شو في نيوز - عاين باحثون متخصصون في ندوة حوارية اليوم السبت، في قاعة المؤتمرات بالمركز الثقافي الملكي، كتاب “عبقرية التأسيس..قراءات في حياة الملك عبد الله الأول ابن الحسين وفكره”، الصادر عن وزارة الثقافة، وتضمن الأوراق البحثية التي شاركت ضمن ملتقى عمان الرابع عام 1995.
وفي الندوة التي رعتها وزيرة الثقافة هيفاء النجار، وحضرها وزير الشؤون السياسية والبرلمانية حديثه الخريشا، والعين محمد داودية رئيس لجنة الثقافة، وشارك فيها الباحثون الدكتور عليان الجالودي، والدكتور جمال الشلبي، والدكتور جورج طريف، وأدارها الدكتور غالب عربيات.
وقالت النجار ، إنه بوجود هذا العدد المهم من شباب وشابات الأردن، فإنه آن الأوان لنا في الأردن أن نطل من خلالكم على القصص الوطنية والسردية الأردنية، وعلى كيف لنا في مثل هذه الظروف الصعبة التي تمر فيها المنطقة العربية والعالم، ومن هذه الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الأهل في غزة، وبالرغم من كل هذه التحديات الهائلة التي يواجهها الأردن، عليكم أيها الشباب أن تعتزوا وتحتفوا بصمود الأردن الذي ما كان أن يتحقق لولا إننا نقف الآن على آلاف السنين من الحضارات الإنسانية الممتدة غير المنقطعة في الأردن.
ونوهت النجار إلى ما تم إنجازه خلال المئوية الأولى من عمر الدولة الأردنية، والتي انطلقت من عبقرية التأسيس التي صاغها فكر المغفور له بإذن الله الملك المؤسس عبدالله بن الحسين.
ودعت الشباب إلى أن يطلوا بعمق وتفكير على السردية الوطنية الأردنية التي انطلقت من عبقرية استثنائية، مشيرة إلى أن اليوم الموافق 20 من تموز يصادف ذكرى استشهاد الملك المؤسس على أبواب القدس.
ولفتت إلى أنه لا يحق لأي إنسان أن يتجاوز على موقف الهاشميين في كل ما يتصل بقضايا العدل والحق ودعم الشعب الفلسطيني، وما تتعرض له غزة من حرب إبادة شرسة.
وأشارت إلى أن الأردن تأسس على مبدأ الحاكمية الرشيدة والحكمة والعقلانية والوسطية، ويتمتع بالتنوع والتعدد ويحتفي بكل ذلك، كما أن الأردن أخلاقي وحضن دافئ مبني على المحبة والاحتفاء بالآخر وإعطاء مساحة للشباب والشابات لإطلاق طاقاتهم وإبداعاتهم، وأن يحتفوا بإنجازاتهم، داعية الشباب إلى أن يطلوا على عبقرية الملك المؤسس ورؤيته الاستثنائية.
وأشارت إلى أن هذا الكتاب، هو حصيلة أوراق بحثية عقدت ضمن ملتقى عمان الرابع 1995، في ذكرى استشهاد المغفور له بإذن الله الملك المؤسس، وتم جمعها بعد 3 عقود وتمثل قراءات في حياة الملك المؤسس وفكره، قدمها مجموعة من القامات الفكرية والسياسية والثقافية، وترصد لحظة العبقرية في تأسيس الدولة الأردنية التي نمت في ظل ظروف عالمية معقدة، وتحديات إقليمية عاصفة، لافتة إلى أن وزارة الثقافة تبني على إنجاز تراكمي.
وقالت إن عنوان الكتاب “عبقرية التأسيس”، استحضر في ذهنها فكرة “العبقريات” التي تناولت التأسيس في التراث العربي والإسلامي التي كتبها عباس محمود العقاد في أربعينيات القرن الماضي.
وبينت أن موضوع التأسيس ليس سردًا للأحداث التاريخية أو تحقيبا للتاريخ، وإنما يعد تظهيرا للحظة التاريخية التي أنجبت الشخصية “المؤسسة”، الملك المؤسس، الذي ينتمي للسلالة الهاشمية، سلالة النبي العربي محمد صلى الله عليه وسلم، بما تحصل على طهر الانتساب وواسع الثقافة وعمق الفكر ورقي الأخلاق، وبما أُحيط من رجال عباقرة وتضحيات وما واجه من تحديات للقوى العالمية والواقع العربي حينذاك، والذي تمخض عنه “عبقرية التأسيس”، للدولة الأردنية مطلع عشرينيات القرن الماضي بأبعاده التشريعية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وأكدت أن الثقافة كانت عنوانًا أساسيًا في بناء الدولة الأردنية، من خلال مجلس الملك الفكري والثقافي، الذي كانت تسوده الحوارات المعمقة والتشاور والتشاركية والجدل والرؤى لبناء المشروع النهضوي الوطني.
