقيمة تقديرية (120.000 – 180.000) جنيه استريني.
الأعمال المشاركة:
محمود سعيد
إحدى لوحات محمود سعيد معنوانة "ذات العينين الخضراوين" La fille aux yeux verts، فقد رسم اللوحة الأولى في عام 1931، ومازالت تلك اللوحة ضمن مقتينات متحف الفن المصري الحديث بالعاصمة المصرية، ثم رسم اللوحة الثانية في السنة التالية بعنوان "ذات العينين الخضراوين (نسخة مطابقة)" La fille aux yeux verts (réplique)، وهي في الأصل ضمن مقتنيات تشارلز تيراس، أول مدير لمتحف الفن المصري الحديث. (القيمة التقديرية الأولية 80.000 – 120.000 جنيه إسترليني).
ومن أعمال محمود سعيد المشاركة بالمزاد لوحة "هانم" Hanem التي تجسّد أيضاً تجسيد المرأة من العامة، وتُعدُّ هذه اللوحة إعادة استكشاف لبراعة محمود سعيد. فحتى اليوم عُرفت لوحة "هانم" من خلال صورة باللونين الأبيض والأسود متدنية الجودة، ولكن بعد نشر الكتاب الشامل المقرون بشروحات مفصلة عن أعماله في وقت سابق من هذا العام ظهرت اللوحة ضمن مقتنيات خاصة في كندا (القيمة التقديرية الأولية 120.000 – 180.000 جنيه إسترليني).
رمسيس يونان (1913 – 1966): هو أحد مؤسّسي حركة "الفن والحرية" التي نشرت بياناً متمرداً في ديسمبر 1938. ورسم رمسيس يونان لوحة La Passion Sauvage في عام 1940 وتُعدُّ إحدى أكثر لوحاته تعقيداً، ويقول النقاد إن تلك اللوحة جعلته من الطليعيين في الحركة السريالية العربية. وتبرز هذه اللوحة المبدعة صراعات مختلفة: صراعاً داخلياً بين الضمير والعقل الباطن، وصراعاً خارجياً مع الامتثالية المجتمعية، وصراعاً مادياً مع السياسة والحرب، وصراعاً فنياً مع الفنون الأكاديمية والفراغ.
أحمد عسقلاني (وُلد 1978): ينجز النحات والتشكيلي المصري أحمد عسقلاني أعماله انطلاقاً من شعار "البساطة هي فلسفتي"، متخذاً من أشكال بشرية وحيوانية مادة إبداعية له. ويستعين أحمد عسقلاني بمواد تقليدية وأساليب حِرَفيّة متوارثة ومعروفة عن الثقافات القديمة في مصر. وتتميز أعماله بأشكال جمالية خاصة تبرز انسجام الهيكلية والحجم معاً، غير أن عمله المعنون Thinker يلفت الأنظار بتشويه النسب من خلال رأس صغير ملصق بجسم ضخم. ويشير الرأس الصغير إلى ما تستحوذ عليه عملية التفكير من اهتمام متدنٍ ومساحة ضيقة فيما يتعلق بالمكانة الاجتماعية في مصر. فيما قد يجسّد الجسم الضخم الحالة السياسية الراهنة بمنطقة الشرق الأوسط.
العراق
تم انشاء AMIDEAST في عام 1951 كبرنامج لتبادل الفنانين والخريجين والكتاب بين الشرق الأوسط وأمريكا، وفي عام 1953 انضم جواد سليم (1921-1960) للبرنامج الذي ضم معارض في فيلاديلفيا وشيكاغو وبيتسبرغ. وكعربون شكر قام الفنان بالتبرع بلوحة بعنوان The Watermelon Seller" التي تم تكليف AFME لعرضها المزاد القادم حيث سيذهب ريع اللوحة لدعم الفنانين للاستفادة من البرنامج.
شاكر حسن آل سعيد (1925 – 2004): أحد أبرز رموز الفن في العراق في القرن العشرين، وهو أحد مؤسّسي "جماعة بغداد للفن الحديث" التي يقول النقاد إنها إحدى أهم الحركات الفنية الابتكارية في الشرق الأوسط في حقبة ما بعد الاستقلال. وفي هذه اللوحة غير المعنونة (1952) اختار شاكر حسن آل سعيد أن يرسم طيرين جاثمين على شجرة فاكهة. وتُظهر هذه اللوحة براعته الاستثنائية في رسم الأشكال الهندسية. وعُرف عن شاكر حسن آل سعيد استلهام التراث في الكثير من أعماله.
سوريا
فاتح المدرس (1922 – 1999): يوصف فاتح المدرس بأنه أبو الحركة الفنية الحديثة في سوريا، وهو أحد أبرز رموز ثقافة الشرق الأوسط في القرن العشرين. ويبرع فاتح المدرس في المزج بين الحاضر والماضي، بين الحداثة والأصالة، ويقول النقاد إنه استطاع أن يوجِد لنفسه عالماً خاصاً به. واعتاد فاتح المدرس أن يرسم أشخاصاً مجهولين في لوحاته، لكن الأمر ليس كذلك بالنسبة للوحتيه المشاركتين في مزاد كريستيز المرتقب بلندن.
