شو في نيوز - – يفتتح عند السادسة من مساء الثلاثاء المقبل 15 من الشهر الجاري في جاليري بنك القاهرة عمان المعرض الفني المشترك للفنانيين المصري وليد عبيد والقطري سلمان المالك والاردني محمد الجالوس, ويحمل المعرض عنوان "3 *1 بين الواقعية والتجريد تكامل" والمعرض يقام بالتعاون ما بين جاليري المرخية بقطر وجاليري بنك القاهرة عمان ويستمر المعرض حتى منتصف الشهر المقبل .
جاء في الكلمة المشتركة للفنانين كانت الطبيعة وما تزال , هي جوهر المعنى وخلاصه , ولانها مصدر المعرفة , والدافع للبحث عنها , بقي الفنان , وفيا" لها , رغم المسافة التي قد تبد ونائية , بانزياح , نحو تفاصيلها , لا هي بكليتها , جوهر ما اطلق عليه لاحقا" ( التجريد ) واستطيع القول , ان كاندينسكي , في محاولاته الاولى لرصد هذا البحث وتطبيقه على الشكل , كان يتكيء على غابة بلا ضفاف , غابة المرئي اللانهائية , وعليه فقد عبر الفيلسوف هيغل عن هذه الكينونة البصرية المستحدثة وقال قولته الشهيرة ( في الطبيعة اشكال تجريدية لا حصر لها , يعجز عن مضاهاتها اعتى المجردين ) .
فهذه التجربة الثلاثية والتي قد تبدو متناقضة , من حيث انتمائها لعالمين احدهما انعكاس ضمني للاخر , فهي في عمق البحث الشكلاني , اذا ما رصدنا روح التجريد واعدناه الى مرجعه الام , الطبيعة , فالاشكال المرئية بهيئتها , يمكننا الان تفصيلها وفكفكته الى اجزاء صغيرة , , يمكن ان نطلق عليها فنا" ( مجردا" ) رغم ابتعادها المؤقت , عن صيرويتها , شكلها المرئي الكلي , فالمجرد هنا , هو ذاته الطبيعي الواقعي , ولكن بعباءة الزاهد المختزل , المعبر ربما عن روح الشكل وضميره المستتر .
فقد يرسم العديد من الفنانين ذات الموديل , لكن النتائج تكون متباينة , لا نجدها فعلا في المشهد , والذي تم ابتكاره بأبجديات الواقع, لكن مضافا اليه لمسات واخراج , تخلق واقعا آخر من نتاج الهام الفنان , فالامر لا يتعلق فقط بالمرئي , ولكنه يتعلق في خلق واقع جديد غير الواقع المعاين , وتلك هي شخصية الفنان , وبصمته الخاصة , فثمة علاقة تبادلية تجعل التجريد بمفهوم ما , واقعي وتجعل الواقعي تجريديا" , وفي النهاية , اللوحة بأثرها في النفس لا بما تحتله من مساحة او مظهر.
وهي محاولة للتكامل وجسر المعنى , وتضييق الهوة اللفظية لا جوهرها , بين ( الواقعية والتجريد) عنوان هذا المعرض المتنقل , والذي سيحتضنه غاليري بنك القاهرة عمان في الاردن وغاليري المرخية في قطر , والذي سينتقل لاحقا" الى القاهرة , لتتواصل الرحلة , وتتكامل اهدافها , في فن عربي من الماء الى الماء , قد تتسع فيه العبارة , ليشمل تجارب اخرى , لها ذات البحث وربما ذات الشغف .
وفي كلمة جاليري المرخية " استذكر الجاليري التجربة بالاتي " مضت سنتان على رعاية جاليري المرخية للتجربة الأولى لثلاثة فنانين عرب في معرض بعنوان "أبعد من المسافة" الذي جال في ثلاث عواصم عالمية، وها هو المعرض يعود في نسخته لعام 2024 بعنوان "بين الواقعية والتجريد"، ليقف الجمهور أمام ثلاثة عوالم تشكيلية لثلاثة فنانين، وهم: القطري سلمان المالك، والأردني محمد الجالوس، والمصري وليد عبيد، بحسب الترتيب الأبجدي.
لكل من الفنانين المعروفين في المشهد التشكيلي العربي خصوصياتهم التي تجعل المشاهد يخوض رحلة بصرية متنوعة، ولكنهم في الوقت ذاته يشتركون في ملمح سرّي ألا وهو دافعيتهم الدائمة نحو تطوير اقتراحات فنية تجعلهم يولدون دائماً من جديد.
