Off Canvas sidebar is empty

علماء: الكوابيس مفيدة لصحتك النفسية

لندن -  سواء كنت تنام بشكل مريح أو بتململ، من المحتمل أنك استيقظت في إحدى الليالي وأنت تتصبب عرقا وقلبك يرتجف خوفا، ولم تتنفس الصعداء إلا حين أدركت أن الشخص الذي كان يطاردك في زقاق مظلم كان جزءا من مجرد كابوس مزعج.

وفي تقريرها الذي نشره موقع “ميديوم” الأميركي كما نقلت الجزيرة، قالت الكاتبة تيسا لوف إنه من الشائع أن تجعلك الأحلام المزعجة تستيقظ من نومك وأنت تشعر بالخوف، فقد أكدت الجمعية الأميركية لطب النوم أن نحو 85% من البالغين يرون كوابيس من حين لآخر، وهي عبارة عن أحلام قوية ومزعجة تثير مشاعر التهديد أو القلق أو الخوف أو مشاعر سلبية أخرى.

وتعد الكوابيس من مظاهر النوم الطبيعية، وإن كانت تثير الرعب في نفوسنا قليلا، لكن انتشارها يثير سؤالا مهما: هل هناك سبب يجعل عقولنا تضعنا في هذه السيناريوهات المخيفة؟

أوردت الكاتبة أن الخبراء يعتقدون أن الكوابيس تؤدي هدفا معينا. ورغم عدم وجود نظرية واحدة وموحدة تحدد ماهية هذا الهدف، فإن الأبحاث أظهرت بشكل متزايد أن الكوابيس يمكن أن تساعد الأشخاص على تحسين حياتهم حين يكونون مستيقظين.

أمام هذا الأمر، قالت ديردري باريت، وهي عالمة نفس أميركية وأستاذة بجامعة هارفارد ومؤلفة كتاب “لجنة النوم”؛ “إن محتوى الحلم يدخل في دوائر متكررة بالطريقة ذاتها التي يعمل بها تفكيرنا اليقظ. كل ما تفكر فيه أو تكافح من أجله أثناء الاستيقاظ يميل إلى الظهور في هذه الحالة بشكل أكثر مجازا، ويكون بصريا أكثر وأقل شفوية”.

وأضافت باريت أن الكوابيس هي طريقة العقل في “توقع الأمور السيئة بطريقة مثيرة للقلق ومحاولة التفكير فيما يجب فعله”.

رد فعل
من جهة أخرى، يعتقد العديد من الخبراء -بما في ذلك باريت- أن الكوابيس تطورت كرد فعل عصبي تجاه التهديدات التي تفرضها الحياة والنظام الاجتماعي.

وأوضحت باريت أن “رؤية كابوس متكرر لصدمة ما يساعد في إبقائك على أهبة الاستعداد، لكن في مجتمع اليوم ليست هذه هي الحال، لكن لا يزال لدينا تلك الآلية الغريزية”.

وأشارت الكاتبة إلى أن هذه الغريزة قد تكون مسؤولة عن نوع الكوابيس التي يكون ضررها طفيفا، أي تلك التي تسببها اضطرابات ما بعد الصدمة.

وعلى عكس الكوابيس العادية، غالبا تحدث الكوابيس الناتجة عن اضطراب ما بعد الصدمة خارج مرحلة نوم حركة العين السريعة، وهي حالة النوم العميق التي تحدث فيها معظم الأحلام العادية.

ورغم أن الكوابيس العادية تكون غالبا سيناريوهات مكتملة ولا تؤثر على حياة الحالمين عند استيقاظهم، فإن الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة يكونون أكثر عرضة لرؤية كوابيس مزعجة للغاية، والتي تعد إعادة تمثيل لصدمة حقيقية مروا بها.

وذكرت الكاتبة أن مجموعة متنوعة من الكوابيس تظهر المخاطر المحتملة للشخص الحالم، وقد تكون أو لا تكون لها علاقة بما يخافونه في الحياة اليومية.

ويقول جون آلان هوبسون، وهو طبيب نفسي في كلية الطب بجامعة هارفارد، إن وجود غريزة الحلم هذه ما زال يعد جانبا رئيسيا لسلامة حياتنا في اليقظة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الكوابيس تعد بمثابة كيفية استجابة البشر للمحاربة أو الهروب في السيناريوهات الخطيرة في العالم الواقعي، بغض النظر عن احتمال حدوث تلك الأحداث في الحقيقة.

ورغم أن هذه النظرية قد تبدو غير واضحة، فإن دراسة حديثة وجدت أن الكوابيس يمكن أن تساعد في الواقع في التخفيف من حدة القلق حول مواقف الحياة الواقعية عبر العمل كتمرين عاطفي.

تعديل الخوف
وأجرى الدراسة باحثون من جامعة جنيف وجامعة ويسكونسن والمستشفيات الجامعية في جنيف، ووجدوا أن الشعور بالخوف في الأحلام يمكن أن يساعد في تعديل الخوف في حياة اليقظة.

ونوهت الكاتبة إلى أن هذه النظرية ليست صحيحة تماما؛ فقد خلصت بعض الدراسات إلى أن الكوابيس من الممكن أن تغذي القلق بدل الحد منه. فعلى سبيل المثال، حللت دراسة نشرت عام 2009 أحلام ومستويات الإجهاد لدى 624 من طلاب المدارس الثانوية، ووجدت أن أولئك الذين ذكروا أنهم يشعرون بالانزعاج إزاء أحلامهم كانوا أكثر احتمالا للإبلاغ عن معاناتهم من القلق.

وفي دراسة صغيرة أخرى نشرت عام 2019، وجد الباحثون أن مناطق الدماغ المرتبطة بالعواطف السلبية في الأحلام كانت نشطة بعد مشاهدة صور مزعجة، مما يدل على أن الكوابيس يمكن أن تعزز في الواقع المعاناة في الحياة اليومية.

قد تكون الأحلام السيئة طريقة العقل للتعبير عن الحالة العاطفية السيئة. وعموما، هناك حاجة إلى مزيد من البحث حول كل هذه النظريات لكي نفهم على وجه التحديد كيفية تأثير الكوابيس على حياتنا اليومية، وكيف يمكن للناس أن يفهموا أنفسهم بشكل أفضل من خلال رؤاهم الليلية الأكثر قتامة.الغد-