غيتا باندي بي بي سي - نيودلهي
نيودلهي - إذا سألت أي امرأة إن كان معظم الرجال مولعين بالصدور، فستأتيك الإجابة بالإيجاب.
لكن إذا سألت الفنانة الهندية إندو هاريكومار عن الأمر، ستقول لك إن معظم النساء مهووسات كذلك بصدورهن.
وعلى مدار شهرين، عكفت هاريكومار على مشروع فني يعتمد على تجارب شخصية، أُطلق عليه "Identitty"، وهو تلاعب لفظي باللغة الإنجليزية ليمزج كلمتي "الهوية" و"صدور".
وتقول هاريكومار "قبل نحو عام، كنت أتحدث مع امرأة عبر (تطبيق) إنستغرام، وبدأنا الحديث عن صدر المرأة. كانت تقول إن صدرها كبير الحجم، وتحدثت عن رد فعل الرجال عندما كانت تدخل مكان ما، وكيف أنهم لا يرون إلا صدرها الكبير. كما تحدثت أنا عن شعوري بعدم الاكتفاء منذ سن المراهقة لأن صدري ليس كبيرا".
وتضيف الفنانة "كانت تجربتنا مختلفة، وإن حملت بعض التشابه أيضا. لذا سألتها إن كان ترى أن الموضوع يصلح لمشروع مثير، فقالت نعم. ثم رُحت استطلع الآراء من حولي لأبحث إذا كانت النساء ستشارك (في مثل هذا المشروع)، فقالت كثيرات إنهن سيسهمن في العمل. فقررت أن أبدأ المشروع".
الخطوة التالية كانت البحث عن اسم للمشروع.
وتقول هاريكومار "طلبت إبداء اقتراحات لتسمية المشروع، واقترحت صديقة إطلاق كلمة (Identitty) التي اعتقدت أنها مناسبة جدا".
وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، كتبت الفنانة، التي تعيش في مومباي وتنشط على تطبيق إنستغرام، منشورا تطلب فيه من النساء المشاركة بـ"قصص شخصية" عن صدورهن، وعن مشاعر البهجة أو الحزن، وحتى الخزي، المرتبطة بـ"أكثر جزء مفضل في جسم المرأة مناقشة وتصويرا في العالم".
كما طلبت هاريكومار إرسال صور ملونة لصدور المشاركات. وكان لهن حق اختيار إرسال الصور وهن عاريات أو هن يرتدين "حمالات صدر أو قطع نسيج أو قطع قماش شفافة، أو وضع زهور أو نقوش حناء". كما كان لهن حق اختيار إظهار الوجه أو تغطيته. وطُلب منهن تحديد أكثر وضع يُفضّلن أن يُرسمن فيه.
وتقول الفنانة إن الاستجابة كانت مذهلة، لأن "كل امرأة لديها قصة لصدرها. شكل وحجم الصدر يسهم في تحديد شخصيتك".
ولنتحدث على سبيل المثال عن التجربة الشخصية هاريكومار نفسها.
تقول الفنانة "في سن المراهقة كنت نحيفة القوام وأترقب بروز الصدر قليلا. فالمراهقون يهتمون جدا بالفتيات اللواتي تكون صدورهن متشكلة جيدا. ومثيلاتنا عديمات الصدور يفكرن دائما في أنهن لن يعثرن على من يقع في حبهن".
وتروي أنها شعرت بأن "ثمة شيء خطأ" في جسدها، وأنها "غير جديرة بالحب"، وتصف كيف قادها هذا الشعور إلى "علاقات فاسدة" لأنها كانت تعتقد أنه ينبغي لها أن "تتشبث بكل ما تحصل عليه". وهي حاليا شابة ثلاثينية وتعتقد أنها تتمتع بجسد جميل، لكنها تقول إن الأمر استغرق منها وقتا طويلا لتصل إلى هذا الوضع.
ولهذا شعرت بـ"تفهم تام" لحالة امرأة كتبت لها أنها تشعر بأنها "نصف إنسانة" لأنها "صغيرة حجم الصدر".
وعلى الرغم من هذا، يلعب الحجم دورا مزدوجا عندما يتعلق الأمر بعدم رضاء الكثير من النساء وما يشعرن به تجاه أجسامهن. فقد أشار مسح شمل 384 امرأة بريطانية إلى أن 44 في المئة منهن يرغبن في صدور أكبر حجما، في حين ترغب 31 في المئة منهن في صدور أصغر.
وتقول هاريكومار إنه في الوقت الذي كتبت نساء صغيرات الصدور عن شعورهن بعدم الاكتفاء، فإن كثيرا من النساء كبيرات الصدور كتبن عن شعورهن بالخجل وعدم الراحة بسبب حجم صدورهن.
وتروي الفنانة عن امرأة كبيرة الصدر إنها "أخبرتني أنها ترتدي دائما حمالات صدر ضيقة كي تجعل صدرها يبدو أصغر لأنها تخجل من جذب الانتباه إليه".
وفي قصة أخرى وصلتها عبر إنستغرام، قالت مشاركة "تبدو لي فكرة جاذبية الصدر الأكبر حجما كذبة كبيرة. يوجد ألم أشعر به عندما أركض، وإحراج يخالجني عندما أذهب إلى صالة الألعاب الرياضية، وأوضاع الصدر في تدريبات اليوغا المختلفة. أنا حاليا أرضع طفلا، وقد أصبح حجم الصدر أكبر".
لكن على الرغم من حالة الخجل التي تتسلل إلى معظم القصص، فإن الرسومات تعكس بهجة النساء واعتزازهن بأجسامهن، مثل "امرأة أرادتني أن أرسمها في غرفة النوم لأنها تدرك قدر تأثير صدرها على الرجال، وتدرك قوته".
ويرجع تميز المشروع إلى أن المجتمع الهندي مازال محافظا بدرجة كبيرة، ويفترض أن تكون النساء محتشمات الزي. وخارج المدن الكبيرة، لا تزال فتحة الصدر في الملابس قريبة من الرقبة، كما لا تزال الحافة السفلى للزي قريبة من الأرض. وحتى بروز حمالة الصدر من أسفل قميص المرأة يثير انتقادا.
ومنذ إعلان هاريكومار عن مشروعها، امتلأ صندوق بريدها الإلكتروني بالرسائل. وخلال أقل من شهرين، استلمت ما بين 50 و60 قصة، بالإضافة إلى الصور. وقد رسمت حتى الآن 19 صورة لهذه القصص.
وتقول إن الاستجابة جاءت من شتى أرجاء الهند، من مدن كبرى و قرى صغيرة، من نساء تتراوح أعمارهن من 18 عاما إلى 50 عاما. غير أن رسوماتها الفنية لا تحدد موضوعات أو تشير إلى أي مكان، وهو ما يسمح للنساء بالكشف عن أجسامهن و مناقشة مشاعر حميمية جدا في مساحة آمنة مبنية على تجارب مشتركة.
وأتاح لها ذلك كما كبيرا من الذخيرة لمشروعها.
وتقول ضاحكة "لم أنظر على الإطلاق إلى أجسام من أحببتهم (من الرجال) بنفس القدر من التأمل الذي نظرت به إلى هذه الصور".