باريس- كريستيان توبيرا سياسية فرنسية قدمت إلى البرلمان من وراء البحار (غويانا الفرنسية) انتخبت مرات عدة بالبرلمان الفرنسي، ونالت ولاية بالبرلمان الأوروبي، اختيرت وزيرة للعدل عام 2012 ووقفت خلف مشاريع قانونية أثارت جدلا بينها زواج الشواذ جنسيا، استقالت نهاية يناير/كانون 2016 لرفضها مشروع قانون تجريد متهمين بالإرهاب من الجنسية الفرنسية واصفة إياه بغير المتكافئ.
المولد والنشأة
ولدت كريستيان توبيرا يوم 2 فبراير/شباط 1952 في مدينة كايين في غويانا الفرنسية.
الدراسة والتكوين
حصلت توبيرا على ليسانس في العلوم الاجتماعية، وشهادة في علم الأعراق الأفروأميركية من جامعة باريس، وهي حاصلة على دبلوم السلك الثالث في تخصص العلوم الاقتصادية.
كما تابعت توبيرا دراستها العليا في تخصص الزراعة والتغذية داخل المعهد الفرنسي للتعاون الزراعي.
الوظائف والمسؤوليات
بدأت توبيرا حياتها المهنية عام 1978 بتدريس العلوم الاقتصادية، وشغلت منصب إدارة جمعية زراعية في غويانا ما بين عامي 1982 و1985.
ومنذ سنة 1990 شغلت عضوية مكتب التعاون والتجارة الخارجية في غويانا.
التجربة السياسية
دشنت توبيرا مسارها السياسي عام 1978 داخل حزب أسسه زوجها رولاند ديلانون عام 1974، ويطالب بالاستقلال عن فرنسا. وأدارت مجلة "ماوينا" لدعم أفكار الحزب بالاستقلال.
غير أن مجيء الاشتراكي فرانسوا ميتران إلى السلطة عام 1981 دفع توبيرا لتغيير أفكارها، والتخلي عن نزعة الاستقلال، وأنشأت برفقة زوجها حزب "والواري" الذي ظلت رئيسة له منذ 1993، واندمجت مع فريق نيابي صغير بالبرلمان ممثلة عن غويانا ما بين 1993 وحتى 2012.
كما اختيرت توبيرا نائبة في البرلمان الأوروبي لمدة خمس سنوات.
وخلال انتخابات الحزب الاشتراكي عام 2011، دعمت أرنو مونتبورغ. وفي مايو/أيار 2012، اختيرت توبيرا وزيرة للعدل في حكومة مارك أيرولت.
وأثار تعيينها لغطا في الوسط السياسي بالنظر إلى أن توبيرا ليست من العائلة الاشتراكية، وليس لديها تكوين قانوني، كونها درست الاقتصاد والفلاحة ولم تهتم بالقانون.
اشتهرت توبيرا بدفاعها المستميت عن زواج الشواذ الذي أثار جدلا في فرنسا بين الرافضين والمؤيدين، حيث سير الرافضون مسيرات مناهضة وكذلك المؤيدون، وباتت منذ ذلك الوقت عدوا لدودا للمنظمات المؤيدة للزواج الطبيعي، وكذلك للمؤسسات الكاثوليكية، خاصة بعد موافقة المجلس التشريعي على القانون.
وعرف عنها قدرتها الفائقة على إتقان الحديث إلى الجمهور، حتى أن مكتبها الإعلامي لم يسبق وأعد لها خطبة ما، وعقب إحدى جلسات البرلمان تقدم إليها أحد خصومها السياسيين قائلا "لم أتفق بالمطلق مع كل ما تحدثتِ به، لكن خطابك كان رائعا".
تعرضت توبيرا خلال عملها وزيرة للعدل لانتقادات شديدة بسبب القوانين والمبادرات التي أقدمت عليها، وبعضها أقلق اليمين المتطرف الذي كان يصفها بالخطر الداهم المهدد لفرنسا.
