عمان – رغم اعلان الحكومة عن مراحل للإجراءات التخفيفية وصولا الى صيف آمن وعبر ثلاث مراحل، أكد خبراء اقتصاديون ووبائيون ان الإعلان جاء متأخرا شهرين على الاقل، مشيرين أيضا الى أن “القرارات لم تكن مدروسة ولم تراع الابعاد الاقتصادية والاستثمارية والاجتماعية والحالة الصعبة التي وصل إليها الاقتصاد والمواطن من ضنك”.
وفيما يؤكد وزير الدولة لشؤون الاعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة صخر دودين لـ”الغد” ان من شأن الاجراءات “التخفيف عن المواطنين واعادة الحياة الى طبيعتها في المرحلة المقبلة وهي قابلة للمراجعة والتقييم والتغيير”، يشير خبراء في أحاديث لـ”الغد”، الى ان المواطن والاقتصاد “لا يملكان ترف الوقت للانتظار ثلاثة اشهر لعودة الحياة الى طبيعتها اذا لم تكن هناك موجة او ذروة جديدة للفيروس”.
واعتبر هؤلاء ان المؤشرات الوبائية تدعو للفتح الفوري لكافة القطاعات لـ”عدم تفويت الفرصة وهو المستوى الاقل خطورة وفقا للمعايير العالمية بدلا من انتظار انتهاء الوباء”، موضحين ان “الحكومة تمتلك القدرة على وقف أي قرار اتخذ خلال ساعات فقط وبالتالي لا يشكل اي خطورة على حياة الناس”.
وأكد هؤلاء ان الاردن استفاد من الخبرات السابقة مع الفيروس ويمكنه السيطرة على اي انتشار خلال فترة قريبة، ذلك ان الاجراءات الحصيفة من شأنها الموازنة بين الملفين الصحي والاقتصادي وحياة واعمال الناس وهذا ما لم يتحقق على مدار الفترة السابقة، ذلك ان الاجراءات اما يطغى على مصدرها الخوف والتوجس او التهرب من المسؤولية.
ويشير خبير الاوبئة والفيروسات الدكتور عزمي محافظة الى ان “هناك بطئا في الاجراءات وسط توقعات المواطنين بالفتح الكامل للقطاعات”.
واضاف، “ان هذه الاجراءات كان يجب اتخاذها قبل شهرين اسوة بدول مثل المملكة المتحدة، وكان لا بد من التخطيط لهذه الاجراءات سابقا ومراقبة تطورات الحالة الوبائية التي هي الآن في المستوى الازرق وهو الاقل وفق المعايير العالمية من حيث نسبة الاصابات الايجابية ومعدل الاصابات نسبة لعدد السكان وعدم وجود ضغط على المستشفيات وجميع هذه الشروط متحققة”.
وتساءل محافظة: “إذا حدثت موجة ثالثة فما هي خطط الحكومة ازاءها وما هو تعريف المستوى الآمن الذي تطلبه ولماذا لا تبدأ المدارس في الاول من تموز (يوليو) المقبل لتعويض الطلاب عن عام كامل لم يستفيدوا منه تعليما وذهب هباء؟”.
وتابع، “ان البدء في الخامس عشر من آب (اغسطس)، اي قبل 15 يوما من بدء المدارس لا يمكن ان يحقق فائدة التعويض التي يرتجيها الطلبة وذووهم، لافتا الى ضرورة المباشرة بشكل مبكر في تقديم التعويض لطلبة المدارس.
بدوره قال وزير الزراعة الأسبق سعيد المصري “اذا ما اردنا حساب المخاطر بالصحة والاعمال فإن اوان الاعمال قد بدأ، ويجب ألا نكون رهنا لمخاوف انتشار المرض بعد استقرار الحالة الوبائية”.
وتابع المصري، “الاقتصاد متهاوٍ والاعمال متوقفة والاستثمارات ستهرب ونحن لا نتحدث عن حكومة تنجح او تفشل ولكننا نتحدث عن مسؤولية الجميع وعلى الحكومة أن تكون أكثر جرأة”.
وبين المصري ان “التروي في افتتاح الاعمال لا يفيد لأن القطاع الخاص الوطني متضرر وعلى الدولة ان تتحمل مسؤولياتها، وعليها أن تمنح المواطن الفرصة لتسيير اموره بالشكل الصحيح”.
وقال، “اتركوا الناس تنطلق لأعمالها رغم إدراكنا للتحديات التي تواجهنا، وامنحوا الناس فسحة وفرصة لفتح القطاعات التي يتوجب فتحها الآن وبنسبة 100 %.
بدوره يقول مسؤول سياسي سابق، ان “الصيف الآمن الذي تتحدث عنه الحكومة لن يخرج البلاد من ازمتها الاقتصادية والاجتماعية”، مشيرا الى أن ما “يعمق الازمة تساهل الحكومة وكأنها تملك ترف الوقت”.
واضاف، ان على مكونات الحكومة وخاصة وزارة الداخلية “تشديد الرقابة ويتوجب ان تكون اكثر إقناعا للناس”، مشددا على ان على الحكومة قبل ان تؤكد او تنفي وجود مناعة مجتمعية لدى الناس من فيروس كورونا عليها “إجراء دراسات حول هذه المناعة وعدم الخروج بشكل اعتباطي بدون ادلة وأن تتخلى عن لغة المناكفة والتسويف التي تنتهجها”.
الحكومة بدورها تركت الباب مواربا لأي تعديلات او تغييرات في القرارات والاجراءات التي اعلنت عنها والتي ربما جاءت على عجل ولم يتسن لها مراجعتها او اخذ التغذية الراجعة لها.
ويبقى القول ان الحكومة تملك القرار عبر قانون الدفاع لإلغاء او وقف أي قرار من شأنه المساس بحياة الناس او الصحة العامة اذا ما انتشرت موجة جديدة او تغيرت مؤشرات الواقع الوبائي ولكن عليها العمل بسرعة على اعادة فتح جميع القطاعات الاقتصادية والخدمية والتعليمية تخفيفا على الناس ومساعدتهم في التعويض عن الخسائر التي المت بهم خلال اكثر من عام. الغد