عمان - عقد جلالة الملك عبدالله الثاني وخادم الحرمين الشريفين ملك المملكة العربية السعودية سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، لقاء قمة في عمان مساء أمس، تناول آفاق تعزيز العلاقات التاريخية العريقة بين البلدين، وتطورات الأوضاع على الساحة الإقليمية.
وركزت المباحثات الثنائية والموسعة التي عقدها الزعيمان في قصر الحسينية وحضرها كبار المسؤولين في البلدين، على آليات توسيع آفاق التعاون الأردني السعودي في العديد من المجالات والقطاعات الحيوية، وبما يخدم مصالحهما المشتركة، استمرارا لما رسخته الزيارات المتبادلة بين قيادتي البلدين طيلة العقود الماضية.
وأشاد الزعيمان بمتانة العلاقات الأردنية السعودية المتميزة وما شهدته من تطور كبير على مختلف الأصعدة، لا سيما في المجالات الأمنية والعسكرية والاقتصادية والاستثمارية والتعليمية والطاقة والصحة والإعلام والثقافة والزراعة والعمل.
وتم خلال لقاء القمة الإشادة بما أثمرت عنه اجتماعات مجلس التنسيق السعودي الأردني المشترك، واللجنة الأردنية السعودية المشتركة، وبما يكفل النهوض بعلاقات التعاون ومأسسة الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
وأكدت المباحثات ضرورة إدامة التشاور والتنسيق بين البلدين، حيال القضايا ذات الاهتمام المشترك على الساحتين الإقليمية والدولية، بما يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار العالميين، وتحقيق مصالح الأمة العربية وخدمة قضاياها العادلة.
المباحثات تناولت أيضا القمة العربية التي يستضيفها الأردن، في ظل تحديات استثنائية تمر بها الأمة العربية، وضرورة تنسيق المواقف إزاء المحاور والقضايا التي ستركز عليها هذه القمة، وبما يسهم في تفعيل منظومة العمل العربي المشترك، والنهوض بالتعاون العربي إلى أعلى المراتب.
وشدد جلالة الملك وخادم الحرمين الشريفين على أهمية توحيد الصف العربي، وتوثيق الروابط وتعزيز التعاون بين الدول العربية والإسلامية في مختلف المجالات وعلى جميع المستويات.
كما ركز لقاء القمة على المستجدات والقضايا الإقليمية الراهنة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، حيث أكد جلالة الملك عبدالله الثاني ضرورة تكثيف الجهود المستهدفة تحريك عملية السلام، وبما يقود إلى إعادة إطلاق مفاوضات جادة وفاعلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، استنادا لحل الدولتين ومبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية، وصولا إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية.
وفي هذا الإطار تم التأكيد على أهمية الحفاظ على الوضع التاريخي القائم في القدس وعدم المساس به، لما سيكون له من انعكاسات على أمن واستقرار المنطقة برمتها.
وأكد الزعيمان دعم الجهود الهادفة إلى تحقيق الأمن الاستقرار في المنطقة، وضرورة مواصلة الحرب على الإرهاب من خلال التحالف الدولي ضد عصابة داعش الإرهابية، والتحالف الإسلامي العسكري ضد الإرهاب، والتحالف العربي لإعادة الشرعية في اليمن.
وشددا على موقف البلدين الرافض لكل أشكال العنف والإرهاب الذي بات يهدد منظومة الأمن والسلم العالميين.
وتطرقت المباحثات إلى الأزمات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، وضرورة التوصل إلى حلول سياسية لها، وبما يمكّن شعوبها من العيش بأمن وسلام.
وحضر المباحثات رئيس الوزراء هاني الملقي، ورئيس الديوان الملكي الهاشمي فايز الطراونة، ومستشار جلالة الملك لشؤون الأمن القومي مدير المخابرات العامة، ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، ومدير مكتب جلالة الملك جعفر حسان، والمبعوث الخاص لجلالة الملك إلى السعودية باسم عوض الله، ووزراء التخطيط والتعاون الدولي عماد فاخوري، والصحة محمود الشياب، والصناعة والتجارة والتموين يعرب القضاة، والنقل حسين الصعوب.
فيما حضرها عن الجانب السعودي السفير السعودي لدى عمان سمو الأمير خالد بن فيصل آل سعود، ووزير الدولة وعضو مجلس الوزراء إبراهيم العساف، ووزراء الصحة توفيق الربيعة والدولة وعضو مجلس الوزراء عصام بن سعيد، والتجارة والاستثمار ماجد القصبي، والخارجية عادل الجبير والنقل سليمان الحمدان، ورئيس الاستخبارات العامة خالد الحميدان.
