عمان - لطالما وجد يوهان نيسكينز اسمه رديفاً ليوهان كرويف في سبعينيات القرن الماضي، كان لاعب الوسط الشاب يلتحق بالهولندي الطائر أينما ذهب مع أياكس أمستردام وبرشلونة والمنتخب الوطني أو الدوري الأمريكي الشمالي.
شعور الثنائي بين الهولنديين العملاقيين تجذّر في ملعب كامب نو حيث حصل نيسكينز على لقب «يوهان الثاني».
لكن في وقت كان كرويف اللامع يتألق متفوقاً على العديد من النجوم، كان نيسكينز يحقق النجومية على طريقته.
يقول النجم الإنجليزي السابق تريفور ستيفن، أحد الذين أرعبهم الهولندي الموهوب: «لو لم يقف في ظلّ كرويف لحصل على شهرة أكبر بكثير. نيسكينز كان محور ارتكاز المنتخب الهولندي.»
بالطبع إذا كان كرويف يمثل القيمة الفنية لفريق رينوس ميتشيلز الأسطوري، فإن نيسكينز كان رمز طاقتهم، وُصف غالباً بأنه مزيج من لاعبين في لاعب واحد، ونظرة على ميزاته تؤكد بعد هذه النظرية عن الخيال.
كان يركض من دون تعب وتدخلاته الأرضية القاسية سمحت له بقضم هجمات الخصم، لكن عندما تواجد في الطرف الآخر كان حاضراً أيضاً فمرّر الكرات الذكية وغالباً ما كان يجد الشباك.
الكرة الشاملة
سمح تحرّك نيسكينز، لياقته وقوته بإضافة الضغط المرتفع لفلسفة «الكرة الشاملة» المتبعة من قبل ميتشيلز.
ففي كتاب «البرتقالي اللامع» لديفيد وينر، وصف بوبي هارنز، مساعد ميتشيلز في أياكس، لاعب الوسط بأنه «كسائق انتحاري، جندي مهاجم». بسالفيه الطويلين، وبنيته الجسدية الصلبة ووهجه المخيف، كان نيسكينز من دون أي شك صورة مرعبة للاعبي الفريق الخصم في تلك الحقبة، وحتى بعد عدة عقود، كمدرب، كانت تدخلاته الأرضية القاسية على ملاعب التدريب تدفع الآخرين لتفاديه من المباريات من خمسة لاعبين.
أسلوبه الشامل والتزامه غير المحدود جعلا منه اللاعب المفضل لدى الجمهور أينما ذهب، فتعاطفت مع لاعب بلّل قميصه بالعرق أياً تكن نتيجة المباراة فأصبح لاعباً عظيماً بسبب هذه الميزة مدمجة مع إلهامه.
وقد قال نيسكينز عن نفسه: كنت أنال الإشادة للعب بأسلوب خاص، وللفوز. خلال مسيرته أثبت نيسكينز باستمرار أنه قادر على تحقيق الميزتين.
وصوله في 1970 كان خطوة أساسية في بناء فريق أياكس الذي أحرز لقب بطولة أوروبا للأندية ثلاث مرات متتالية، وساعد برشلونة على إحراز كأس الكؤوس الأوروبية في وقت لاحق من العقد. لكن الألقاب غابت عنه مع منتخب هولندا إذ خسر النهائي مرّتين على التوالي. وتحت ألوان المنتخب البرتقالي حصل على الإنطباع الأقوى.
أفضل الأيام
شهدت كأس العالم ألمانيا 1974 نيسكينز في أفضل أيامه، فأظهر أسلوبه وصلابته بوفرة وتذكّر بعد سنوات: «تلك الدورة كانت حلماً. كنت في الثانية والعشرين ولاعباً أساسياً.»
وبشكل مفاجىء، كان صاحب السمعة الصلبة في خط الوسط أفضل مسجّل لفريقه في النهائيات مع خمسة أهداف فحلّ وصيفاً لهدّاف النهائيات.
وسجل الهدف الأجمل بينها بكرة ذكية خلال فوز الدور الثاني على البرازيل حاملة اللقب والذي قاد هولندا إلى النهائي. كانت مباراة أثبت نيسكينز فيها قدرته على تحمّل أعتى التدخلات الأرضية القادرة على إنهاء مسيرة الكثير من اللاعبين.
