Off Canvas sidebar is empty

نيرجا بانوت ..أشجع امرأة في التاريخ


دبي - نيرجا بانوت، أو كما يطلق عليها  أشجع امرأة في التاريخ، هي فتاة هندية لم تتجاوز الثالثة والعشرين من عمرها،  ساهمت في إنقاذ  حياة أكثر من 400 راكب  ولقت حتفها  على متن الطائرة المختطفة " بانام 73" .

فقبل يومين فقط من عيد ميلادها الرابع  والعشرين، وبعد يومين من تحديد موعد زفافها، استعدت  بانوت مضيفة الطيران المفعمة بالحماس للالتحاق  بعملها في  إحدى الرحلات المتجهة من كراتشي الى مدينة نيويورك عام 1986، لكن لسوء حظها هذه الرحلة لم تكن عادية، حيث تعرضت الطائرة للاختطاف من قبل 4 إرهابيين، فقامت نيرجا  بإخفاء جوازت سفر ركاب الطائرة بعيدًا عن أعين المختطفين، حين علمت أن المستهدفين هم  الركاب الذين يحملون جواز سفر أميريكي ، وبمجرد اقتحام قوات الكوماندوز للطائرة قامت بدفع الركاب للخروج من البوابات الآمنة، وأثناء قيامها بدورها البطولي، لقت مصرعها وهي تحتضن ثلاثة أطفال رأتهم تحت الخطر، حيث تلقت هي  بدلًا منهم 3 رصاصات استقرت بحسدها من قبل الإرهابيين، لتلقى حتفها في الحال.


طفلة  ..حساسة

 ولدت نيرجا في السابع من سبتمبر عام 1963، في مدينة شانديغار الهندية،  والدتها راما بانوت، مدرسة بالمدرسة المحلية بانديغار، التي تما تسميتها فيما بعد باسم نيرجا، ووالدها الصحفي الهندي الشهير هريش بانوت، اشتُهر بشجاعته وجرأته، كما كانت ابنته نيرجا بانوت من بعده. نشأت بطبيعة حساسة ومشاعر رقيقة و روح جميلة انعكست على جمال وجهها،
درست  نيرجا في مدارس مدينتها  المحلية قبل أن تنتقل مع عائلتها إلى بومبي وتكمل دراستها هناك. في جامعة بومباي الإسكتلندية، في كلية سأنت كزافييه تحديدًا، واستمرت فيها حتى أنهت مسيرتها التعليمية عام 1984.

 تزوجت عام ١٩٨٥ وسافرت مع زوجها لمنطقة الخليج. ونظرا للظروف المالية التي كان وراءها المهر الذي يجب عليها هي دفعه - حسب تقاليد الهند - عادت بعد شهرين من الزواج وواجهت العديد من المصاعب والمشاكل لانهاء الزواج.

بدأت نيرجا حياتها العملية كعارضة أزياء، حيثُ كانت تستهوى العمل في هذا المجال، و قامت بالترويج للعديد من المنتجات . لكنها بعد 6 شهور قررت ترك العمل بسبب النظرة الدونية اللمجتمع الهندي لهذه الوظيفة.

في عام 1985 تقدمت نيرجا للعمل في شركة بانام الهندية كمضيفة طيران، بعد ذلك اتجهت للتدريب ستة أشهر في ميامي مع عدد كبير جدًا من المتدربين، وبعد إجراء الاختبارات تم قبولها هي وثلاثة آخرين فقط، لتبدأ العمل في مطلع العام 1986، على غير رغبةٍ من والدتها التي بكت يوم قبولها في هذه الوظيفة، أما والدها فكان يُشجعها دائمًا على فعل ما تريد، وقد خرج يوم موتها وقال أمام العالم كله انه فخورٌ جدًا بما فعلته ابنته لوطنها والإنسانية جمعاء.


