Off Canvas sidebar is empty

هكذا حولت دول عربية وسائل التواصل الاجتماعي لآلية مراقبة

Sudan Smartphone Nutzung in Khartum (Getty Images/AFP/Y. Chiba)
بروكسل - رغم التغيير السياسي وتبادل السلطة سلميا في عدد من الدول العربية، فإن التضييق على نشطاء المنصات الرقمية مستمر في التواصل. تقارير دولية تكشف كيف تستخدم السلطات وسائل التواصل الاجتماعي لمراقبة هواتف وحواسيب نشطاء مدنيين.

اتسمت الحركات الاحتجاجية في العالم العربي خلال العقد الأخير باعتماد نشطائها على المنصات الرقمية، وذلك من أجل تبادل صور واشرطة فيديو الاحتجاجات فيما بينهم، ونشرها للجمهور محليا وعالميا، كما ساهمت بتسهيل تواصل المحتجين، وساعدت على تنظيم عملهم.

هذا النشاط الرقمي للمحتجين كان هدفاً، منذ بدايته، للسلطات في دول عربية عدة، إذ مارست ضغوطات للحد من التأثير المتنامي لرسائل النشطاء الإلكترونيين.

وقد أشار تقرير جديد لمؤسسة فريدوم هاوس (Freedom House) صدر مؤخرا ويتناول حرية التعبير في الإنترنت لعام 2019، إلى أداء بعض الدول الإفريقية والعربية وتعاملها مع الاعتماد المتزايد للمحتجين لمواقع التواصل الاجتماعي، ومسجلاً عدة انتهاكات ضدهم خلال السنوات العشر الأخيرة.

"القمع الرقمي" ... تختلف الدول وتتكرر الآلية

اعتمدت الدول العربية التي واجهت حركات احتجاجية على ذات الآلية للتعامل مع المنصات الإلكترونية، إذ يذكر الخبير في الإعلام الرقمي ليث أبو جليل لـDW  عربية أن "السلطات تمارس القمع في العالم العربي بذات الأسلوب بشكل عام".

وأكد الخبير الرقمي أن الخطوات تبدأ عادة بـ "اعتقالٍ واسع" للنشطاء الإلكترونيين وتكثييف الضغط عليهم. وكان تقرير "فريدوم هاوس" قد أشار لعدة حالات اعتقال طالت المتظاهرين لأسباب تتعلق بتبادل الرسائل إلكترونياً: فعلى سبيل المثال، اعتقلت السلطات السودانية الناشط السياسي حاتم الميرغني، وحكمت عليه بالسجن لمدة عامين، بعد إرساله رسالة "واتساب" تتحدث عن مسؤول حكومي وصفه بـ"الفاسد"، بينما قام جهاز الأمن المصري باعتقال عدة نشطاء من بينهم المدون علاء عبد الفتاح، فيما ذكر تقرير لمنظمة هيومن رايتس وواتش لعام 2017 أن هناك نحو 140 معتقلاً في سجون دول الخليح، على إثر نشاطهم الإلكتروني.

وفي ظل تنديد مؤسسات حقوق الإنسان بهذه الاعتقالات، ولعدم وجود نصوصٍ قانونية داخلية تدعم اعتقالهم، فإن الحكومات تتجه إلى وضع تشريعات جديدة تسمح لها بملاحقة النشطاء على إثر تحركاتهم الإلكترونية، وذلك من أجل "شرعنة القمع"، كما يرى أبو جليل.

ففي مصر، قام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالمصادقة على قانون "مكافحة جرائم تقنية المعلومات" عام 2018، لـ"تنظيم" ما يحدث على مواقع التواصل الاجتماعي، بناء على تصريحات مسؤولين آنذاك. وفي السودان، قام الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير، عام 2007، باستحداث قانون جديد  باسم "جرائم المعلوماتية"، فيما أجرى تعديلات على قانون الإعلام ليستهدف النشاطات الإلكترونية. أما السعودية فقد كانت السباقة بهذا المجال، باعتبارها الدولة العربية الأولى التي فرضت قانوناً يلاحق النشطاء الإلكترونين عام 2007.

الخطوة الثالثة، كما يراها أبو جليل، فهي "مراقبة التحركات عبر منصات التواصل الاجتماعي"، وإثارة الخوف بين النشطاء من أجل دفعهم لفرض الرقابة الذاتية على أنفسهم، وقد يصل في أحيانٍ كثيرة الحد بالسلطات إلى قرصنة حسابات المحتجين وإلغائها، فقد كشف تقرير "للفيسبوك" عام 2011، أن الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي عمد إلى مراقبة رواد الموقع، إذ تم استغلال موزعي الانترنت في البلاد من أجل الحصول على كلمات سر الحسابات الخاصة بالمستخدمين، وحذفها فيما بعد.