وتجسيدا لحرص الزعيمين على الارتقاء بعلاقات التعاون بين البلدين، جرى بحضورهما، توقيع خمس عشرة اتفاقية ومذكرة تفاهم في العديد من المجالات والقطاعات الحيوية بالإضافة إلى عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم تم توقيعها بين القطاع الخاص في البلدين.
وأبرمت الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين عدد من مؤسسات القطاعين العام والخاص في الأردن والسعودية، في مجالات وقطاعات الشؤون الاجتماعية، والبيئة، والإعلام، والثقافة، والإسكان، والبريد، والصحة، ومشاريع الطرق، والتعدين، وإنتاج الكهرباء وتحلية المياه، والطاقة، والاستثمار.
وتضمنت الاتفاقيات ومذكرات التفاهم:
1. عقد التأسيس لشركة الصندوق السعودي الأردني للاستثمار المساهمة العامة المحدودة، للقيام باستثمارات في الأردن في العديد من القطاعات الحيوية، ومن المتوقع أن يصل حجمها إلى نحو ثلاثة مليارات دولار، وقعه عن الجانب الأردني موسى شحادة، رئيس جمعية البنوك الأردنية، ممثلا عن البنوك الأردنية المساهمة في الشركة، وعن الجانب السعودي المشرف العام على صندوق الاستثمارات العامة ياسر بن عثمان الرميان.
وتمت الموافقة على تسجيل هذه الشركة القائمة بشراكة بين صندوق الاستثمارات العامة السعودي وشركة مجموعة البنوك التجارية الأردنية للاستثمار وشركة البنوك الإسلامية الأردنية للأنشطة الاستثمارية، وفقاً لقانون صندوق الاستثمار الأردني، والذي يوفر جميع المزايا المطلوبة لإنجاح استثمارات الصناديق السيادية العربية في الأردن، ولتمكينها من تحقيق المردود المناسب للمستثمرين، واستغلال الفرص والإمكانات الاقتصادية لتحفيز النمو الاقتصادي، وتوفير فرص عمل للشباب الأردني في مختلف القطاعات والمحافظات.
2. مشروع اتفاقية قرض إعادة إنشاء وتأهيل الطريق الصحراوي (عمان – العقبة) بقيمة ما يقارب 105 ملايين دولار، وقعها عن الجانب الأردني وزير التخطيط والتعاون الدولي المهندس عماد فاخوري وعن الجانب السعودي رئيس مجلس إدارة الصندوق السعودي للتنمية أحمد بن عقيل الخطيب.
3. مشروع اتفاقية في مجال حماية البيئة والمحافظة عليها، وقعها عن الجانب الأردني وزير البيئة الدكتور ياسين الخياط وعن الجانب السعودي الدكتور إبراهيم عبد العزيز العساف وزير الدولة عضو مجلس الوزراء.
4. مشروع برنامج تنفيذي للتعاون في مجال الشؤون الاجتماعية، وقعه عن الجانب الأردني وزير التنمية الاجتماعية المهندس وجيه عزايزة وعن الجانب السعودي وزير الصحة الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة.
5. مشروع برنامج تنفيذي في مجال الثقافة، وقعه عن الجانب الأردني وزير الثقافة نبيه شقم وعن الجانب السعودي وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء الدكتور عصام بن سعد بن سعيد.
6. مشروع مذكرة تفاهم في مجال الخدمات البريدية بين شركة البريد الأردني ومؤسسة البريد السعودي، وقعها عن الجانب الأردني رئيس مجلس إدارة شركة البريد الأردني المهندس باسم الروسان وعن الجانب السعودي وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء الدكتور إبراهيم عبدالعزيز العساف.
7. مشروع مذكرة تفاهم بين وزارتي الصحة في المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة العربية السعودية للتعاون في المجالات الصحية، وقعها عن الجانب الأردني وزير الصحة الدكتور محمود الشياب وعن الجانب السعودي وزير الصحة الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة.
8. مشروع مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الإسكان بين وزارتي الإسكان في البلدين، وقعها عن الجانب الأردني وزير الأشغال العامة والإسكان المهندس سامي هلسه وعن الجانب السعودي وزير التجارة والاستثمار الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي.
9. مشروع اتفاقية التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات بين حكومتي البلدين، وقعها عن الجانب الأردني رئيس هيئة الاستثمار ثابت الور، وعن الجانب السعودي وزير التجارة والاستثمار الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي.
10. مشروع عقد البحث والتطوير في مشروع تعدين خامات اليورانيوم في منطقة وسط الأردن بين مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة السعودية وبين هيئة الطاقة الذرية الاردنية، وقعه عن الجانب الأردني رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية الدكتور خالد طوقان وعن الجانب السعودي رئيس مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة الدكتور هاشم بن عبدالله يماني.
