Off Canvas sidebar is empty

لوحة ركاب الدرجة الثالثة لدوميية المهمشون للناقد رسمي الجراح


باريس -لوحة ركاب الدرجة الثالثة هي احدى ابلغ اللوحات التي رسمها الفنان الفرنسي اونوريه دوميية وهي سلسلة من لوحات عربات النقل من الدرجة الثالثة 1862- 1866 وهي خير شاهد  على تشبث دومييه في الدفاع عمن ينتمي اليهم ومن ابناء الطبقة الكادحة بالرغم من انها جلبت له المتاعب وكانت سببا لزجه بالسجن اكثر من مرة .
يلحظ الناظر للوحة» ركاب الدرجة الثالثة» الواقعية والتعبير في اعلى درجاته و أي بؤس يحمله ركاب تلك العربة الحديثة الاختراع في ذلك الوقت وهم جزء من طبقة كبيرة مسحوقة كان ينتمي اليها الرسام , وكم هم مستسلمون داخل عربة حديدية موحشة تنهم الارض بقسوة ومثلها عربات كثيرة تلحق بها او تسبقها .
قوام اللوحة راكبتان تتصدران مقدمتها ,الاولى الى يمين اللوحة تنظر ساهمة ويركن الى يسارها طفل يغط في نوم عميق  ويبدو ان الفنان يستحضر طفولته لان بجانبه صندوق احلامه الخشبي وتضغط بقوة على يد سلة تحملها وترتدي على راسها غطاء الفقراء الرث, والراكبة الاخرى مطاطاة راسها تعلو محياها ابتسامة تخفي خلفها حزنا دفينا ممزوجا باملها ,طفلها الذي تحتضنه بين يديها , والراكبتان صورة عن مستقلي عربات تلك الدرجة الذين يقبعون خلفها في عربة درجة المعدومية الفلاحين والفقراء ويظهر ذلك من ازياءهم البالية .
حقق الفنان  في لوحته تعبيرية عالية مقابل تكوين جمالى يضج بالحيوية والايقاع من خلال صفوف الركاب الذين يجلسون بطريقة مواجهة خلف الراكبتين تحديدا , حيث عبر بذكاء عن ملامح من لم تظهر وجوههم في السطح التصويري , وترك الكثير من الاسقاطات التعبيرية على وجوه حادة الملامح ,عجفاء تحسبها مجمدة للون الاوكر المائل للصفرة والذي يبعث علا الكآبة.
جلب دوميية العمق والامل للوحة من خلال نافذتين متفاوتتين في مساحتهما يضيء النور العابر منهما الوجوه المكدسة المتضمنة عيوناً متعبة واجساداًِ منهكة وايدي متشققه , فيما منح اللون القاتم اللوحة تاثيرا مختلفا اشر على سوداوية حياة اولئك الركاب , فيما منحت خطوط الفنان المتعرجة والغائرة المتساوية السماكة في جباة ووجنات الاشخاص وجفونهم وثنيات ازيائهم عمق تعاستهم وبؤس حالهم
قال الشاعر الفرنسي شارل بودلير عن معاصره الفنان أنوريه دومييه ( 1808 - 1879 ) : ( إنه أحد أهم الرجال، ليس في مجال الكاريكاتير فحسب، بل في الفن الحديث كله.. ) .عاش دومييه سنوات طفولته الأولى في مرسيليا، ثم انتقلت عائلته إلى باريس، وكان أبوه يعمل في صناعة الزجاج ويطمح أن يكون شاعراً، فاضطر دومييه الابن إلى العمل مبكراً، إلى جانب تعلمه للرسم، حيث أتقن حرفية عالية في الرسم والحفر والطباعة إلى جانب موهبته وذكائه في التقاط موضوعاته الأثيرة، التي زاوج فيها بين اللوحة الفنية والكاريكاتير السياسي الحاد الذي قاده إلى السجن، وارتبطت أعماله بتاريخ المرحلة التي عاشها وصورها ببراعة، في نحو مئتي لوحة فنية وأربعة آلاف رسمة هزلية ساخرة، وعدد من التماثيل النصفية المنوعة.