وفي مداخلته بالندوة والتي حملت عنوان “من وحي عبقرية التأسيس: الفكر القومي للملك المؤسس عبدالله بن الحسين” لفت الجالودي إلى أنه استند في قراءته هذه إلى محورين اساسيين، الأول هو المؤثرات التي أسهمت في تكوين فكر الملك المؤسس منذ مولده ونشأته وممارسته العمل السياسي في الدولة العثمانية، والثاني ملامح فكره القومي من خلال الإرث الذي تركه من مؤلفات.
واستعرض الاتجاهات التي برزت إثر انبثاق النهضة الفكرية في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، والنصف الأول من القرن التاسع عشر، والتطورت التي مرت فيها الحركة العربية واطلاع الملك المؤسس على ما كان يجري في كل ذلك.
واستعرض ملامح الفكر القومي للملك المؤسس، مشيرا إلى دوره في الثورة العربية الكبرى.
ولفت إلى أن إمارة شرق الأردن كانت قاعدة متقدمة للقومية العربية، مشيرا إلى أن الأمة العربية في فلسفة الملك المؤسس، هي التي نشأت في الجزيرة العربية والعراق وبلاد الشام وامتدت إلى وادي النيل وشمالي افريقيا.
كما أشار إلى التوافق في فكر الملك المؤسس بين العروبة والاسلام، مؤكدا أنه كان يؤمن دوما بضرورة الوحدة العربية وسعيه إلى ذلك من خلال وحدة سوريا الكبرى ووحدة الضفتين.
بدوره، أشار الشلبي إلى ما تضمنه الكتاب الذي يعكس صورة حقيقية عن فكر الملك المؤسس، من عمق الأفكار وغنى المعلومات التي طرحها.
وبين أن جميع الباحثين في الأوراق التي تضمنها الكتاب، يرون أن الملك المؤسس تأثر بالسياق الاجتماعي والسياسي والفكري الذي عاش فيه، مبينا أنها تمثلت بالتعليم والحياة الاجتماعية في مكة وتجربة اسطنبول والباب العالي ومهماته السياسية.
كما تناول الدور السياسي للملك المؤسس في الثورة العربية الكبرى، مبينا أن جميع الباحثين أجمعوا على أنه لعب دورا اساسيا بالغ الأهمية في التطورات التي أدت إلى انطلاق الثورة العربية الكبرى.
وتحدث عن الموقف السياسي للملك المؤسس تجاه القضية الفلسطينية، مشيرا إلى العديد من مقولاته التي تؤكد على الحق العربي، وأن اليهود لم ينبتوا في فلسطين ولا كانت مهدا لهم.
واستعرض طريف في مداخلته التي حملت عنوان “إضاءات حول مضامين كتاب عبقرية التأسيس.. قراءات في حياة الملك المؤسس وفكره” أبرز الأوراق البحثية التي تضمنها الكتاب ومنها ورقة الدكتور كامل السعيد التي سلطت الضوء على اهتمام الملك المؤسس في التشريع ودوره التشريعي والطبيعة التشريعية للأردن في تلك الحقبة الزمنية منذ القانون الأساسي، ومرورا بدستور عام 1947 وانتهاء بدستور 1952.
وأشار إلى ما تناولته الورقة البحثية في الكتاب للدكتورة سهيلة الريماوي عن البعد القومي في حياة الملك المؤسس فكريا وسياسيا خلال الفترة 1882-1952، والتي بينت فيها العديد من الأدلة التي تؤكد النظرة العروبية والقومية والوحدوية له.
وتطرق ألى ورقة العلامة روكس بن زائد العزيزي التي جاءت تحت عنوان “الملك عبدالله بن الحسين بين الأدب والسياسة”، موضحا أنها غنية بالمواقف المهمة، مثلما تناول ورقة الدكتور سمير قطامي التي تحدثت عن الملك المؤسس شاعرا وأديبا حيث نشأ في جو ثقافي غني.
وأكد أن هذا الكتاب جسد بأسلوب علمي ممنهج وبموضوعية تامة الأدوار السياسية والفكرية والعسكرية والأدبية التي قام به الملك المؤسس، وتعاونه الوثيق مع رجالات الأردن المخلصين وذلك لوضع اللبنات الأولى لتأسيس الإمارة وتحقيق استقلال المملكة.
وكان عربيات نوه في تقديمه للندوة بالمواقف والمبادىء الأردنية الهاشمية الراسخة والثابتة والمشهود لها سلوكا ونهجا تاريخيا ودينيا وسياسيا.