عمان - رسمي الجراح - أطفال مكفوفون بصريا واخرون يملكون بقايا بصرية رسموا لوحاتهم الجميلة بالاستناد الى رائحة اللون وتخيلوا الاشكال في الورشة التي اشرف عليها الفنان بقاعين في الجامعة الاميركية للثقافة والتعليم في لبنان.
اخضر بطعم النعناع واصفر بلون الليمون وبرتقالي واحمر بلون الكرز وبني بلون القرفة وقرمزي بلون العنب, تلك ممهدات لمن يرسم بحواسه الاخرى لمن لايملك حاسة البصر, ورشة عمل الفنان التشكيلي الأردني سهيل بقاعين حملت عنوان «قارئ اللون»، وهي بدعوة من «الجامعة الأميركية للثقافة والتعليم».
لم يثن الفقدان الكلي أو الجزئي لحاسة البصر عددا من الأطفال المشاركين في ورشة العمل عن الإبداع ورسم لوحات لافته واقبالهم وتفاعلهم، معتمدين في ذلك على حواسهم الأخرى وقدرتهم على التخيل
استمرّت الورشة على يومين في مقر الجامعة في بدارو، بحضور رئيس الجامعة د.منيب الساكت وعميد كلية الفنون د.عادل قديح ورئيس قسم التسويق منال شومر ومسؤول العلاقات العامة زينب الموسوي، إضافة الى معلمات الاطفال. وشارك في الورشة أطفال «المبرات الخيرية» و «المدرسة اللبنانية للضرير والأصمّ» و «دار الأيتام الاسلامية»، وتتراوح اعمارهم جميعاً بين 8 و12 سنة.
وكان لبّى الفنان بقاعين دعوة الجامعة التي بدورها بادرت في تبني ورشة العمل، بهدف دمج ذوي الاحتياجات الخاصة مع المجتمع اللبناني وتولى بقاعين الإشراف على الرسومات، وساعد الاطفال في التعرف على الألوان من خلال الشمّ، مثنياً على «بصيرتهم القوية التي ساعدتهم على إنجاز أجمل الرسومات»، ضمن تقنية «قارئ اللون»
قال بقاعين صاحب المبادرة الى أنه أطلق مبادرته المذكورة مع المكفوفين في الأردن منذ أربع سنوات، وأحبّ نقلها الى لبنان لأنه يؤمن من خلال عمله بأنه من حقّ كل كفيف أن يتعلّم ويطوّر نفسه، بهدف دمجه في المجتمع، بحسب تعبيره.
وحرص بقاعين على جلب أقلاماً ملونة معه، تحمل كل واحدة منها عطرا لفاكهة أو خضار ليستدل الطالب على لون كل مساحة لونية معينة , ويؤكد بقاعين أن هؤلاء الاطفال «أرادوا أن يرسلوا للعالم رسائل تقول إنّهم قادرون على إيصال أفكارهم المليئة بالمحبة والحياة والشوق للطبيعة وتلمسها». ويرى بقاعين أن «هؤلاء الأطفال يرسمون بشكل جميل ومبدع، وبرغم ان بعضهم فقدوا بصرهم وآخرون يرون جزئيا، إلا ان الجميع يرسم ببصيرته.»
ويستعد بقاعين بعد «قارئ اللون» الى مبادرة «عبق اللون» التي سيطلقها بقاعين حالياً في عمان، لينقلها بعدها الى لبنان ودول أخرى.
وكانت ورشة الرسم حظيت بمتابعه من وسائل الاعلام اللبنانية وكتبت الصحفية زينة برجاوي من جريدة السفير مقالة نقتطف منها تمسك نور القلم، تفتحه لتشمّه. تقع في حيرة. فجأة تعبّر عن فرحتها لتعرفها على اللون من خلال حاسة الشمّ، تصرخ «حامض، ما يعني أنه اللون الأصفر».
نور ابنة الثماني سنوات كفيفة، حرمت من نعمة البصر مذ ولدت.
تبدع نور في رسوماتها التي تراها في خيالها فقط. تحبّ أن ترسم وروداً وأزهاراً، تتفنن فيها جميعها. لكن هناك شيئا واحدا لا يفارق خيالها، هو مدينة الملاهي التي لم تتعرف عليها يوماً، وتتمنى لو تستعيد نور عينيها كي تنعم برؤيتها واللعب فيها كباقي أترابها.