عمان - “ساعتان من البحث عن مكان أركن فيه سيارتي، وبعد فشلي بذلك عدت أدراجي لمنزلي دون اكتمال مراجعتي لمستشفى الجامعة الأردنية” بهذه الكلمات يلخص مراجع للمستشفى الجامعي الأكبر إحدى أبرز مشكلاته.
مستشفى الجامعة، صاحب التاريخ العريق في المجال الصحي بالمملكة، يفتح اليوم باب التساؤلات حول هذا التاريخ، حين تجري مواجهة مرضى ومراجعين، يبدون ملاحظات على ادائه، وما يعانونه من جداول مواعيده الطويلة، ومواقع اصطفاف سياراتهم، ونقص الادوية.
يقول المراجع ذاته، سالم محمود: “في اليوم التالي عدت ثانية للمستشفى لكنني احتجت لأكثر من ساعة لأجد مكانا لاصطفاف سيارتي”.
فيما يقول الاربعيني خالد: “وصلت المستشفى عند الثامنة صباحا، لكن رقم دوري كان 36، لم أنه مراجعتي الا عند الواحدة ظهرا. كان يوما طويلا وشاقا، لكنني لقيت ترحابا طيبا في العيادات ومعاملة جيدة وانضباطا وظيفيا لا بأس به”.
ويضيف مواطن راجع المستشفى في الآونة الاخيرة “قبل أن أغادر العيادة، أخبرني الطبيب بحاجتي لعملية جراحية.. ذهبت لقسم المواعيد لأحصل على موعد للعملية، فحددوا لي موعدا في العام المقبل، استغربت ان يكون الموعد على هذا البعد الزمني، فتوقعت أن يعود - ربما - لضغط المراجعين، أو لنقص الأطباء، ولكنني بالحقيقة لا أعرف”. بينما كان حظ الحاجة ام زيد افضل، وتقول “راجعت طبيب المفاصل، وحدد لي موعدا للعملية بعد ثلاثة أيام”.
هذه الملاحظات؛ رواها لـ”الغد” مراجعون للمستشفى، مشيرين فيها إلى أن جوه العام، يفيد بأنه بحاجة للتطوير، ليستطيع تقديم خدمة طبية عالية المستوى.
وتكررت شكاوى نقص الأدوية وبعض الاختصاصات وتأخير مواعيد المرضى على ألسنة مراجعين للمستشفى، اضافة الى ازمة الاصطفاف والسير ونقص مواقف السيارات.
غالبية المواطنين الذين يراجعون المستشفى، يراجعونه باعتباره خيارا رئيسا لطلب إعفاء طبي، بينما يسعى بعضهم للعلاج فيه، لكفاءة كوادره من جهة، ولقربه ولموقعه الاستراتيجي من جهة أخرى.
الحاجة ام سمير، تؤكد انها طلبت موعدا لإجراء جراحة مفاصل منذ نحو ستة شهور، لكنها ما تزال بانتظار دورها، بينما يعاني ابو خليل الحاج أحمد من الازدحامات المرورية وصعوبة الحصول على موقف لسيارته، مشيرا الى ان معظم وقته يذهب بحثا عن مكان للاصطفاف، وقد جاء للمعالجة من البروستات.
الحاجة حليمة؛ هي ايضا رفضت علاجا صرفه المستشفى، وتطالب بعلاج تقول إنه هو العلاج الاصلي، لأنها بحسب اعتقادها، اعتادت تناوله لأعوام.
مدير عام المستشفى الدكتور عبد العزيز زيادات، لم ينف العديد من ملاحظات المواطنين، خاصة ازمة نقص مواقف السيارات، مؤكدا في حديث لـ”الغد” أن “الازمة واضحة، ونعاني منها نحن كموظفين، فضلا عن المراجعين، لعدم كفاية مواقف الاصطفاف”.
ولفت الى ان لذلك أسبابا عديدة، أبرزها كثرة المراجعين، ووجود مراكز طبية مجاورة للمستشفى كمركزي السرطان والسكري، بالإضافة للجامعة الأردنية، وغيرها من المؤسسات والكليات الصحية، وتقع شرق المستشفى “كل هذه المؤسسات جاءت في منطقة ضيقة وعلى شارع عام”.
وتتسع مواقف السيارات في المستشفى لـ400 سيارة فقط، فيما يضم المستشفى اكثر من 2500 موظف، ويدخل حرمه يوميا نحو 12 الف سيارة، بحسب قول زيادات.
وفيما أكد مواطنون لـ”الغد” أن أسباب المشكلة واضحة، طالبوا إدارة المستشفى بحلها، ويرد زيادات إن “هناك سعيا فعليا في إطار خطة جديدة، لايجاد مواقف، يتوقع ان تكون خارج اسوار المستشفى”، لافتا الى أن عناصر ادارة السير موجودون دوما في نطاق المستشفى لتنظيم السير.
ويلفت الى انه لا توجد إمكانيات للمستشفى، تساعد بانشاء مواقف خاصة للزوار “كما انه ليس لدينا موازنة، ونعتمد على الدخل الذاتي، فغالبية ما يأتي للمستشفى من اموال، يأتي مما يدفعه المؤمنون صحيا من الحكومة او الجامعة، وبرغم ذلك نواجه صعوبات بتحصيل الاموال منهم”.
