Off Canvas sidebar is empty

على طريقة تشارلي شابلن ليس إلاّ (1889-1977)


نيويورك - أرسل إليَّ صديقٌ مقيمٌ في لندن رسالةً عبر الـ"واتس اب"، تتضمن عبارات رائعة قالها يوماً تشارلي شابلن، الذي عاش طفولةً مجرّحة بالتعاسة والوجع الوجودي. وقد ألهمتني فحوى الرسالة أن أتقاسمها مع القارئات والقرّاء، وخصوصاً منهم، اللواتي والذين قد يُشعِرهم مضمونها بـ"واجب" حماية الابتسامة والأمل والحبّ والسعادة والحرية. بل بـ"واجب" تحريض الذات واستفزازها من أجل الحصول على جرعةٍ، وإن ضئيلة من العزاء القلبي.

تورد الرسالة أن تشارلي شابلن ألقى نكتة أمام الحضور، فضحك الجميع. ثم أعاد النكتة، فضحك البعض. ثم أعادها للمرة الثالثة، فلم يضحك أحد. بعدها، قال ما يأتي: اذا أنتَ لم تستطع أن تضحك للنكتة نفسها، فلماذا تبكي، مرةً، وثانيةً، وثالثة، للمصاب ذاته؟


عليكَ، والحال هذه، أن تجد وقتاً من أجل أن تستمتع بكل لحظة في حياتكَ.

يخلص تشارلي في المناسبة، إلى تقديم ثلاث "هدايا" إلى المتعَبات والمتعَبين في الأرض:

- لا شيء أبدياً ودائم الوجود في الحياة. المشاكل نفسها ليست أبدية ولا دائمة.

- أحبّ المشي تحت المطر، لأن لا أحد، آنذاك، يرى دموعي.

- اليوم الأكثر مضيعةً في حياتي، هو اليوم الذي لا أبتسم فيه.

الخلاصة التي يدعوكَ إليها تشارلي، أيها القارئ: أن تبتسم.

وعليكَ، أن ترسل هذه الابتسامة إلى كلّ مَن تودّ أن تزيّن الابتسامة وجهه.

على الهامش:

فليتذكر الجميع أن العالم سيحتفل في الخامس والعشرين من هذا الشهر بالذكرى الأربعين لوفاتتشارلي.

وليتذكروا أنه ولد في 16 نيسان 1889، وتوفي في 25 كانون الأول 1977، هو الذي عانى كل أنواع الفقر والجوع والتشرد. فعاش في ملجأ الأيتام، ونام في الشوارع، وباع الثياب وما تبقى من الأثاث المتواضع لتوفير لقمة الطعام، واضطر إلى ترك المدرسة قبل تعلم القراءة، ليعمل في مهن حقيرة، وليمثّل في بداية مشواره الفني أدوار الحيوانات الصغيرة، لاستدرار الابتسامة، والحصول على بنسات زهيدة لا تغني عن جوع.


شو بدّي؟!

ما بدّي شي.

لا أريد شيئاً سوى أن أفوز بابتسامة.

أنا فقط، أريد أن أبتسم، لأني لم أعد أتحمّل هذا التدريب اليومي الممنهج على التجهم واليأس. وقد جعلتني رسالة الصديق اللندني أبتسم، فرأيتُ أن من "واجبي" أن أنقل "عدوى" هذه الابتسامة إلى القارئات والقراء، وخصوصاً اللواتي والذين أعرف أنهم مسروقو الابتسامة في هذه الأيام، وأنهم مضطرون قسراً إلى تبجيل الوجع واليأس.

هل أنا واعظ؟ كلاّ. وألف كلاّ. لأني أكره الوعظ. ولأن الوعظ يفضي في كثير من الأحيان إلى نتيجة معاكسة.

لكنّ البكّائين كثر، وخصوصاً الآن. حالياً.

هؤلاء، احترِسوا منهم. عدواهم قاتلة. ولا لزوم.


من جهة ثانيةً، لا لزوم للمكابرة التي تفرض على الواحد منا أن يكتم وجعه ويأسه ودموعه.  

يلزمنا دائماً الكِبَر فحسب، لنقول ألمنا، وحزننا، وحِدادنا، بكل كرامة.

وكم يلزمنا هذا الكِبَر، حين نكلّله بابتسامة. بابتسامة فحسب.