عمان – رسمي الجراح
تعد دراسة الفنانة اسلام اللبون الفنية المحكمه بعنوان " الشَّكل والمحتوى في كتاب الفنّان العربيّ" الاولى في الوطن العربي حيث قُدِّمَتْ تلك الدراسة للحصولِ على درجةِ الماجستيرِ في تخصُّصِ الفنونِ التَّشكيليَّةِ في جامعةِ اليرموكِ ، والتي اشرف عليها الدكتور الفنان خالد الحمزه ومديرعام المتحف الوطني الاردني للفنون الجميله د. خالد خريس ود. عبدالله عبيدات .
تاتي الدراسة بمثابة اضافة علمية في مجال الفنون للمكتبة العربية , وتشير الباحثه الى ان تشيرُ معاينةُ بعضِ التَّجاربِ في مجالِ كتابِ الفنّانِ، وهو الشَّكلُ الفنّيّ الذي ما زال حديثَ العهدِ إلى أنَّ الاهتمامَ بهِ في تعاظمٍ مطّردٍ، وذلكَ لما يتضمَّنُهُ من قيَمٍ فنَّيَّةٍ عاليةٍ ووسائط تعبيرٍ مميَّزةٍ لا توفِّرُها الأشكالُ الفنّيَّةُ الأخرى. ويحتلُّ كتابُ الفنَّانِ مكانةً رفيعةً على صعيدِ الخطابِ الفّنيِّ، فهو وسيلةُ تعبيرٍ قريبةٍ من أوسعِ القطاعاتِ العامَّةِ، ما قد يمكِّنُهُ بالتَّالي من الإسهامِ بردمِ الهوَّة بين الفنّانِ والمتلقي. وبعد أنْ كان لزمنٍ طويلٍ نشاطاً نخبوياً قاصراً على فئاتٍ محدودةٍ . فإنَّه قد أصبحَ الآنَ بفضلِ التَّقدمِ العلميّ متعدِّد النُّسخِ بوساطةِ الطِّباعةِ التَّقليديَّةِ أو الرَّقميَّةِ.
وبحسب الدراسة يُشكّلُ كتابُ الفنّان أحدَ الممارساتِ الفنّيّةِ المعاصرة التي تُقدمُ مساحةً للتَّعبيرِ عن كثيرٍ من الأفكارِ والرؤى التَّشكيليّةِ المجتمعةِ في بيئةٍ غيرِ متوقَّعةٍ، عبرَ توظيف بصريّ لكلِّ من النَّص المكتوبِ والمفرداتِ التَّشكيليّة، حيثُ يتحوَّلُ الحضورُ الفنَّيُّ للكتابِ إلى نصٍّ إبداعيٍّ صالحٍ للعرضِ في الصَّالاتِ والمعارضِ التّشكيليّةِ والمتاحفِ. إنَّها توفِّرُ مادَّة خصبة من الخيالاتِ والألوانِ والكلماتِ المكتوبةِ والمرسومة بأشكالها كافَّة. كما تتعايشُ جميعُ المحتوياتِ في كتابِ الفنّانِ مع بعضِها وتتفاعلُ وتتشكّلُ في عملٍ إبداعيٍّ مستقلٍ، يتجاوزُ القوالبَ التَّقليديَّةَ التي قد لا تتمكَّنُ من تلبيةِ حاجاتِ الفنّانين، ما يجعلُهم يتَّجهونَ إلى كتابِ الفنّانِ.
أسهمتْ تجربةُ الباحثةِ، والمتمثِّلةُ بتنفيذِ بعضِ الأفكارِ التي وظَّفتْ كتابَ الفنَّانِ كشكلٍ فنّيّ، بالإضافةِ إلى اطِّلاعِ الباحثةِ على عددٍ من التَّجاربِ والأعمالِ في هذا المجالِ، ما ساعدَها في التَّعرُّفِ على الآفاقِ الرَّحبةِ فيه، وشجَّعها كذلكَ على الشُّروعِ بإجراءِ هذه الدِّراسةِ العلميَّةِ بغيةَ الولوجِ إلى أعماقِهِ واكتشافِ أبعادهِ.
سعت الباحثةُ إلى التّعريفِ بكتابِ الفنّانِ كشكلٍ فنّيّ مختلفٍ عن القوالبِ التَّقليديَّةِ، بهدفِ تأصيلِ مفهومٍ مستقلٍ له، وتحديدِ سِماتِه المميَّزةِ، والإسهامِ بالتَّعريفِ بدورِه الثَّقافيّ خارجَ أُطُرِ الفنِّ المؤسسيَّةِ التّقليديَّةِ. وتتَّجهُ الدِّراسةُ إلى البحثِ في مدى الإنسجامِ بينَ الشَّكلِ والمحتوى في كتابِ الفنّانِ العربيّ، ودورِ ذلكَ في تمكينِهِ من تحقيقِ أهدافهِ بما يلائمُ أفكاره، وجعلَ الكتاب نصّاً بصريّاً له كينونتُه الخاصَّة بهِ.
تكمنُ أهميةُ الدِّراسةِ في الكشفِ عن تفاصيلِ التَّشكيلِ والعلاقةِ بينِ الشَّكلِ والمحتوى في كتابِ الفنّانِ العربيِّ. ومعرفةُ وتحديد أسلوبِ الفنّانِ في فَهم العلاقةِ بينَ الأبعادِ الدَّلاليّةِ لمحتوى الكتابِ من حيثُ المضمونُ من جهةٍ، والأبعادُ الدَّلاليَّةُ المرئيّةُ التي يقدِّمها الفنّانُ عبرَ العملِ التَّشكيليّ من جهةٍ أُخرى، وذلكَ بهدفِ خلقِ نظامٍ تواصليٍّ مُركَّبٍ يُعيدُ إنتاجَ الفكرةِ بوساطةِ أنظمةٍ بصريّةٍ متعدِّدةِ البِنى.
حملت الدراسة عدد من التوصيات من ابرزها إجراءُ المزيدِ من الدرِّاساتِ حولَ أعمالِ كتابِ الفنّانِ، حيثُ يتمُّ تحليلُ خصائِصِها الفنّيّةِ المختلفةِ، وتقديمِ قراءاتٍ نَقديَّةٍ للتَّجاربِ المُختلفةِ في هذا السِّياقِ.وإجراءُ دِراسةٍ مقارنةٍ تسعى إلى تحديدِ العلاقةِ بينَ اتِّجاهاتِ وسماتِ تَوظيفِ الشَّكلِ والمحتوى في كتابِ الفنّانِ المعاصرِ وتأكيدِ العلاقة بينَهما، على المستوى العالميِّ من جانبٍ، وعلى المستوى العربيِّ من جانبٍ آخر.