عمان-الغد- يحكي فيلم "شوطا كرة قدم في الجحيم"، للمخرج سلطان فابري، قصة فريق كرة قدم مكوّن من أسرى حرب جياع هزيلي الأجسام يتنافسون في مباراة مع فريق مكون من لاعبي الجيش الآسر المحتل!
حكاية قد تبدو ضربا من الخيال، لكنها وقعت واعتمد عليها موضوع الفيلم المجري الكلاسيكي المعنون "شوطا كرة قدم في الجحيم" (1961)، للمخرج المجري سلطان فابري.
الفيلم مبني على واقعة حقيقية جرت في أوكرانيا أثناء احتلال القوات الألمانية النازية لأوكرانيا زمن الحرب العالمية الثانية، ورويت الواقعة بشهادة ثلاثة من الأسرى المشاركين في المباراة الذين نجوا من الموت، وقد بدأت الواقعة، وكما يرويها الفيلم، من قرار الجيش الألماني إقامة احتفالات بمناسبة عيد ميلاد هتلر.
هذا القرار يضع قائد إحدى الوحدات العسكرية الألمانية الذي يحتجز مجوعة كبيرة من أسرى الحرب في أوكرانيا في مأزق، بعد أن فشل في العثور على فرقة فنية ألمانية تحيي الاحتفال، حين يكتشف هذا القائد أن من بين الأسرى لاعب كرة قدم مجري مشهور تلمع في رأسه فكرة حل مأزقه، وتتمثل في استغلال هذا اللاعب لإقامة مباراة احتفالية، فيأمر اللاعب الأسير بتشكيل فريق كرة قدم من الأسرى للتباري مع فريق مكون من لاعبين في الجيش الألماني.
يثير هذا الأمر استغراب اللاعب الأسير، لكنه لا يرفضه بل سيعتبره مناسبة للحصول على زيادة في حصة الطعام المقدم لمن سيختارهم من اللاعبين الأسرى، إضافة إلى الإعفاء من الأشغال الشاقة، فكيف يمكن لإنسان جائع ومتعب أن يلعب في مباراة لكرة قدم!
يستغل المخرج هذه الواقعة الحقيقية لبناء أحداث فيلمه عبر سيناريو يجمع ما بين الواقع واللامعقول، ليصل إلى نتيجة هي مزيج من التراجيديا والكوميديا السوداء، وإلى فيلم مؤثر صادق في تعبيره، مغرق في واقعيته، سواء من ناحية التفاصيل الحدثية أو الشخصيات أو مكان الأحداث.
وعلى العكس من فيلم أميركي حول الواقعة نفسها جرى إنتاجه بعد عشرين عاما من إنتاج الفيلم المجري بعنوان "الهروب إلى النصر"، لا يركز الفيلم المجري على المباراة، بل على ظروف تشكيل فريق من الأسرى، ليستكشف ويعرض ما يمكن أن يفعله الجوع بالإنسان (الجائع الذي ينتهز فرصة موت زميله ليحصل على حذائه أو على قطعة خبز خبأها!)، ويطرح ضمنا السؤال حول الجوع والكرامة البشرية؛ إذ يضع فريق الأسرى أمام خيارين: الهزيمة مقابل الأمل بالعفو، أم الفوز مقابل الموت.