Off Canvas sidebar is empty

متنزهون يعاقبون الطبيعة بترك نفاياتهم بربوعها

أحمد التميمي وعامر خطاطبة وعلا عبداللطيف

إربد- أكياس بلاستيكية امتزجت ألوانها بألوان الورد، وبقايا وجبات غذائية قد تتحلل فيما علبها الفارغة ستبقى للذكرى، هي بالمجمل مخلفات متنزهين، تركت عمدا على بساط الطبيعة الأخضر رغم دعوات متواصلة وجهود رسمية وشعبية لمحاربة هذه الظاهرة، آفة تلويث الطبيعة بعد كل موسم تنزه.
ففي سلوك قد يرفضه حتى مرتكبيه، ما تزال أماكن التنزه عرضة للعقاب من قبل بعض مرتاديها، فبعد أن فتحت الطبيعة ذراعيها وفرشت بساطها الأخضر الموشح بألوان الورد البري لاستقبال ضيوفها المتنزهين الذين طالما انتظروا أجواء الربيع لقضاء أوقات ممتعة، أصر البعض على عدم المغادرة دون ترك تذكار من “النفايات المختلفة”.
وشهدت العديد من مناطق التنزه الطبيعية في إقليم الشمال (إربد وجرش وعجلون) على مدار الأسبوع الماضي توافد مئات المتنزهين، فيما بلغت ذروة التنزه يوم الجمعة.
وقالت رئيسة مبادرة “ميل على إربد” أمل الغوانمة إنه في كل موسم ربيع ينتظر أهالي محافظة اربد وتحديدا البلدات والقرى التي تتميز بالتنوع الطبيعي وازدهار السياحة الربيعية فيها، وصول المتنزهين والزوار إذ يعتبر هذا الموسم منشطا للأوضاع الاقتصادية لكبار وصغار التجار والعاملين في قطاع السياحة من الشباب، وهم يحرصون على جعلها نظيفة دائما ومهيئة لاستقبال الزوار في أي وقت.
واضافت أن الواقع المؤلم هو أن هؤلاء الزوار يتركون خلفهم أطنانا من النفايات المنتشرة في المواقع السياحية الطبيعية مما يفسد ما جاءوا لأجله للتمتع بالأجواء الجميلة والخلابة باعتبارهم ليسوا سكانها ولا شأن لهم بتنظيفها.
وأضافت أن القضية تكمن لدى زوار إربد من خارجها على الرغم من أن هذه المواقع والمقاصد السياحية التي يزورونها تفرح وتزهو بقدومهم بل وتتزين وتتغنى بضحكاتهم وأنه لا يحق لأي شخص أن يترك المنطقة ملوثة تفوح رائحتها بالأوساخ بدلا عن رائحة الزهور.
ودعت الغوانمة الجهات المعنية الى أهمية التوعية الثقافية وتطبيق القانون بكل حزم ودون تهاون وأن يتم فرض مبلغ مالي على مداخل المواقع السياحية مع تسليم الزائر بروشورا للأنظمة والتعليمات والعقوبات التي تفرض على المعتدين على البيئة.
وتبذل وزارتا البيئة والسّياحة والجهات المختصَّة جهوداً كبيرة لبث الوعي بين المتنزهين للمحافظة على الأماكن التي يرتادونها والمحافظة عليها، وعدم تلويثها من الجهات كافة، كي تبقى بأبهى صورة.
وشرَّع الأردن قانوناً خاصاً لإدارة النفايات، وفرض عقوبات مشدَّدة وتدرج بها لتصل إلى الحبس لمدة تصل إلى الشهر وغرامة 500 دينار، في محاولة لحماية الطبيعة في الأردن والأماكن السياحية، لكنَّ هذا القانون يحتاج لتنفيذه وتطبيق نصوصه على أرض الواقع.
وعملت البلديات على حملة تنظيف واسعة لأكوام النفايات التي خلفها المتنزهون، فيما دعت البلديات المواطنين إلى ضرورة عدم ترك المخالفات وراءهم ووضعها بصندوق السيارة ورميها بأقرب حاوية نفايات للحفاظ على المواقع السياحية التي تشهد حركة نشطة في فصل الربيع.
عجلون لم تسلم أيضا مناطقها من آفة التلوث بمخلفات التنزه، بعد أن شهدت جميع مناطق المحافظة حركة تنزه غير مسبوقة، سواء من السكان المحليين أو القادمين من محافظات أخرى، وذلك بسبب الأجواء الدافئة لأول مرة خلال الربيع الحالي.
وتسببت الأعداد الكبيرة من الزوار بانتشار كميات كبيرة من المخلفات في مواقع التنزه، سيما وسط الغابات التي يصعب الوصول إليها من قبل آليات النظافة.
وتبقى نظافة المواقع السياحية وأماكن التنزه في محافظة عجلون بؤرا بيئية ساخنة، وتحديا أمام الجهات الرسمية والتطوعية في الحفاظ على نظافتها، لا سيما مع تزايد أعداد المتنزهين والزوار خلال العطل والأعياد.