وكانت من الرافضين لمشروع قانون الرموز الدينية، وأعلنت أنها مع نقاش مجتمعي يشرح ويوضح ويضع أرضية للتعامل مع تلك الرموز، وذلك عوضا عن الحسم فيها بطريقة عمودية جافة كما يفعل النص القانوني.
تعرضت لاعتداءات عنصرية، كان أشهرها نشر مجلة مقربة من اليمين المتطرف على صفحتها الأولى صورة لتوبيرا تشببها بالقردة بعنوان "ذكية مثل القرد، توبيرا وجدت حبة الموز" وهو العنوان الذي أثار تضامنا محليا ودوليا واسعا معها، لدرجة أن الأمم المتحدة أصدرت بيانا تضامنيا معها يدين هذه الهجمة العنصرية ضدها.
أعلنت توبيرا استقالتها من منصبها وزيرة للعدل يوم 27 يناير/كانون الثاني 2016 عقب تفاقم الخلافات مع رئيس الحكومة مانويل فالس والطاقم الحكومي بشأن قضية نزع الجنسية عن مرتكبي أعمال تهدد الأمن الوطني، وغادرت مقر عملها ممتطية دراجتها الهوائية في مشهد فريد.
وكتبت الوزيرة المستقيلة في حسابها على تويتر "أحيانا، أن تقاوم يعني أن تبقى، وأحيانا تعني المقاومة المغادرة من أجل الكلمة الأخيرة للأخلاق والقانون".
وخلف توبيرا على رأس وزارة العدل جان جاك أورفواس (56 عاما) وهو خبير في القضايا الأمنية وترأس لجنة القوانين في البرلمان.
وفي كتاب أصدرته بعد أيام قليلة من استقالتها بعنوان "همسات للشباب" وصفت توبيرا إسقاط الجنسية عن المحكومين المرتبطين بجرائم "الإرهاب" بأنه أحد أشكال "العقاب غير المتكافئ" وسيؤدي إلى عواقب "وخيمة".
وذكرت توبيرا في الكتاب -الذي نشرت صحيفة لو فيغارو الفرنسية بعضا من أجزائه- أن إسقاط الجنسية يُعد "عقابا غير فعال وتطبيقه سيؤدي إلى عدم المساواة داخل المجتمع".
وتضمنت المقتطفات من كتابها الجديد تساؤلات من قبيل "الدولة مجبرة على حل مشاكل رعاياها، كيف سيصبح العالم لو نفت كل البلدان المواطنين الذين أعلنتهم غير مرغوب فيهم؟".
وكان رئيس الوزراء فالس أعلن يوم 23 ديسمبر/كانون الأول 2015 أن مشروع قانون سحب الجنسية الفرنسية من مزدوجي الجنسية المتورطين في قضايا "إرهابية" سيعرض على البرلمان يوم 3 فبراير/شباط 2016.
قرار استقالة توبيرا رحب به اليمين المتطرف، وأعربت رئيسة الجبهة الوطنية، مارين لوبان، عن سعادتها لاستقالة توبيرا، واصفة استقالتها بـ "الخبر السار لفرنسا" زاعمة أنها "أسوأ من تولى منصب وزارة العدل في تاريخ الجمهورية، وأخيرا تخلصنا منها".
غير أن أعضاء في "حركة الساخطين" اليسارية أعربوا عن حزنهم لاستقالة الوزيرة توبيرا، مشيرين إلى أن استقالتها ستزيد في الانقسام الذي يعاني منه الحزب الاشتراكي الحاكم، بزعامة الرئيس فرانسوا هولاند.
المؤلفات
أصدرت توبيرا عدة مؤلفات قبل "همسات للشباب" بينها "أقوال الحرية، العبودية محكية لابنتي، موعد مع الجمهورية" وذلك إلى جانب "مساواة للمقصيين.. السياسة في مواجهة التاريخ والذاكرة الاستعمارية".