شجاعة نيرجا ..في ليلة الإختطاف

 في  الخامس من سبتمبر عام 1986 استعدت طائرة بانام 73 التي تقل كبار الشخصيات للسفر من مطار مومباي لرحلتها، باتجاه إلى الولايات المتحدة الأميريكية، وكانت تنقل 361 راكب، بينهم 41 أمريكي،  لكن قبل الاقلاع بلحظات هجم على الطائرة اربعة ارهابيون كانو يريديون خطف الطائرة واجبار قائدها على تغير وجهته نحو  قبرص من اجل الضغط  على السلطات الاميركية  لإطلاق سراح بعض أعضاء فريقهم من السجن. لكن نيرجا افشلت المخطط الأول للإرهابين،  حيث سارعت إلى ابلاغ طاقم الطائرة، وساعدتهم في الهروب  من خلال فتحة علوية في قمرة القيادة،  حيث لم تسطيع الطائرة التحليق .وعندما عرف الخاطفون قاموا بصفعها والتعدي عليها، إلا أنها لم تأبه بذلك وحافظت على انفعالاتها، وحاولت قدر الإمكان السيطرة على ركاب الطائرة الذين كان في حالة ذعر شديد.

17 ساعة من الصمود

بعد سبعة عشر ساعة من الصمود  لنيرجا وسيطرتها على أعصاب الركاب، وجد الخاطفون أن مهمتهم في طريقها للفشل، فقاموا بفتح النار على جميع الركاب والمضيفات بما فيهم نيرجا، في الوقت نفسه كانت قوات التدخل السريع تُحاصر الطائرة وتستعد للاقتحام.

أثناء الفوضى والهلع اللذان صاحبا إطلاق النار وجدت نيرجا مخرجًا في الطائرة، فقامت بفتحه وإخراج الناس منه، ولم تخرج أولًا رغم إتاحة ذلك، بل وأمسكت بثلاثة أطفال للخروج بهم، إلا أنها لمحت أحد الإرهابيين يُصوب سلاحه نحو الأطفال، فقامت بالتصدي له مُتلقيةً ثلاثة رصاصات أوقعتها في الحال، بينما خرج الأطفال سالمين وتدخلت قوات الشرطة وأنهت الأمر، ليخرج الجميع عدا اثنين فقط لقوا حتفهم، هما نيرجا وشخص أخر تلقى رصاصة في رأسه أثناء النزول.

أحد الأطفال الذين ضحت بنفسها  نيرجا لحمايته يعمل حاليا  قائد لشركة طيران كبرى، ويقول أن نيرجا  مصدر إلهام له وانه يدين كل يوم من أيام حياته لها. كما يقول أحد الناجين الدكتور كيشور مورثي  الذي كان على متن الرحلة كنت في اجلس في الصف السادس لمقاعد الطائرة، كنت خائفاً جداً ، لقد كانت  لحظات مرعبة، كنت ارقب  تحركات نيرجا عن قرب لقد كانت شجاعة  في حياتها، وشجاعة كذلك في موتها،لقد انقذتنا جميعا ورحلت   " .

 
أوسمة...وفيلم سينمائي

انهالت الأوسمة على نيرجا بعد وفاتها، حيث تم منحها وسام " آشوك تشاكرا " وهو أعلى وسام للشجاعة في الهند، ومنحت جائزة الانسانية من باكستان وميدالية البطولة من احدى الجمعيات الأميركية، كما تم إنشاء طابع بريدي باسمها، إضافة إلى الشوارع والمستشفيات والمدارس التي تمت تسميتها جميعًا باسم نيرجا

كما تم جسيد قصتها  في فيلم سيرة ذاتية عام 2016، كان من بطولة  الممثلة الشابة سونام كابور، ابنة الفنان العالمي راج كابور وعلى خلاف كافة التوقعات، لم يلق الفيلم إقبالًا في شاشات العرض، وحقق أرباح قليلة مُقارنة بميزانيته والأرباح التي حققتها الأفلام المنافسة له، وتم تبرير ذلك العزوف المحبط بكون الجمهور الهندي لم يتمكن من استيعاب تجسيد شخصية البطلة نيرجا، مؤكدين على أن ما حدث لا يمكن تكراره ولو حتى على سبيل التمثيل، رغم ذلك نال الفيلم نجاحًا نقديًا مقبولًا وتمت الإشادة بأداء سونام كابور وباقي فريق العمل، كذلك حصل مخرج الفيلم على جائزة أفضل مخرج.- الامارت اليوم