ويقول إن الجامعة تحاول استقطاب مستثمرين للمستشفى، مبينا أنه دعا لأكثر من مرة في وسائل اعلامية، عن “الرغبة بوجود مستثمر، ينشئ مواقف عامة في الجامعة او في حرم المستشفى”، مؤكدا “مضي ادارة الجامعة بهذا الاتجاه وترحيبها بأي مستثمر يتعاقد او يتشارك في هذا المشروع”.
وردا على شكاوى مواطنين بخصوص نقص الاختصاصات الطبية، يوضح زيادات “نحن متكاملون مع كلية الطب بالجامعة، وجميع أعضاء هيئتها التدريسية، يعملون بالمستشفى وفقا لنظامه، وبالتالي اذا كان هناك نقص معين في تخصص، فلدينا امكانية تعيين اطباء، سواء بدوام كامل او جزئي”.
ويضيف زيادات “لدينا نحو 19 طبيبا يعملون بدوام جزئي لتغطية احتياجات المستشفى، واذا كان لدينا اي نقص، فيمكننا تعويضه باطباء من الخدمات الطبية”.
ويبين “يعمل في المستشفى أطباء مميزون، وهناك إقبال كبير من المرضى عليهم، وسنفتتح قريبا غرفة عمليات جديدة للعظام، لتخفيف الضغط عن قسم العظام، كما زدنا عدد غرف العمليات وأطباء العظام، وستكون المواعيد اكثر قربا”.
وبشأن الفترات الزمنية الطويلة لمواعيد العيادات الخارجية يقول “هناك ضغط هائل على هذه العيادات بسبب اعداد المراجعين الكبير”.
أما الاختصاصات فيلفت زيادات الى ان غالبيتها “موجود، وفيما يتعلق بالاسنان، فلا يوجد نقص، ولكن طيبعة العمل تقتضي مواعيد بعيدة، بخاصة التقويم والقياسات والتركيب وغيرها، ومقارنة بعدد الاطباء، فعدد المرضى لا يتناسب مع عدد اطباء الاسنان بالمستشفى، واذا وجدنا اي نقص في اي تخصص، فسنشتري خدمته مثلما اشترينا خدمة اطباء في قسم الطوارئ”.
ويشير إلى أن العمل جار على حوسبة المستشفى، للتسهيل على المواطن، ووقف الهدر، بحيث “سيصبح من السهولة في أي مكان لأي طبيب، الاطلاع على الصور من مكتبه او منزله، او حتى هاتفه المحمول”.
أما فيما يتعلق بنقص الادوية، فيبين زيادات أنه “يتأثر تبعا لنقص التمويل لدى شركات الأدوية والمستلزمات الطبية، فنحن نشتري عن طريق دائرة الشراء الموحد، ولكن غالبا تكون هناك شكاوى لمواطنين حول نوع الادوية او نقصها”.
ويلفت إلى أن “السبب في ذلك خارج عن ارادتنا، اذ أن وزارة الصحة تعتمد أدوية معينة، وحتى لو متوافرة في المستشفى، فلا نسطيع صرفها للمنتفع على حساب وزارة الصحة، لاننا ملتزمون بالقائمة التي تعطينا اياها”.
زيادات تطرق للحديث عن الديون المستحقة للمستشفى على الحكومة، قائلا إنها “مشكلة تحصيلها تواجهنا باستمرار، فمعظم مرضانا اي 80 % مؤمنون صحيا، منهم على نفقة التأمين الصحي ومحولين يعالجون لدينا، ويدفعون نسبة الـ20 %، ووزارة الصحة تدفع لنا 60 % من حجم الاستحقاق”.
وأضاف إن “نسبة الـ40 % تبقى لفترة طويلة، ولا تسدد في المنظور القريب، بالرغم من اتصالاتنا مع وزارتي المالية والصحة، والتي نعلم انها تعاني مشكلة، ولكن هذه النسبة تتراكم ديونا على الدولة، وقد تجاوزت الـ60 مليون دينار، بينما يوجد على المستشفى ديون للشركات تتراوح بين 40 الى 45 مليون دينار”.
ويضيف ان “حجم التحويل من الرئاسة ووزارة الصحة الى المستشفى تقلص كثيرا، فيما تصلنا تحويلات مباشرة من التأمين الصحي، ولا أعلم ما سر عدم التحويل للمستشفيات الجامعية، الا عند الضرورة القصوى”.
يشار الى ان عدد المرضى الداخلين للمستشفى منذ بداية العام الحالي بلغ 25812، مقارنة بالعام الماضي، بحيث بلغ 54547، وبلغ عدد مراجعي العيادات الخارجية منذ بداية العام 250451 مقارنة بـ570421.
بينما بلغ عدد العمليات الجراحية التي اجريت في المستشفى العام الحالي 13855 مقارنة بـ29273 اجريت العام الماضي، وبلغ عدد حالات الطوارئ المراجعة للمستشفى العام الحالي 42910 مقارنة بـ111468 العام الماضي، ويوجد في المستشفى 599 سريرا بنسبة اشغال وصلت إلى 65 %.
زيادات لم يخف ان هناك تحديات تواجه المستشفى، كالتحدي المالي، وهو الأبرز بسبب اعتماد المستشفى على الدخل الذاتي، وصعوبة التحصيل ومحدودية المساحة فيه وطبيعتها الجغرافية التي تحد من التوسع، وإنشاء مواقف للسيارات، بالإضافة للصيانة المستمرة للبنية التحتية، وتطوير وتحسين الرعاية الطبية والبحث العلمي السريري.- الغد