11. مشروع مذكرة تفاهم لدراسة الجدوى الاقتصادية لبناء مفاعلين بتقنية المفاعل ذي الوحدات المدمجة الصغيرة في المملكة الأردنية الهاشمية لإنـتـاج الـكـهربـاء وتحـليـة المـيـاه، وقعها عن الجانب الأردني رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية الدكتور خالد طوقان وعن الجانب السعودي رئيس مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة الدكتور هاشم بن عبدالله يماني.
12. مشروع مذكرة تفاهم وتعاون إخباري بين وكالة الأنباء السعودية ووكالة الأنباء الأردنية، وقعها عن الجانب الأردني مدير عام وكالة الأنباء الأردنية فيصل الشبول وعن الجانب السعودي رئيس وكالة الأنباء السعودية عبدالله الحسين.
13. مذكرة تفاهم لمشروع مدينة العلاج والتأهيل الطبي في الرياض بقيمة تقدر بحوالي 320 مليون دولار، وقعها رئيس جمعية المستشفيات الخاصة الأردنية الدكتور فوزي الحموري والعضو المنتدب للشركة العربية للإدارة خالد بن جوهر الجوهر.
14. مذكرة تفاهم لإنشاء شركة سعودية أردنية في مجال تطوير الخدمات الطبية بقيمة تقارب 54 مليون دولار، وقعها رئيس مجلس إدارة مجموعة لوميير الطبية الدكتور لؤي محمد حماد ورئيس مجلس إدارة شركة ون ألفا التجارية حامد بن إدريس الفلقي.
15. مذكرة تفاهم لمشروع الريشة لتطوير وبناء وتشغيل محطة شمسية بقدرة 50 ميجاواط على الحدود الشرقية للأردن بقيمة 70 مليون دولار، وقعها مدير عام شركة الكهرباء الوطنية المهندس عبد الفتاح الدرادكة والمدير العام لشركة أكوا باور محمد بن عبدالله أبو نيان.
وحضر حفل توقيع الاتفاقيات ومذكرات التفاهم عدد من الأمراء، وكبار المسؤولين في البلدين الشقيقين.
وأقام جلالته مأدبة عشاء تكريما لخادم الحرمين الشريفين والوفد المرافق، حضرها عدد من الأمراء، وكبار المسؤولين من مدنيين وعسكريين.
وكان جلالة الملك في مقدمة مستقبلي خادم الحرمين الشريفين، حيث جرت لضيف الأردن الكبير لدى وصوله مطار ماركا العسكري، مراسم استقبال رسمية.
وفيما اصطف حرس الشرف لتحية الزعيمان، فيما عزفت الموسيقى السلامين الملكي السعودي والملكي الأردني، وأطلقت المدفعية إحدى وعشرين طلقة تحيّة للضيف.
وبدأت مراسم الاستقبال المهيبة فور دخول الطائرة التي تقل خادم الحرمين الشريفين إلى الأجواء الأردنية، حيث رافقها سرب من الطائرات المقاتلة التابعة لسلاح الجو الملكي الأردني.
وكان في الاستقبال الأمراء فيصل وعلي وحمزة وهاشم أبناء الحسين، والأمير راشد بن الحسن.
كما كان في الاستقبال رؤساء مجالس الوزراء والأعيان والنواب والقضاء، ورئيس الديوان الملكي الهاشمي، ورئيس المحكمة الدستورية، ومستشار جلالة الملك لشؤون الأمن القومي مدير المخابرات العامة، ورئيس هيئة الأركان المشتركة، ومدير مكتب جلالة الملك، ومستشارو جلالة الملك، والمبعوث الخاص لجلالة الملك إلى السعودية، والوزراء، ومدراء الدفاع المدني، والأمن العام، وقوات الدرك، ورئيس لجنة أمانة عمان، ومحافظ العاصمة، وعدد من كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين، والسفير السعودي لدى عمان وأركان السفارة، وعدد من سفراء دول مجلس التعاون الخليجي المعتمدين لدى المملكة.
وعلى امتداد الطريق التي سلكها الموكب الأحمر المخصص للمناسبات الرسمية والاحتفالات الوطنية، احتشد آلاف من المواطنين من جميع محافظات المملكة، ترحيبا بضيف الأردن الكبير وتعبيرا عن الاعتزاز الذي يكنه الشعب الأردني للسعودية قيادة وشعبا.
وازدانت شوارع العاصمة بالأعلام الأردنية والسعودية، كما نصبت بيوت الشعر على جنبات الطريق، ورفعت اليافطات التي حملت عبارات الترحيب بخادم الحرمين الشريفين. - (بترا)