خالد سامح
لا يمكن وصف ما حدث في مدينة جرش التاريخية من تخريب لبعض المعالم الأثرية فيها بـ»التصرف الفردي»، فجولة في معالمنا التاريخية والحضارية على امتداد المملكة توضح للمهتمين ( وما أقلهم للأسف) مدى الاهمال الذي تعاني منه تلك الأيقونات الحضارية الخالدة، لا بل والاعتداء ( الفردي والجماعي وأحياناً الرسمي) عليها وبشتى الطرق، منها التلويث والقاء النفايات والكتابة بالدهان أو بالحفر باستخدام الأدوات الحادة وغيرها من التصرفات التي تنم عن عدم احترام وتقدير لأهمية تلك الآثار كإرث انساني ووطني يجلب ملايين السواح سنوياً.
على الصعيد الرسمي تبدو قوانين حماية الآثار والتراث المادي في الأردن غير مفعلة، لا بل أن جهات رسمية عديدة تتجاوزها، ولنا في موقع المدرج الروماني وسط العاصمة وسماح أمانة عمان الكبرى لإنشاء الأكشاك التجارية أمامه أوضح مثال، والأمر مشابه في جرش وغيرها من المواقع التي لا يراعي التخطيط المدني وجود مواقع أثرية فيها من الواجب إبرازها والحفاظ على خصوصيتها.
«الدستور» وفي متابعتها الدائمة لشؤون وقضايا متعلقة بالمواقع الأثرية والحضارية في المملكة، التقت بعدد من النشطاء المهتمين بالتراث والآثار، وتركت لهم التعبير عن مواقفهم حيال ما حصل، وأفضل السبل لمواجهة مثل تلك الاعتداءات.
د.ابراهيم الخطيب/ رئيس رابطة التشكيليين الأردنيين
إن ما شاهدناه من منظر لتشويه آثار جرش بهذه الطريقة المراهقة وغير المسؤولة لا يدل إلا على الجهل الشديد وعدم الانتماء، وأيضا هو مؤشر واضح لقلة الحراسة الأمنية وانعدام الرقابة على هذه الكنوز الأثرية التي يجب الحفاظ عليها والدفاع عنها، فآثارنا هي التاريخ لهذا البلد، والحفاظ عليها هو من الواجبات الوطنية التي يجب وضعها كأولويات أساسية ضمن خطة محكمة ممن يملكون القرار في مجالات السياحة والفنون وتعديل القوانين بحق المشوهين لواجهة بلدنا السياحية و سن القوانين الرادعة لمثل هذه التجاوزات، بالإضافة إلى التركيز على جوانب الثقافة والوعي التي تمنع هذه التصرفات وزرعها بأجيالنا منذ الصغر في بداية المراحل الدراسية، إنه لمشهد محزن نتمنى زواله وعدم تكراره إطلاقا ونعتبره حالة فردية لمراهق غير واع لخطورة ما يفعله، ونتمنى على شبابنا أن يكونوا على حالة كافية من الثقافة والوعي تحمل معها حباَ، وانتماء لكل ثروات الوطن.
وائل حجازين/ رئيس الجمعية الأردنية للتصوير
نأسف كل الأسف لما حصل في مدينة جرش الاثرية والعبث بأثارها بهذة الطريقة وكذلك ما يحدث من أفعال غير مسؤولة وفي العديد من المواقع الأثرية والسياحية ،حيث أننا كجمعية تصوير نعمل على تنظيم رحلات جماعية لتوثيق هذة الأماكن وعمل معارض محلية ودولية ونشرها على كافة منصات الاعلام من أجل المساهمة في إبراز الأردن تاريخا وتراثا وثقافة على المستويين العربي والعالمي.
لابد من القيام بمشروع وطني توعوي شامل و بشراكة كاملة بين مؤسسات الدولة والبلديات والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني من جمعيات ثقافية كالجمعية الاردنية للتصوير؛ لما لها من علاقة مباشرة مع هذا الإرث التاريخي وتراث الأردن الذي يرجع إلى آلاف السنين والحفاظ عليه وتوريثة للأجيال القادمة، وهذا المشروع يجب أن يقوم على:
- غرس قيم ومفاهيم عراقة التراث والتاريخ الأردني في نفوس الشباب لتمكينهم من ربط الحاضر بالماضي وتعريف الاجيال الجديدة على هذا الإرث وتنوع مكوناتة.
- تفعيل القوانين وتغليظ العقوبة على كل من يعبث ويسيء.
- تطوير المناهج العلمية والبرامج العملية في المدارس ابتداءً من المراحل الدراسية الأولى وأيضا الجامعات والمعاهد بحيث يعتبر أحد المساقات الرئيسية في التعليم.
- الاتجاة إلى إقامة أيام عمل تطوعي دورية ودائمة للمحافظة على نظافة الاماكن الاثرية والعامة على مدار السنة، من خلال توجيه الدعوة للمؤسسات التعليمية العامة والخاصة من مختلف الأعمار وكذلك مؤسسات المجتمع المدني من الجمعيات الثقافية والنوادي الشبابية والإجتماعية.
