الشارقه - شوو في نيوز - تفتتح مؤسسة الشارقة للفنون يوم السبت الموافق 19 نوفمبر ثلاثة معارض نوعية تتمحور حول الفن السوداني الحداثي وتجلياته ماضياً وحاضراً تحت عنوان "نساء في مكعبات بلورية - معرض استعادي (1965-الحاضر)" للفنانة كمالا إسحق، و"سعة الأفق.. إيجاز العبارة - معرض استعادي (1956-الحاضر)" للفنان عامر نور، بالإضافة إلى المعرض الجماعي "مدرسة الخرطوم: حركة الفن الحديث في السودان (1945 - الحاضر)" بمشاركة مجموعة من أبرز الفنانين السودانيين، والتي سيتم افتتاحها في تمام 6:00 مساءً في بيت السركال بمنطقة الفنون. بين ثنايا لوحاتها ومنحوتاتها تقدم المعارض الثلاثة أبرز التحديات والصراعات التي خاضها المجتمع والوسط الثقافي في السودان لصناعة هويته الخاصة، والتي تشكل أهمها خلال حقبة الستينيات والسبعينيات باعتبارها حقبة محورية شهدت صعود العديد من الحركات الحداثية التي شكلت انعطافات جذرية في المشهد الأدبي والفني وساعدت على ازدهار مجالات الإنتاج الثقافي والفني كافة.
كما يتزامن هذا الحدث مع افتتاح الدورة الثالثة من "مشروع مارس" 2016، في المباني الفنية لمؤسسة الشارقة للفنون، الساعة الخامسة مساءً، وقد تضمنت هذه الدورة أعمالاً فنية خاصة بمواقع محددة، والتي تم تطويرها من قبل خمسة فنانين شباب خلال برنامج الإقامة التعليمي، وهم الفنان عمّار العطار، باسم يسري، نور عابد، ريم فلكناز، وفيكرام ديفيتشا. وقد شملت الأعمال عروض الأداء، وأعمال الفيديو، والأعمال التركيبة التي شغلت مواقع مختلفة في المباني الفنية لمؤسسة الشارقة للفنون، وساحة الخط العربي، ومنطقة الفنون. وقد جاءت هذه الدورة تحت إشراف لارا خالدي، وباتريشا ميلنز، محمد المنصوري. ويعدّ مشروع مارس بمثابة برنامج إقامة تعليمي للفنانين الشباب يوفر لهم فرصاً للبحث، ولإنتاج أعمالٍ خاصة بموقع محدد من خلال سلسلة من الدورات المهنية للتطوير، والندوات، والمعارض، والزيارات الميدانية، والحوارات، وذلك تحت إرشاد ممارسين فنيين محترفين.
سعة الأفق.. إيجاز العبارة
على مدى خمسين عاماً، أبدع الفنان عامر نور منحوتات تعكس قدرته على دمج الأساليب والتقنيات والنماذج والأفكار التي استقاها من تجربته في كل من السودان والولايات المتحدة. ويقدّم نور في معرضه الاستعادي الأول رصداً معمّقاً للعقود الخمسة الأخيرة في مسيرته الفنية، كما يبرز دوره المفصلي في حركة الفن الحديث الأفريقي إلى جانب حضوره المؤثر في المسار التاريخي للفن الحديث العالمي المعاصر. يتضمن المعرض مختارات من منحوتاته المصنوعة من مواد متعددة، إضافة للوحاته ورسوماته وصوره الفوتوغرافية، كما يتضمن اثني عشر عملاً كُلِّف بها.
يتخذ عامر نور من عبارة "سعة الأفق..إيجاز العبارة" معبراً لوصف تجربته واختلافها عن الأفكار التقليلية "المينيمالية"، حيث تتموضع أعماله في مساحة تلتقي فيها الأشكال التقليلية مع مفاهيم ذات مرجعيات أفريقية تعكس قدرته على دمج الوسائل والتقنيات والأشكال والأفكار المتأتية من الطبيعة المزدوجة لتجربته بوصفه فناناً سودانياً يعيش في الغرب. كما يضع نور الأشكال الهندسية والنصف كروية في سياق يتقاطع مع سياق تاريخه وبيئته وتقاليده، ويظهر ذلك في أعمال مثل "بيت"، و"واحد فوق الآخر".
نساء في مكعبات بلورية
وجوه النساء على أرصفة محطات القطار كانت الشرارة التي أطلقت الفكرة المحورية لمعرض "نساء في مكعبات بلورية" للفنانة كمالا إسحق، والذي يضم مجموعة من بواكير أعمالها بالإضافة إلى الأعمال الجديدة التي كُلّفت بها من قبل مؤسسة الشارقة للفنون. تعد إسحق واحدة من أبرز فناني ورواد الحداثة في السودان، وقد شكّلت عبر دورها التعليمي مصدر إلهام لجيل من الفنانين الشباب السودانيين، ما جعلها مرشدة لإحدى الحركات المفاهيمية الهامة التي عُرِفت باسم المدرسة البلورية. كما تتصدى أعمال إسحق للمنظور الذكوري للفن في السودان، وذلك بتصويرها مشاهد من حياة المرأة بألوان مستقاة من الشمس والرمل والسماء.
مدرسة الخرطوم
يأتي معرض "مدرسة الخرطوم" بعد مرور عام على انعقاد مؤتمر "الحداثة وصناعة الهوية في السودان" الذي نظمته مؤسسة الشارقة للفنون لتوفير منصة لمجموعة من الباحثين والمثقفين السودانيين، من أجل توثيق وتقديم قراءات نقدية حول تشكل الحداثة في السودان، ويعدّ المعرض محاولة لتوثيق تاريخ حركة مدرسة الخرطوم، واستخلاص الأفكار الرئيسية لهذه الحركة الفنية، من خلال تسليط الضوء على توسّع نطاق حركة الحداثة في السودان والطبيعة المتواشجة لفرقها المختلفة، ومجموعاتها وحركاتها الفنية المتفرعة. وذلك عبر مقاربة اللوحات والرسومات –الأنواع التقليدية للفنون البصرية التي كان ينتجها أكثر الفنانين السودانيين الحداثيين- مع الخزفيات، والفخاريات، والمنحوتات، والصور الفوتوغرافية، والأفلام، والفيديو وعروض الأداء. كما يضم المعرض مواد أرشيفية تعرض للمرة الأولى.
يعاين هذا المعرض أعماق جماليات مدرسة الخرطوم ويأخذ بعين الاعتبار تأثيرها المعاصر، من خلال تتبع رواد الجيل المبكر من الفنانين المرتبطين بمدرسة التصميم – أمثال عثمان وقيع الله، عبد الله محي الدين الجنيد، إبراهيم الصلحي وعبد الرازق عبد الغفار- الذين دمجت أعمالهم الفنية أعراف الحداثة الغربية للشكل والأسلوب مع موضوع سوداني. ابتكر هؤلاء الفنانون طرازاً جمالياً وهوية "سودانية" واضحة تجاوزت في آن واحد حدودهم الوطنية لتشمل المواضيع والعناصر النابعة من القارة الأفريقية. كما سيتم عرض أعمال الفنانين الشباب نسبياً الذين تداخلت مسيرتهم المهنية مع الرواد الأوائل، أمثال حسين جمعان، صالح مشمون، عبد الباسط الخاتم وعمر خيري.
يستمر معرض "نساء في مكعبات بلورية" لغاية 9 يناير 2017، بينما يستمر "سعة الأفق.. إيجاز العبارة"، و"مدرسة الخرطوم" لغاية 12 يناير 2017.