فلا هم اتحدوا و اخترقوا هذه الاتفاقية التقسيمية التي جزأت الوطن العربي الى دويلات متصالحة بالعلن متنازعة بالخفاء حتى ذهب الحياء و أصبح العداء فخرا و الإخوة جفاء فتنازعوا و سالت الدماء و كأنها ماء، و كما يردد الناس في الشارع العرب اتفق العرب على ان لا يتفقوا الا انهم فعليا اتفقوا في مرات قليلة منها تطبيقهم سايكس بيكو و المرة الثانيه سكوتهم عن وعد بلفور اذا استثنينا عبارات شجب و ادان و امتعظ و امتغص و اصابه الغثيان و كانه كفيف و صُم الاذان، و بما اننا في هذه الأوقات تمر علينا ذكرى مرور مئة عام على وعد بلفور الذي من المؤكد ان كثير منا لا يعرف ما هو لأن جزء من شعوبنا نائمه وجزء لا يقرأ و جزء لا يهتم و جزء قابض الثمن و جزء منتفع مباشر و جزء منتفع غير مباشر و كأنها شهادة اسهم للاسف و جزء لا حول له و لا قوة.
و لهؤلاء جميعا اذكر..
وعد بلفور هو وعد بريطانيا تأسيس "وطنا قوميا للشعب اليهودي" في فلسطين. وبينما يعتقد العديد من الاسرائيليين أن وعد بلفور يعتبر الحجر الأساس لدولة اسرائيل والذي على ضوئه انتقل ١٠٠ الف يهودي بداية الامر الى فلسطين و استمروا بالتزايد حتى وصلوا الى ما وصلوا اليه بمساعدة الظلم الذي وقع على اليهود العرب في تلك الآونة التي أجبرتهم على الرحيل من بلادهم و ترك مصالحهم و بيوتهم و اموالهم بل ترك وطنهم و تاريخهم و اهلهم و جيرانهم و لا أنكر تعاطفي مع اليهود كديانة و ما تعرضوا له من ظلم و خاصة العرب منهم لأنني اؤمن بالمواطنة بعيدا عن الأديان والطوائف والتساوي بالحقوق والواجبات إلا ان بعض الحكومات وبعض الشعوب ساهمت في ترحيل اليهود الذين هاجر أكثرهم الى اسرائيل وقلة منهم الى اوروبا و أمريكا منا خدم بيلفور كما فعل هتلر بقتله لليهود بمجازر مأساوية لا انسانية رغم قساوتها وجبروتها كان لها الأثر في تعاطف الناس مع مظلومية اليهود ولو عدنا لعام ١٩١٦ قبل بلفور، الى سايكس بيكو الاتفاقية الشهيرة التي على اثرها طهرت دول و اختفت اخرى كبرت دول وصغرت اخرى ما شاء الله مر عليها ١٠١ عام و نحن سمعا و طاعه لم يظهر عبقري بيننا مثل الانجليزي مارك سايكس و الفرنسي فرانسوا جورج بيكو ليكون لهم رأي اخر او حتى تعديل طفيف على ما أقرته علينا دول الانتداب البريطاني و الفرنسي بإشراف روسيا و تخاذل العثمانيين آنذاك .
والاجمل من هذا كله ان عصبة الامم التي مازال العرب يتبجحون بها و يعتبرونها العم الأكبر هي نفسها مجلس عصبة الأمم التي اقرت وثائق الانتداب على المناطق المعنية في الاتفاقية في 24 حزيران 1922.
وبما اننا نستعرض الخيبات فلا بد ان نذكر معاهدة لوزان التي تم بموجبها التنازل عن الأقاليم السورية الشمالية لتركيا إضافة إلى بعض المناطق التي كانت قد أعطيت لليونان في معاهدة لندن السابقة.
يعني احتلال وانتداب وتوزيع خيرات وتقرير مصير وترسيم حدود وتوزيع اراضينا هدايا على اليهود تارة والأتراك تارة اخرى واليونان مرة والي يحب يتفضل ما هو العربي مشهور بالكرم لكن للاسف هذه المرات العطاء ليس قراره بل رضوخه وموافقته ومن ثم تعوده وقبوله ورضاه هذه هي تدرجات وضعنا الحالي و المراحل التي مر بها آباؤنا واجدادنا يا سلام روعه والله.
والنتيجة ان هذه الاتفاقية قسمت سوريا الكبرى أو المشرق العربي إلى دول وكيانات سياسية كرست الحدود المرسومة بموجب هذه الاتفاقية والاتفاقيات الناجمة عنها، وطبعا بعد انتهاء مدة الانتداب البريطاني على فلسطين أعلنت دولة اسرائيل يوم ١٤ أيار ١٩٤٨.
طبعا صاعقة دولة اسرائيل أنست العرب مصائبهم في الحدود والانتداب ونهب الثروات وعطايا عصبة الامم لتركيا واليونان فكما يقول المثل لتنسى وجع راسك اخلع ضرسك وهذا ما حصل وبقي العرب في حروب وصراعات مع اسرائيل أنستهم ليس فقط الاتحاد والإخوة والتعاون والمحبة بل أنستهم ايضا فتح جسور التعاون الاقتصادي والتنموي والسياسي بين الدول العربية على غرار الاتحاد الاوروبي وزجت بهم في ظلمات الخلافات والتقسيمالاجتماعي والطائفي والديني والنزاع السلطوي والقبلي ودوخيني يا ليمونه كما يقول المثل المصري.