- إقامة الندوات التثقيفية الدائمة من خلال المختصين في هذا المجال لكافة طبقات المجتمع في مواقعهم والجمعيات والمؤسسات الخاصة والعامة وفي أماكن أعمالهم بحيث تخصص ساعة في الأسبوع.
- توفير ميزانية خاصة للتعليم والبحث العلمي والفني في مجال التراث والذي يعتبر الحاضنة التاريخية للشعوب ، وكذلك التراث الطبيعي .
- إنشاء جائزة الدولة للتميز في إبراز التراث وتاريخ التطور الحضاري والحفاظ عليه من خلال دراسات وأبحاث علمية وأدبية ومختلف الفنون الأدائية.
- السماح للمؤسسات الخاصة ومؤسسات المجتمع المدني ومنتسبيها بالدخول إلى الأماكن الأثرية وتوثيقها من ناحية التصوير الفوتوغرافي والفيديو والفنون الأدائية الأخرى دون معوقات وطلب تصاريح خاصة، لذا أتمنى على وزارة السياحة ودائرة الأثار العامة، أن تسهل مهام الفنان الأردني والذي يحمل معدات التصوير الخاصة، شريطة إبراز هوية انتسابة لتلك المؤسسة المعنية والمسجلة رسميا وتحمل رقما وطنيا، حيث إن هذة المؤسسات هي الشريك الأنسب في التوعية والدعاية المحلية والخارجية عن التراث الأردني والمحافظة على الأماكن الأثرية.
رسمي الجراح/ فنان وناقد تشكيلي
يجب ان تكف الحكومة والمجتمع ككل عن النظر الى الارث الحضاري والشواهد الاثرية على انها كومة حجارة؛ فكل قطعة وكل شبر كنز وتاريخ، فقد
ان الاوان ان تهتم الدولة بالمواقع الاثرية ايما اهتمام وتتخلص من فكرة انها اطلال مهجورة، فجزء كبير منها مرتع للتسكع او للرعي او للتخلص من النفايات وذلك الامر يبعث على الاستهجان.
الدولة مطالبة بكل اجهزتها وخصوصا السياحة والاثار والتربية والتعليم بضرورة التعريف بالمواقع الاثرية وتوسيع الخارطة السياحية من خلال تقديم وتاهيل مواقع جديدة.
واهم ما يتوجب التخلص منه في المواقع الاثرية الاكشاك التي تشوه صورة المكان الجمالية وتساهم في التلوث المشهدي، والحل بايجاد تصاميم من وحي المكان منسجمة مع طبيعة الموقع فضلا عن التخلص من فكرة بيع المشروبات المتنقلة وخصوصا القهوة؛ لان من يحتسون القهوة تحديدا يتخلصون من بقايا القهوة على الحجارة والافاريز وبجانب الاعمدة، وهي عادة سيئة جدا ولا توجد الا في الاردن بل ان كثيرا من الحجارة التي تتضمن كتابات ورسومات ملطخة بتلك البقايا.
سمر حدادين/ تشكيلية وآثارية
درست تخصص علوم الآثار في الجامعة الاردنية، وكنا نزور الكثير من المواقع الاثرية كجزء من دراستنا. في الواقع كنت أحزن وأشعر بالغضب عندما أشاهد كتابة على الآثار أو تلاعبا بها.
انا أعتبر الأماكن الاثرية لها قدسية وجب احترامها بغض النظر عن الفترة التي تعود اليها.
وما حصل في جرش مؤخرا من تشوية للأعمدة أمر أزعجني وأزعج الجميع، فما حصل يدل على الهمجية وعدم المسؤولية وعدم الانتماء. ولابد من معاقبة من يلهو او يحاول تخريب او الاسائة للتراث والمواقع الاثرية؛ فثقافة الدول والشعوب تقاس بمدى اهتمامها باثارها وفنونها وتراثها.
عبد الرحيم العرجان/ باحث وفوتوغرافي
يعود السبب الرئيس لهذا التصرف غير المسؤول الى ضعف الثقافة والانتماء، المتوجب التركيز اكثر على التوعية التاريخية واهمية هذا الارث المرتبط بتاريخنا والشراكة البشرية والانسانية عبر الحدود، فمن قام بة قد بحث عن اثبات الذات المتوجب القيام به عبر تنمية الهوايات وتوجيهها نحو التصرف السليم، مع ان الموقع الاثري مكان كامل الاغلاق وتحت الرقابة الامنية العينية والالكترونية حسب ما نشاهد من كاميرات وديمومة وجود رجال الشرطة السياحية هناك، وللأسف من خلال جولاتنا الاسبوعية بمسارات المشي والترحال لاحظنا ان امر العبث بالارث التاريخي اصبح بازدياد في كثير من المواقع وخصوصا المفتوحة من قبل الباحثين عن الكنوز والدفائن، مستدلين بعلامات ليس لها اي علاقة علمية او خزعبلات واعتقادات باطلة.
الدستور