وتحاول تلك الجهات التركيز على الجانب التوعوي، وتكثيف الجهود من حيث زيادة مناوبات وآليات وعمال النظافة، وتنظيم حملات تطوعية للعديد من الجهات، خاصة الشبابية.
يقول أحد سكان المنطقة عبدالله اسماعيل إن “مخلفات المتنزهين بدأت بالتراكم مجددا في مواقع التنزه”، مؤكدا “أنها تشكل ظاهرة مقلقة تتسبب بتشويه مواقع التنزه، وتلويث الغابات بمخلفات يصعب تحللها، ما يستدعي تكثيف حملات النظافة وتشديد الرقابة من الجهات البيئية، وفرض غرامات مالية على المخالفين”.
يقول الناشط البيئي علي القضاة إن التنزه العشوائي يتسبب بأضرار بيئية عدة لتلك المساحات الخضراء، مؤكدا أن محدودية المنشآت السياحية، والمتنزهات العامة تضطر السياح والمتنزهين إلى الانتشار في أغلب الغابات والأراضي المملوكة للسكان، وبالتالي التسبب بالحرائق والتلوث جراء ترك المخلفات، مطالبا بزيادة أعداد الحدائق والمتنزهات العامة في جميع مواقع التنزه، وتزويدها بالمرافق الضرورية.
ويتطلب ذلك وفقهم، من الجهات المعنية من بلديات وسياحة، الاستعداد الجيد وتنظيم حملات وفرق تطوعية، وتوفير المتنزهات والحدائق في أرجاء المحافظة وتزويدها بالمرافق الضرورية للحد من السياحة العشوائية وحماية تلك المواقع من التلوث والحرائق.
يقول مدير سياحة المحافظة محمد الديك، إن مسؤولية الحفاظ على مواقع التنزه تقع بالدرجة الأولى على عاتق المتزهين، لافتا إلى الجهود الكبيرة التي تبذلها مختلف الجهات المعنية في هذا المجال من البلديات والسياحة والبيئة والجمعيات المحلية والهيئات التطوعية.
ويؤكد أن مديرية السياحة وضعت العديد من الحاويات المعدنية الكبيرة في مواقع التنزه، خصوصا في مناطق اشتفينا التي تشهد تواجدا كبيرا من المتنزهين.
الغور الشمالي، احد اكثر مناطق التنزه جذبا لتميزه بدفء اجوائه خاصة مع أول أيام الربيع، بات تراكم نفايات المتنزهين هاجسا مقلقا للسكان والجهات المعنية وسط مطالب بضرورة محاربة هذه الظاهرة والتشديد على معاقبة المخالفين.
وأصبحت نظافة المواقع السياحية وأماكن التنزه في لواء الغور الشمالي إحدى البؤر البيئية الساخنة، وتحديدا أمام الجهات الرسمية والتطوعية في الحفاظ على نظافتها، بخاصة مع تزايد أعداد المتنزهين والزوار خلال مواسم التنزه اذ شهد لواء الغور الشمالي خلال الاسبوع الماضي آلاف الزوار من مختلف المحافظات إضافة إلى توافد العديد السياح من دول عربية مجاورة.
ناشطون ومهتمون بالشأن البيئي في اللواء، أكدوا أن التخلص من هذه الظاهرة التي تورق موظفي البلديات وعمال النظافة، يتطلب مزيدا من الجهود، وذلك بالتركيز على الجانب التوعوي، وتكثيف المناوبات وعمل آليات وعمال النظافة، وتنظيم حملات تطوعية دوريا للعديد من الجهات، بخاصة الشبابية، وتخصيص مواقع محددة للتنزه.
وقال صاحب منتزه سياحي إن المنتزه شهد حضورا كبيرا من المواطنين ولكنه فوجئ بكمية الإهمال واللامبالاة من بعض الزوار، مضيفا “النفايات تترك في مكانها والنيران كذلك” مبديا تخوفا من وقوع كوارث كالحرائق بفعل الرياح إذا ما استمرت هذه السلوكيات السلبية.
وقال حسن الخالد -اسم مستعار- أحد سكان منطقة الباقورة، إن “مخلفات المتنزهين بدأت بالتراكم مجددا في مواقع المنتزه، ووسط الغابات مع عودة الحياة لطبيعتها وفتح القطاعات”.
وقال إن التنزه العشوائي يتسبب بأضرار بيئية للمساحات الخضراء، مؤكدا أن محدودية المنشآت السياحية، والمتنزهات العامة، تجبر السياح والمتنزهين على التواجد في مناطق لا تصلح للتنزه العام، ومن ضمنها تواجد المتنزهين بالقرب من مسطحات مائية خطرة، كقناة الملك عبدالله والبرك الزراعية والسدود، فيما يضاف إلى عامل الخطورة مساوئ إلقاء النفايات في هذه المسطحات المائية. الغد