ففي اللوحة الأولى غير المعنونة هناك شخصية أمل الغازي، وهي شخصية مهمة في مجتمع سوريا وصديقة مقربة. وتجسّد هذه اللوحة التي رسمها فاتح المدرس في عام 1974 الأمومة إذ تُشاهد في اللوحة تحتضن طفلاً صغيراً برأس مقنطر الشكل عُرف في الكثير من أعمال فاتح المدرس.
وفي اللوحة الثانية غير المعنونة أيضاً هناك غيث الغازي، شقيق أمل الغازي، وهو يحتفل بالأبوّة باستخدام الرمز المستخدم في لوحة البورتريه الأخرى. وهنا يُشاهد غيث الغازي يحتضن عدة أطفال ليجسّد وكأنه يوفر له الحماية والأمان.
مروان كساب باتشي (1934 – 2016): وُلد مروان كساب باتشي المعروف بفرادة أسلوبه بالعاصمة السورية دمشق وبعد أن أكمل دراسته سافر إلى برلين واستقر هناك حتى وفاته في شهر أكتوبر 2016. تأثّر مروان كساب باتشي كثيراً بالحركة الفنية الألماينة في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وشُغف بأعمال البورتريه مع بداية سبعينيات القرن العشرين.
وهذه اللوحة غير المعنونة (1976 – 1977) تُظهر وجه شقيقته في رسمة تستحوذ على كل قماش اللوحة.
لبنان
شفيق عبود (1926 – 2004): شفيق عبود هو بلاشك أيقونة لبنانية. في سبعينيات القرن العشرين بدأ ابتكار طريقته الإبداعية الخاصة بالعمل مع مواد مثل الطين والحبال والأنسجة وغيرها. وفي لوحته المعنون La Veste Chinoise التي رسمها في عام 1980 يستخدم شفيق عبود ألواناً متعددة تنير القماشة وتذكّر بالأزياء الصينية التقليدية. ونراه هنا يستخدم الأشكال الهندسية، معظمها رباعية الزوايا، كقضبان متلاحمة، وألواناً معينة، الأصفر والأبيض، لإبراز جودة السترة المطرزة بخيوط نفيسة أو ربما بأحجاز كريمة.
هيلين خال (1923 – 2009): فنانة لبنانة تُعدُّ إحدى رائدات الفن التشكيلي اللبناني، وهي ترى أن لكل لون مناخه، وأن كل لون يخلق عالماً مختلفاً، وأن لكل لون إغواء خاص. لذا عُرف عنها استكشاف الألوان المختلفة بدرجاتها وآفاقها المختلفة. ويقول النقاد إلى التجريد والأشكال يكمّلان بعضهما البعض في أعمال هيلين خال.
ونشاهد في عملها المشارك في مزاد كريستيز صورة صبي صغير بشورت سباحة من ورائه مجموعة أشكال مستطيلة زرقاء اللون تجسّد معاً حوض سباحة وربما المحيط. وهنا تتأثر هيلين خال بألوان البحر الأبيض المتوسط وتمزج مع ذلك جوانب من الثقافة الأمريكية. وبمزج المفاهيم الشرقية والأمريكية ترصد شغفها بسواحل البحر الأبيض المتوسط وفي الوقت نفسه انجذابها للأشكال الهندسية والألوان من خلال استخدام خطوط أفقية.
إيران
منير شهرودي فارمنفرمايان (وُلد 1924): تُعدُّ منير شهرودي فارمنفرمايان أحد أهم رموز الفن الحديث والمعاصر في إيران، وتجسّد شخصيتها في أعمالها الإبداعية. ومن المعتاد عبر العصور استخدام مواد مثل الموزاييك العاكس في تنفيذ المرافق الهامة في إيران، وهو أحد أهم أركان أعمال منير شهرودي فارمنفرمايان، فهي تجمع بين الموزاييك العاكس كتقنية قديمة ومتوارثة والرسم، وقد ظهرت مثل هذه الممارسة الإبداعية خلال حكم القاجاريين (1785 – 1925)، وثمة لمسة جمالية معاصرة في هذا الفن تُشاهد في الفنون التجريدية الأوروبية.
ويتضمن مزاد كريستيز المرتقب بلندن عملاً للفنانة الإيرانية منير شهرودي فارمنفرمايان، وينفرد هذا العمل عن بقية أعمالها التي تتخذ أشكالاً هندسية في معظمها. فقد أنجزت منير شهرودي فارمنفرمايان عملاً مذهلاً يصون تقنية الرسم على الزجاج العاكس وتُظهر أربعة خطوط حمراء تسير في اتجاهات أفقية، من طرف إلى الطرف الآخر.
الشاعر والرسام سهراب سبهري (1928 – 1980): هو أحد رواد استشكاف جوانب الفن الحديث في إيران، وعُرف عنه مزج الفلوكلور بالانطباعية التجريدية والمفاهيم الغربية والشرقية، ويتضمن مزاد كريسيز عملاً أخاذاً له.
کوروش شیشه گران (وُلد 1944): يُعدُّ أحد الأسماء اللامعة ضمن حركة الفن المعاصر في إيران، وهو ينفّذ أعماله الفنية بالاستعانة بوسائط مختلفة، ويستمد إلهامه من الثقافة البصرية الإيرانية. ويتضمن مزاد كريسيز عملاً أخاذاً له.