ثلاث جغرافيات فنية تلتقي وتفترق في نسغها التعبيري. فهذا هو سلمان المالك بألوانه التي أشرقت في مرحلة ما من حول مساحة سوداء مثلت العباءة التقليدية، ظل محافظاً على حضور هذا الطيف الإنساني حتى صار علامة له، ثم عاد في مرحلة لاحقة ليختبر لعبة الدرجات اللونية بين الأسود والأبيض، وليعود في مرحلة أخرى إلى توسيع فكرته الإنسانية لتخرج من محليتها إلى فكرة إنسانية مفتوحة.
ومحمد الجالوس الذي استبطن مساره التشكيلي مدناً وحارات لم يجد ما يمنعه من قراءة الوجوه بأنوفها التي تشبه مفاتيح جدران الروح، أي أن الوجوه هي تفاصيل مكان يتعرض للتجربة وعوامل الحت والتعرية، وهي الوجوه التي لا تفترق عن مكانها في عامل الثبات والحركة لأنها تحملها معها أينما حلت ورحلت.
ولدى وليد عبيد ما ينقل المشاهد من التأمل الذاتي إلى مسرح تجريبي بصري، حافل بالألوان وبالأفكار شبه المباشرة. وهذه لعبة فنية تستند إلى دهاء بحيث تجعل كل مشاهد شريكاً أصيلاً، كأن الكلمة على طرف لسانه واللوحة رآها في حلم يقظة.
غير أن عبيد يمنح مشاهديها هذه الفرصة ولا يعطي مفاتيحها ويدفع مشاهديها إلى العودة مرة أخرى ليروا شيئاً لم ينتبهوا في المرة الأولى.
نبدأ بعنوان هذا المعرض , ( بين الواقعية والتجريد / تكامل ) والذي اختاره الفنانون , ليعبر عن بحثهم , ويلقي الضوء , على اخر انشغالاتهم التشكيلية , هنا في عمان , ليشكل صلة الوصل الثانية في تجارب المعرض المتنقل .
وثمن جاليري بنك القاهرة عمان عن شراكته مع جاليري المرخية في قطر , وجاء في كلمته " نقدم كوكبة من الفنانين العرب (الأردن. قطر مصر) , تجارب حققت عبر العقود الماضية خصوصيتها في الشكل والخامة والمضمون , فسلمان المالك الذي حفر عبر تجاربه الجادة في اللون والشكل ، اسماً خاصاً به , جاء من اقصى الماء , وعبر عن كل هذا بخطوط غرفت من تراث العرب القديم , في هذه البقعة من العالم , منطلق الرسالة السماوية , رسالة الاسلام الخالدة , وعبر عن كل ذلك , بأشواقه وجموح فرشاته , مما أضاف للوحة القطرية , والمدرسة الخليجية بشكل عام , طعماً مميزاً وخاصاً" , وحلق في عالم مفتوح , باحثا" يمزج بين المجرد والواقعي , بتعبيرية حاذقة , وطعم مميز .
اما فناننا المصري , وليد عبيد , فهو سليل المدرسة المصرية في التصوير , وحامل ارثها العميق , الضاربة جذوره في اول النحت واول الابجديات , الفن المصري القديم , وما خلفته حضارة الفراعنة , بلغتها الخاصة , ومفرداتها التي كانت وما تزال , لغزا" بشريا" يستعصي على التفسير , بل ويتركنا في حالة من السؤال , منذ الاف السنين حتى الان .
يقدم وليد عبيد تجربته في الواقعي , الخاص , الذي لا ينتمي بشكله ومعناه للمرئي المباشر , بل يتجاوزه الى منظومة من الافكار والاشكال , صنعت لهذا الفنان حضوره الخاص في الفن المصري والعربي .
أما من الأردن فتأتي مشاركة الفنان محمد الجالوس مع زملائه العرب , لتلقي الضوء على مواصيل التشكيل الأردني غير البعيد عن محيطه العربي. بلاد الشام وضفافها. مظهرا" أثر البيئة الأردنية في لونه, وخاماته وملامسها الخشنة التي طوعها لخدمة لوحته , فهو وريث جناحي الطائر الضارب في التاريخ , الأردن وفلسطين , جذور أجداده الكنعانيين وفرسان جبال مؤاب , ومعجزة البتراء النبطية , في أقاصي الجنوب.
يقدم الجالوس في هذا المعرض , مقاربة ما , بين المجرد التعبيري بحضور واقعي شفاف , ويبدو واضحا" من خلال مجموعته الجديدة ( انهم ليسوا ارقاما" ) , التي تأت انعكاسا" داميا" لتراجيديا الموت والشهادة في فلسطين