Off Canvas sidebar is empty

مسابقة غنائية أوروبية تتحول مسرحاً للتصفية السياسية


باريس - أ ف  ب - بعد ستة عقود على إطلاق «يوروفيجن» في سويسرا سنة 1956 للترويج للوحدة الأوروبية، تحولت هذه المسابقة مسرحا لتصفية الحسابات السياسية ما تجلى مجددا هذه السنة بالخلاف بين موسكو وكييف في شأن اختيار المرشحة الروسية. وقد أثار قرار أوكرانيا البلد المضيف لدورة العام 2017 حظر دخول المرشحة الروسية يوليا سامويلوفا إلى أراضيها إثر إحيائها حفلا في شبه جزيرة القرم بعد ضمها إلى روسيا، سخط السلطات في موسكو التي قررت من جهتها عدم المشاركة في المسابقة في نهاية المطاف.

في أيار 2016، شكلت الدورة السابقة التي أقيمت في ستوكهولم ساحة جديدة للحرب الأوكرانية الروسية. فالمرشحة الأوكرانية التي فازت بالمسابقة تطرقت في أغنيتها «1944» إلى تهجير التتار من القرم في عهد ستالين خلال الحرب العالمية الثانية. وهي استوحت هذا العمل الموسيقي من ذكريات الترحيل التي روتها لها جدتها.

واعترضت روسيا التي ضمت شبه جزيرة القرم إلى أراضيها في آذار 2014 على هذا الخيار وندد عدة مسؤولين روس بهذا الفوز الذي يكتسي طابعا سياسيا في نظرهم، ويجحف بالمرشح الروسي سيرغي لازاريف الذي كان الأوفر حظا للفوز بحسب المراهنين والمشاهدين.

وقبل سنتين، كان فيتالي كليشكو المرشح لرئاسة بلدية كييف قد دعا الأوروبيين إلى التصويت لبلده تضامنا معه. وتعرضت المرشحتان الروسيتان لإهانات خلال أدائهما في تلك الدورة، في حين اعتُبر فوز المغني النمسوي المتشبه بالجنس الآخر كونشيتا فورست صفعة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي قام بانتقاده.

بغية تفادي التوترات السياسية، طُلب مرات عدة من مشاركين في هذا الحدث تعديل أغنياتهم أو تغييرها بالكامل. ففي العام 2015 مثلا، أعيدت تسمية أغنية الفرقة الأرمنية «فايس ذي شادوو» (واجهوا الظلّ) بدلا من «دونت ديناي» (لا تنكروا)، وهو عنوان فُهم على أنه موجه مباشرة إلى تركيا التي ترفض الاعتراف بالمجازر التي وقعت سنة 1915 في حق الأرمن.

وفي العام 2009، بعد أقل من سنة على النزاع بين روسيا وجورجيا، طلب القيمون على الحدث من الفرقة الجورجية إعادة صياغة أغنيتها «وي دونت وانا بوت ين» التي تنطوي على تلميح واضح ضد بوتين. فرفضت جورجيا ذلك وانسحبت من المسابقة.

وقبل سنتين، نجحت إسرائيل في تمرير أغنيتها «بوش ذي باتن» (اضغطوا على الزر) التي فُسرت على أنها دعوة لقصف إيران.

وفي دورة العام 2005، اضطرت فرقة «غرينجولي» الأوكرانية إلى التخفيف من شدة كلمات أغنيتها التي كانت بمثابة نشيد للثورة البرتقالية التي أوصلت المعارضة الموالية للغرب إلى الحكم. وقد أثار الاختيار المفاجئ لهذه الفرقة الموسيقية التي لم تكن معروفة قبل الثورة موجة من الانتقادات واتُهمت السلطات الأوكرانية بالتلاعب بالتصويت.

لا تحصى الحوادث الدبلوماسية التي وقعت في فعاليات «يوروفيجن»، من مقاطعة النمسا للدورة المنظمة سنة 1969 في إسبانيا في عهد الديكتاتور فرانكو إلى رفض أرمينيا المشاركة في دورة العام 2012 في أذربيجان.

لكن الحرب العالمية الثانية هي التي طبعت بصمتها على هذه المسابقة الفنية التي أطلقتها المحطات العامة الغربية في تلك الفترة والتي انضمت إليها يوغوسلافيا سنة 1961، في خطوة اعتبرت دليلا على استقلال البلاد في عهد تيتو عن قبضة موسكو.

وفي العام 1968، خلال قمع السلطات الروسية للموجة المعروفة بربيع براغ، اختارت النمسا مغنيا تشيكيا ليمثلها في المسابقة.

وعند سقوط الستار الحديدي، كان الانضمام إلى مسابقة «يوروفيجن» أول القرارات التي تتخذها بلدان الاتحاد السوفياتي السابق.