امستردام - تعتبر لوحة الشجرة الرمادية حدا فاصلا في تجربة الفنان الهولندي بت موندريان و التي انتقل منها بعد ذلك الى التجريدية والتجريدية الهندسية , وبعدها اصبحت لوحته مجرد شبكة من الخطوط السوداء السمكية المتقاطعة والتي تحجز في مربعاتها ومستطيلاتها الوانا حمراء وصفراء وزرقاء .
وللشجرة الرمادية شقيقة للوحة شجرة التفاح للفنان والتي تخفف الفنان من التفاصيل فيها واختزلها الى حدود بعيده حتى غدت شجرة خريفيه من جذع واغصان لا اكثر ولا اقل وفي لوحة الشجرة الرمادية الكم اللوني كبير والبناء في هندسي ومتراص .
تبدو اللوحة كتلة نصف دائريه ورغم التجريد فيها الا انها تحمل اللمسة الانطباعية وفيها من الايقاع الموسيقي الناتج عن تفرع الاغصان الكثير الحيوية الطافحه, وبالرغم من شتائية اجواء اللوحة والتي تؤشر على برودة الطقس المثلج والذي احال الشجرة الى كومة من الاغصان العارية والتي اتاحت للفنان التقاط تيارا فنيا من خلال الطبيعة التي تعد المعلم الاول .
يعتبر بيت موندريان أحد روّاد المدرسة التجريدية في الرسم. وقد اقترن اسمه بتطوير ما اسماه في ما بعد بالبلاستيكية الجديدة. وهي شكل من أشكال التجريد الذي يعتمد على رسم شبكة من الخطوط السوداء الأفقية والعمودية باستخدام الألوان الأساسية.
درس موندريان الرسم في مدرسة الفنون الجميلة بأمستردام. وعندما تخرّج عمل فيها مدرّسا.
وفي بداياته، أظهر ميلاً لرسم المناظر الطبيعية بأسلوب قريب من الانطباعية. غير انه في ما بعد تحوّل إلى الرسم التجريدي متأثّرا بدراسته للفلسفة والدين.
وفي مرحلة لاحقة، ابتكر هو ومجموعة من زملائه تيّارا فنيّا أسموه ?الأسلوب?. ولم يكن تأثير ذلك التيّار مقتصرا على الرسم، بل امتدّ ليشمل أيضا المعمار والمسرح وتصميم الأثاث., ويمكن النظر إلى لوحات موندريان باعتبارها بُنى رمزية تجسّد طبيعة رؤيته عن ثنائية الكون. فالعمودي عنده هو رمز للروحي والذكوري، والأفقي رمز للمادي والأنثوي.
كان موندريان يقول إن التجريد هو السبيل الوحيد للاقتراب من الحقيقة والعودة إلى الأصول والبدايات. لكن ذلك لا يتحقق ما لم يملك الرسّام قدرا عاليا من الوعي والحدس اللذين يمكّنانه من بلوغ أعلى درجات الإيقاع والتناغم.
عاش الفنان فترة من حياته في باريس التي التقى فيها بيكاسو وتأثر بالتكعيبية واستوعبها. غير أنها كانت مجرّد محطّة عابرة في مسيرته الفنية., وعندما سقطت باريس وهولندا بيد النازية عام 1940، انتقل للعيش في لندن ومن ثم نيويورك التي ظلّ فيها حتى وفاته.
وفي السنوات الأخيرة ظهرت فرضيّة تقول إن بوسع الكمبيوتر اليوم أن ينتج خطوطا وأشكالا وألوانا أكثر نقاءً وديناميكية وتناغماً ممّا يمكن أن يتحقق على رقعة الرسم العادية وباستخدام الألوان الزيتيّة.