اختصاصي
كانت ألمانيا 1974 أيضاً الدورة التي صنع فيها اسماً كأحد أبرز مسدّدي ركلات الجزاء في العالم. الدقة والقوة جعلتا من كراته غير قابلة للصد، فسجل ثلاث ركلات خلال المسابقة بينها واحدة في النهائي.
كانت ركلة شهيرة إذ جاءت بعد دقيقتين على البداية من دون أن يلمس أي لاعب ألماني الكرة، فتولى نيسكينز تنفيذ الفرصة المبكرة ويتذكّر: «كانت أوّل مرّة أتوتر فيها قبل تنفيذ ركلة جزاء. (كمدرب) أقول دوماً للاعبي فريقي: لا تبدّلوا رأيكم. لكني قمت بذلك في تلك المباراة. كنت أنوي تسديد الكرة إلى اليسار حتى الخطوة الاخيرة، عندما بدّلت رأيي واخترت الجهة المعاكسة.»
وكان قراراً مبرراً إذ توقع سيب ماير نية نيسكينز الأولى قبل أن يخذله تغيير القرار وكانت تسديدات صاروخية لدرجة أنه حتى لو توقع الحارس الزاوية الصحيحة لم تكن فرص صدّه لها مرتفعة. وقد نصح لاحقاً اللاعبين في تنفيذ ركلات الترجيح: «إذا لم تكن مؤكداً سددها بقوة كبرى. إذا لم نكن تعرف أين ستذهب الكرة، لن يعرف الحارس أيضاً.»
لسوء حظ نيسكينز ومنتخب هولندا، فإن تسديدته المبكرة في 1974 لم تقده إلى الفوز الذي كان يتمناه مع الكثير من المحايدين. خيبة أخرى تلت النهائي الأول وكانت في النسخة التالية عام 1978، وهذه المرة لم يكن كرويف إلى جانب نيسكينز، وفيها أثبت أنه صاحب الدور الأساس في الماكينة الهولندية.
بعدها بسنة وبنيله العاطفة الأبدية من جماهير برشلونة، انتقل إلى الولايات المتحدة ليلتقي مع خصم آخر هو فرانز بكنباور في نيويورك كوزموس. لم تتراجع شهيته للعبة، وحتى بعد انهيار الدوري الأمريكي، عاد للعب في الدوري المغلق مع كانساس سيتي كوميتس، وفي 1991 عندما كان بعمر الأربعين اعتزل اللعبة نهائياً في سويسرا.
ومنذ اعتزاله، بقي نيسكينز صورة بارزة في عالم كرة القدم، فدرّب أندية في هولندا وجنوب أفريقيا ولعب دور المدرب المساعد في برشلونة وغلطة سراي بالإضافة إلى منتخبي هولندا وأستراليا.
وبرغم النجاحات التي حققها في مشواره التدريبي، سيتذكّره الناس لدوره كلاعب وسط كامل ومن الأعظم في جيله.
معلومات سريعة
على الرغم من اللعب على المستوى الدولي على مدى 11 عاماً، فإن نيسكينز اكتفى بالدفاع عن ألوان منتخب بلاده في 49 مباراة على هذا الصعيد بينها 12 مباراة في نهائيات كأس العالم أي بمعدل 25 في المئة من مجمل ما خاضه دولياً.
كان يوهان نيسكينز أول لاعب يسجل من ركلة جزاء في إحدى المباريات النهائيات لكأس العالم 1974 وذلك بعد مرور دقيقتين على انطلاقتها في مرمى ألمانيا الغربية قبل أن يلمس الفريق المنافس الكرة. على الرغم من كونه يتمتع بالخبرة في تنفيذ ركلات الجزاء فإنه كشف أنه قام بتبديل رأيه وهو يهم بتنفيذ الركلة وسددها في وسط مرمى الحارس سيب ماير.
بالإضافة إلى مشاركته في نستختين من كأس العالم كلاعب، عمل يوهان نيسكينز مساعداً أيضاً مرتين في العرس العالمي حيث عمل مع المدرب جوس هيدينك أولاً مع منتخب هولندا عام 1998، ثم مع منتخب أستراليا عام 2006.
أُطلق على نيسكينز كيبانو الذي خاض 3 مباريات في صفوف وسط باريس سان جيرمان ويلعب حالياً مع شارلروا البلجيكي هذا الإسم تيمناً بيوهان نيسكينز من قبل والده الذي يعتبر من أكبر المعجبين بالأسطورة الهولندية.- الراي