بصراحة شي بيرفع الرأس
وبالعودة لترسيم الحدود بالدول العربية طبعا ترسيم الحدود معناه الخط الذي يفصل بين دولة واخرى كل دولة لها خصائص تجمعها من الارض الى اللغة و العملة والأفكار والثقافة والتاريخ.
هذا ما هو متعارف عليه بالأغلبية رغم انني اجد الكثير من التنوع والتباين في الدولة الواحدة من ناحية اللغة والدين والثقافة والتقاليد على سبيل المثال عرب تركمان شركس أمازيغ كورد ولغات مختلفه مثل شيشاني وارمني ونوبي في مصر واشوري في العراق وديانات مثل الاسلام المسيحية اليهودية الصابئة و الإزيدية و الإبراهيمية و الامثلة كثيرة ولكن لا بد انهم وجدوا اشياء تجمعهم في وطن واحد مما نجد قبائل مختلفة ومتنوعة تعيش في منطقه واحدة وبالرغم من الجيرة نجد اختلاف في العادات و التقاليد إلا ان المصالح المتبادلة جمعتهم حول الخلاء والماء والتجارة وطرق التجارة وتبادل السلع والمصير المشترك فهل التنوع في كل دولة على حدى ليس كمثل التنوع من دولة الى اخرى حتى يستصعبون الوحدة وانا أتكلم عن الوحده العربية الفدرالية مع الحفاظ على خصوصية وخصوصيات كل دولة على حدى ولندرس الوحدة يجب ان ندرس الحدود و تذكرت انني قرأت عن معايير تخطيط حدود الدولة.
المعيار الطبيعي، الجغرافي حسب التضاريس.
المعيار القومي، وهو ما يتعلق بتأثير الحدود على الأمن القومي للبلاد.
المعيار التعاقدي.
المعيار الهندسي، أي شكل الحدود من الناحية الهندسية.
معيار القوة. والحدود انواع بحرية وبرية وحضارية إثنوغرافية.
وفي هذه الحدود التي رسمها الغرب والامم المتحدة نجد الكثير من الثغرات التي من الممكن إشعال فتيلها كفتنه تنتظر امر ممن دسها.
وعلى سبيل المثال مشكلة العراق والكويت مثلاً عام 1990 الم تكن حدودية بأساسها كما حدود مصر والسودان، قطر والبحرين، السعودية واليمن ودول المغرب العربي فقد قالها و صدق (وينستون تشرشل) (إننا تركنا وراءنا آثاراً لا تزول بمائتي سنة).
وعام 1600م كان تعداد سكان العالم 400 مليون نسمة فقط، ثم كانت حرفة الإنسان تجبره على التنقل، مثل التبادل التجاري والصيد البحري والصيد البري والرعي فكانت الحدود بلا عوائق حتى وضعت في القرن السابع عشر اول حدود عرفها التاريخ على يد (شارلمان) عندما وزع ملكه على أولاده.
مع بداية ظهور الإسلام كان الوطن العربي مقسماً لثلاث مناطق، الأولى كانت تخضع للدولة البيزنطية وتضم الشام ومصر وشمال أفريقيا. الجزء الثاني كان تابعاً للدولة الفارسية ويضم العراق. الجزء الأخير كان شبه الجزيرة العربية والذي كان عبارة عن قبائل متناثرة تدور بينها الحروب وتتواصل من خلال التجارة حيث بدأ الإسلام يظهر في منطقة الحجاز ويتوسع تدريجيًا منذ عام ٦٣٣م.
عهدعهد الخلفاء الراشدين، أي حوالي عام ٦٥٥م، انصهرت كل من الجزيرة العربية والعراق والشام ومصر وليبيا في كيان واحد ودولة واحد لا يخفى على احد ان الاستعمار غَيّرٓ ملامح الحدود العربية لو اخذنا حقبة العثمانيين مثلا الدولة العثمانية حيث اقتطعت سيناء بالكامل من خريطة مصر، وضمتها للسيطرة التركية، عام 1892.
اما بريطانيا فعملت على جعل الحدود بين مصر والسودان، غير محدده فاتحه للفتن، اما فرنسا فعملت على ألفتن بين الجزائر والمغرب، بالترسيم الغير دقيق للحدود. حيث أخذت فرنسا منطقتي "الحاسي البيض" و"كولومب بشار" الغنيتين بالنفط والثروات الطبيعية لحدود الجزائر، فطالبت المغرب بعد استقلالها عام 1956، باستعادتهما، ولكن الجزائر رفضت.
عام 1963 اندلعت حرب الرمال بين البلدين، وقطر والبحرين عام 1930 على جزر حوار التي تسيطر عليها البحرين،
السعودية وقطر على منطقة خوفوس البرية الغنية بالنفط، وبين عمان والإمارات والسعودية حول قرى واحة البريمي. و في الإمارات طنب الصغرى و الكبرى و ابو موسى و هذا فيض من غيض .
ترك الاستعمار ثغرات في الحدود لإستخدامها لاحقا لزرع الفتن و المشاكل بين الإخوة في الدول العربية وبالعودة الى التغيرات التي طرأت على الحدود بين الدول العربية والشرق الأوسط خلال ال ١٢٠ سنه الاخيرة كالتالي.
و اخيرا اتعجب كل العجب من اصرار العرب على الإبقاء على تلك الحدود التي رسمها الاستعمار والحرص على عدم تغيير اي منها حتى لو كان بهدف الاتحاد او الانفصال او حتى وحدة الدول العربية كاملة لا يهم و إنما المهم سايكس و بيكو ان يكونوا بخير.
هذا المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب وليس له علاقة بوجهة نظر وكالة شووفي نيوز الاخباريه