عندما يتقاطر على منزلك أشخاص مثل تولوز لوتريك ورينوار وبيير دو شافان ليرسموك، فمن المرجّح انك تمتلك شيئا يستحقّ أن ينظر إليه الآخرون.
وإذا درست أعمال هؤلاء الروّاد الفرنسيين الثلاثة، فسرعان ما سترى الملامح المقدّسة لسوزان فالادون وهي تحدّق فيك وجها لوجه أو ترمقك بنظرة جانبية خفيفة.
ولدت سوزان فالادون في فرنسا في سبتمبر من عام 1865 لعائلة متواضعة. وقد أجبرتها الظروف على أن تبحث لنفسها عن عمل وهي ما تزال في سنّ المراهقة. وعندما بلغت الخامسة عشرة من عمرها، عملت بهلوانة في سيرك. وقد اضطرّها سقوطها من إحدى المراجيح لأن تغيّر مهنتها، فعرضت نفسها على الرسّام بيير بوفي دو شافان لتعمل عنده كموديل في مرسمه في حيّ مونمارتر.
تخيّل فتاة جميلة وشابّة تعمل لوحدها مع رسّام عاطفي. لنتذكّر انه خلال أعوام الطفرة الانطباعية في باريس القرن التاسع عشر، كانت الموديلات في كثير من الأحيان يؤدّين دور العشيقات لأرباب عملهن. وسوزان لم تكن مختلفة عن البقيّة. كانت معروفة على الخصوص بعلاقاتها الحميمة مع كلّ من رينوار و دو شافان.
غير أن الآنسة فالادون لم تكن تكتفي بدور الجميلة والمغرية بالنسبة للرسّامين. فخلال الوقت الذي كانت تعمل فيه كموديل، كانت أيضا تولي اهتماما بالموادّ والأساليب التي يستخدمها أرباب عملها. واكتشفت في النهاية أنها تجيد استخدام الألوان وممارسة الرسم. وشيئا فشيئا صارت فنّانة معروفة.
ومع مرور السنوات، أصبحت مشهورة بسبب استخدامها للألوان الحيّة والتوليف الجذّاب وتمثيلها الجريء للأنثى العارية. كانت ترسم غالبا بالباستيل والألوان الزيتية. واستطاعت أن تحصل على دخل ثابت وسمعة محترمة. وكانت تعرض لوحاتها باستمرار. ثم أصبحت أوّل رسّامة أنثى تلتحق بالجمعية الوطنية للفنون الجميلة.
إذا لم يكن هذا كلّه كافيا لإقناعك بموهبة وشهرة سوزان فالادون، فقد يفاجئك أن تعرف أن هناك فوّهة بركان خامد على كوكب الزهرة سُمّيت على اسمها تكريما لها واعترافا بمكانتها وموهبتها.