Off Canvas sidebar is empty

تغير التوقيت الشتوي ليل اليوم

عمان- بدءا من الليلة، سيتم العمل بالتوقيت الشتوي، بتأخير عقارب الساعة 60 دقيقة، لتتقلص ساعات النهار، ويزداد الليل طولاً، ما له انعكاسات على سير الحياة اليومية، وهذا أوجد انقساما بين الناس، فمنهم المُحب للتغيير وآخرون لا يرون فيه سوى ساعات ليل طويلة تزيد من الكآبة في فصلي الخريف والشتاء.
مريم بريزات من بين من يغطون بحالة كآبة عند الانطلاق بالتوقيت الشتوي نهائياً وبخاصة في بدايات التطبيق، معللة ذلك بقلة ساعات النهار، “فلا يوجد فيها بركة”، كما تقول، ولا تجد متسعاً من الوقت للكثير من الأعمال اليومية في البيت، بالإضافة إلى أنه لا يوجد وقت لممارسة أي نشاط ترفيهي لها من زيارات أو “طلعات للتسوق” على سبيل المثال.
ومريم التي تؤجل خروجها من المنزل عند تطبيق التوقيت الشتوي خلال ساعات المساء، كون الليل طويلا ولا يوجد فرصة بالنهار للخروج، تؤكد أن ذلك يسبب لها الإزعاج والتوتر، كونها لديها أطفال سيخلدون للنوم للتوجه مبكرا إلى المدارس في اليوم التالي.
وتشير مريم إلى أنها شعرت بالتفاؤل والسعادة عندما سمعت باحتمالية إلغاء التوقيت الشتوي، إلا أن هذا التفاؤل لم يدم طويلاً بعد أن أصدرت الحكومة قراراً بتحديد التوقيت الشتوي ليل السابع والعشرين من هذا الشهر.
وجهاد مرعي أيضا لا تُفضل التوقيت الشتوي؛ إذ إن طبيعة عملها في “الشفت المسائي”، لذلك تشعر بأن الليل حلّ مبكراً حتى قبل توجهها للعمل والخروج من بيتها، وهذا يسبب لها الانزعاج من هذا التوقيت الذي يقلل من ساعات النهار في يومها.
وتعتقد مرعي أن التوقيت الشتوي في المقابل له إيجابياته عند البعض أو بحسب طبيعة العمل والحياة اليومية للأشخاص، لذلك لا يمكن الحكم على التوقيت الشتوي من خلال وجهات نظر تختلف من شخص لآخر.
ومنى توفيق الموظفة في إحدى الجامعات، والتي تضطر للبقاء في الدوام حتى الرابعة مساءً، تشكو من التوقيت الشتوي ومن أنه يسبب لها الاكتئاب، موضحة أنها لا تكاد تصل إلى البيت إلا وقد حلّ الليل، ولا تجد لنفسها وقتاً كافياً للجلوس مع عائلتها وأبنائها ومتابعة دراستهم بشكل دقيق، كونهم يخلدون إلى النوم مبكراً لشعورهم بالنعاس بسبب الأجواء الباردة التي تترافق مع بدء التوقيت الشتوي.
لذلك، تقوم منى بتغيير نظام الحياة لدى أبنائها في هذه الفترة، بحيث تطلب منهم أن يناموا ساعة تقريباً بعد العودة من المدرسة، ليكونوا قادرين على الاستيقاظ في ساعات المساء، لتتمكن من متابعة دروسهم والجلوس معهم لفترة من الوقت، قبل أن يخلدوا إلى النوم مرة أخرى.
وبسبب تزامن التوقيت الشتوي مع حلول فصل الخريف، ترى منى أن هذا قد يكون سببا كافيا للشعور بالاكتئاب أو ضيق الوقت خلال اليوم، إلا أن ذلك قد يستمر لمدة شهر تقريباً، قبل أن يعتاد الناس على هذا التوقيت.
ومن خلال الدراسات الخاصة حول التوقيت الشتوي، فقد تبين أن بدايات العمل به تعود للعام 1784، بعد أن أطلقه مندوب الولايات المتحدة في فرنسا بنيامين فرانكلين ضمن خطته الاقتصادية، إلا أن الحكومة لم تأخذ برأيه آنذاك، فيما أعاد وليم ولست ليتقدم بالفكرة ذاتها أمام البرلمان البريطاني العام 1907 ليتم تبنيها في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية خلال الحرب العالمية الأولى بهدف توفير الطاقة، حتى انتشر تطبيق هذا النظام في أكثر من 87 دولة حول العالم.
وبهذا الشأن، تقول الأخصائية النفسية والأسرية الدكتورة خولة السعايدة، إن أي تغيير قد يحدث للإنسان من شأنه أن ينعكس على مزاجه ونفسيته، وهذا أمر طبيعي للنفس البشرية التي تتأثر بالأجواء المحيطة، كما في الشتاء والصيف والخريف، فهناك حالات مرضية مؤقتة تتأثر بأوقات الخريف وتساقط الأوراق وتداخل الأجواء، وقصر الساعات التي تسطع فيها الشمس، وقد يظهر ذلك جلياً مع أول أيام التوقيت الشتوي الذي أمسى يرتبط بفصل الخريف، وهو ما يسمى بـ”اكتئاب الخريف”.
وفي المقابل، فإن لكل ظرف ووقت أنصاره، فعلى سبيل المثال، قد يرى محبو السهر والجلوس في البيت أن هذا التوقيت هو الأنسب لهم، كون الليل طويلاً، وقد يكون فرصة للالتقاء، بأجواء الشتاء الحميمية، كما تراها ندى زين الدين.
وتقول ندى إنها بعد عودتها من الجامعة، وفي ساعات متأخرة أغلب الأوقات، إلا أنها تستمتع بعد ذلك بأجواء السكينة في الليل، والجلوس مع العائلة في أجواء قد تكون ماطرة، وباردة تستلزم من الجميع الجلوس في البيت، وهي تربط دائماً ما بين التوقيت الشتوي والسهر في البيت ومتابعة بعض البرامج التلفزيونية التي قد لا تجد متسعاً من الوقت لمتابعتها في أيام الصيف.
ومن الفوائد الأخرى التي تجدها ندى في التوقيت الشتوي، الحصول على ساعة نوم “زيادة” في الصباح الباكر، كما يشعر الكثير من الناس، حتى غير المتقبلين للتوقيت الشتوي، فهي قبل أن تتوجه إلى الجامعة، تشعر أنها تستيقظ بكل نشاط، لتعود بعد نهارٍ طويل، إلى البيت بأجواء تفضلها في مثل هذا الوقت من كل عام.
وتعتقد السعايدة أن السبب في عدم تقبل التوقيت الشتوي وحالة الاستياء منه، أن الإنسان يؤقلم نفسه ودماغه وحياته اليومية على روتين معين عادةً ما يرتبط بساعات يومه، لذلك تتغير تلك الساعة البيولوجية للإنسان ويتغير روتينه مع وجود تغيير في ساعات النهار والليل، فنجد أن هناك من يجد صعوبة في تقبل التوقيت وآخر قد يكون ذا شخصية مختلفة يرى فيه فرصة للسكون والجلوس في البيت لساعات طويلة.
لذلك، على الإنسان أن يكون قد اعتاد على هذه التغييرات في كل عام، كما تبين السعايدة، وعليه أن يتقبل الوضع وأن يستعد له نفسياً من خلال تنظيم حياته على النمط الذي يناسبه في هذه الفترة، ويبحث عما يعزز الروح الإيجابية فيه ويشعره بالراحة السعادة، وأن يرى الموضوع من زاوية تدعمه.- الغد