ووفقاً لأبحاث Citizen Lab، فإن السودان في حزيران/ يونيو 2013، حصل على معدات مراقبة عالية التقنية من شركة أمريكية تصنع أجهزة مراقبة وفلترة، ليتم استخدامها لاحقاً في تموز/يوليو 2017، على ما يبدو، لزرع برامج مراقبة داخل هواتف وحواسيب محمولة لما لا يقل عن 11 ناشطاً خلال تدريبات خارج البلاد، مما سمح للسلطات بمراقبة جميع أنشطتهم عبر الإنترنت.

الخطوة الأخيرة كما يؤكد أبو جليل تتمثل بمنع الوصول لمنصات التواصل الاجتماعي مثل "الفيسبوك"، و"تويتر" و"انستغرام" و"واتساب"، والذي كان نمطاً متكرراً في أغلب ثورات الربيع العربي، أو الاحتجاجات الأخيرة، كأحداث العراق ومصر وليبيا.

ويرى أبو جليل أن فصل خدمة الانترنت عن المستخدمين جاءت كحل أخير، وذلك لشل عمل النشطاء الإلكترونيين، وعلى الرغم من الخسائر المادية التي تتسبب بها هذه الخطوة، فإن عدة دول عربية توجهت لاستخدامها، آخرها تمثل بدولة العراق، إذ قطعت السلطات الخدمة عن العاصمة وأغلب المدن العراقية، فيما قام المجلس العسكري الانتقالي في السودان بفصل الانترنت لمدة شهر خلال حزيران/يونيو الماضي، وذلك بحجة "قطع الطريق أمام تبادل الشائعات والأخبار المزيفة".

وكانت تقارير أمريكية قد أشارت إلى أن النظام السوري عمد إلى حجب الانترنت عن البلاد عام 2012.


لم تكن الممارسات التي قامت بها الحكومات عائقاً كبيراً أمام المتظاهرين، فعلى الرغم من إبطاء أداء المحتجين إلكترونياً، إلا أن "الصحفيين المواطنين" تمكنوا من تجاوز هذه الأزمة.

فقد شكلت الشبكة الوهمية VPN، والتي تسمح للمتظاهرين بفتح المنصات الاجتماعية على الرغم من حظرها، كما يشير الخبير التكنولوجي سيغفريد سيدينتوبف لـDW  عربية، وقد انتشرت هذه الآلية بين الناشطين العرب بمن فيهم المصريين والعراقيين.

بيد أن هذه التقنية لم تجد نفعها أمام قرارات حجب الإنترنت عن المستخدمين، مما دفع المتظاهرين لمحاولة إيجاد طرق أفضل لنشر صور وفيديوهات الاحتجاجات، ففي مصر والسودان توجه المحتجين إلى استخدام "ملقم الهاتف" وهي تقنية قديمة للولوج إلى الانترنت، وفي هذا الصدد يقول سيدينتوبف: "في هذه الحالة يكون الإنترنت بطيئاً جداً ويصعب رفع المواد البصرية على الشبكة العنكبوتية".

أما في العراق فإن عدداً من العاملين لدى شركات مزودة لخدمة الإنترنت قاموا بتسريب المواد التي التقطها المتظاهرين من خلال أجهزة الخادم الخاصة بشركاتهم (السيرفر).\

    لم تكن نية مارك زوكربرغ ورفاقه في أول الأمر سوى إطلاق شبكة اجتماعية خاصة بتبادل المعلومات والصور والآراء بين طلاب جامعتهم هارفارد. أطلقوا على تلك الشبكة اسم: فيسبوك. وفي الرابع من فبراير/ شباط 2004 تم تأسيس الشبكة رسمياً، ليتوافد عليها طلبة من جامعات أخرى وتلقى رواجاً ونجاحاً مهمين. هذا النجاح دفع مؤسسي "فيسبوك" إلى فتح باب العضوية للجميع ابتداءً من نهاية عام 2006.

جعل العالم "قرية صغيرة" لم يعد هدف "فيسبوك" الوحيد. فمع السنين، صار الموقع الأشهر سلاحاً ذا حدين؛ يسمح بحرية التعبير، ولكنه يثير مخاوف خاصة فيما يخص البيانات الشخصية التي بات اختراقها ممكناً وتحويلها إلى أداة قمع وارداً. (21.03.2018)