Off Canvas sidebar is empty

العنف ضد الخادمات رق وعبودية في الألفية الثالثة للميلاد! بقلم /سارة السهيل


كنت قد كتبت في مقال سابق عن العنف الذي قد يصدر من بعض الخادمات وفقا لتقارير و إحصائيات و بلاغات و أمور رأيناها و عايشناها بالواقع من حولنا من قصص و أحداث لعنف صدر من خادمة و بالطبع كما قلت سابقا ان الخادمة هي انسانه شأنها شأن اي انسان في المجتمع به الصالح والطالح الطيب و الشرير وبه العنيف و به المعنف به الظالم و المظلوم و هنا سأتحدث عن العنف ضد الخادمات او المساعدات المنزليات كما يفضل أن نطلق عليهم


يشكل العنف ضد الخادمات جريمة ضد الانسانية وعودة مجددة لزمن العبودية وبما يخالف كل مواثيق حقوق الإنسان وما نادت به الأديان السماوية من الرحمة والرفق واعطاء الحقوق للمخدومين.

هذه القضية الشائكة قديمة وحديثة ومتواصلة ولا تتوقف في بلدان العالم، وان كانت معدلات جرائمها في البلدان العربية تفوق باقي دول العالم، فالكثير من الخادمات يتعرضن لشتي صنوف العنف بدءا من زيادة ساعات العمل لمدد يزيد 18 ساعة يوميا، وبعضهن يحرم من اجازته الاسبوعية، والبعض الآخر يحرم من حصوله علي راتبه، فيما يتعرض معظمهن للإهانة والتحقير المعنوي بجانب الشتم والاعتداء الجسدي.

وهذه المآسي كشفها مبكرا تقرير صادر عام 2008 للمنظمة الدولية (هيومن رايتس ووتش) يدعو فيه دولا عربية إلى التحرك السريع خلال العام القادم  للوفاء بتعهدها حول حماية حقوق الخادمات، واعتبرت المنظمة المجهودات التي تقوم بها بعض الدول في هذا المجال غير مكتملة.

وتقول هيومان رايتس: إن الانتهاكات تتضمن العمل 18 ساعة في اليوم دون عطلة، والحبس في أماكن العمل، والحرمان من الطعام وعدم دفع الرواتب طوال أشهر وانتهاكات جسدية واخلاقية و شرفيه.

فعلى سبيل المثال لا الحصر في المغرب تعاني فئة الخادمات في البيوت  من معاملات قاسية موزعة بين العنف والتحرش والاعتداء الجسدي

 والحرمان من الأجرة، بينما تعجز الخادمات اثبات ما تعرضن له من اعتداء على  حقوقهن الانسانية.

وما يجري للخادمات في المغرب من انتهاك لآدميتهن يحدث ايضا في معظم البلدان العربية، مما يدفع الكثير من المتضررات للهروب من عنف الضرب والحرق والاهانة، وعندما تلجأ الخادمات إلى  السلطات المختصة لإثبات ما وقع عليهن من اعتداء، فان الاسرة سرعان ما تتهمها بالسرقة.

وهو ما يحدث في دول الخليج و العراق و لبنان و الشرق الأوسط عامة

وكل ما تتعرض له الخادمات من صنوف العنف والعبودية يخالف ما جاءت به الاديان السماوية ومنها الدين الاسلامي الذي اكد علي ضرورة احترام حقوق الانسان وانه لا فرق بين الخادم ومشغله لانهما مخلوقين من نفس واحدة كما قال تعالي في محكم كتابه " سورة النساء: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام، إن الله كان عليكم رقيبا".

و الدين المسيحي الذي نبذ العنف و الظلم و استصغار الناس و الإساءة إلى الفقراء

ليس من الحق أن يُهان الفقير العاقل، ولا مِن اللائق أن يُكرَم الرجل الخاطئ" (سفر يشوع بن سيراخ 10:   

و عن التعامل بحب و تواضع و تكافل و تعاون قال السيد يسوع المسيح:

فإن كنت وأنا السيد والمعلم قد غسلت أرجلكم، فأنتم يجب عليكم أن يغسل بعضكم أرجل بعض لأني أعطيتكم مثالا ، حتى كما صنعت أنا بكم تصنعون أنتم أيضا . يوحنا 13 : 14 - 15

 حكم المضطر

ولا شك ان تردي الأوضاع الاقتصادية للكثير من البشر اضطرتهم للعمل في بعض الأعمال ومنها الخدمة في المنازل، وأجبرتهم ظروفهم القاسية الي مغادرة أوطانهم، ومنازلهم وأسرهم  لكسب لقمة العيش الصعبة، والاصعب ان تلجأ المرأة للعمل بعيدا عن وطنها في بلاد لا تعرفها وتجهل ما تتعرض له من مصير مجهول  من أجل الحصول على رواتب شهريّة تنفقنها على أسرهنّ.

وتواجه الخادمة بعيدا عن وطنها وأسرتها  أشكال متعددة من العنف و الإساءة المعنويّة كالسب، والتحقير، والتوبيخ المستمر في الخلوة والعلن، أو تلقيبهنَّ بأبشع الألقاب، أو إطلاق تسميات عنصرية تقلل من شأنهنّ، أو جرح مشاعرهنّ من خلال معاملتهنّ بدونية كإطعامهنّ بقايا الطعام، أو وضع الطعام لهنَّ جانباً وبعيداً عن مكان تجمع أفراد العائلة.

كما تتعرض الكثيرات من الخادمات لعنف مادي شديد القسوة مثل الإيذاء الجسدي؛ كالضرب، أو الحبس، أو إقدام ضعيفي النفوس من أرباب الأسر على الاعتداء جنسياً على الخادمة، وهذه الأشكال من العنف تتسبب للخادمة بآثار نفسيّة، وجسديّة بما يحول الخادمة الي كائن عدواني ينتقم من الاخرين تنفيسا عن العنف الذي تعرض له عبر اساءتها للأطفال في المنزل الذي تخدم فيه.

ومن مظاهر العنف الأخرى الذي تتعرض له الخادمات تحميلهن اعباء متزايدة من الأعمال اليومية المنزلية، وعدم تقديم مردود مالي مناسب لها لقاء ما تقوم به من أعمال إضافية.

 كما أن الخادمات المستقدمات من دول مختلفه يتعرضن للظلم اكبر من الخادمات المحليات بسبب قربهم من أهاليهم او إمكانية لجوئهم لاقاربهم او معرفتهم للقوانين المحليه و كيفية الحصول على حقوقهم بالرغم من أن المستقدمات أصبحت أكثر وعيا باللجوء إلى سفاراتهم او الهرب إلى مكتب العمالة الذي احضرهم

ومن اسوء ما يمكن أن تتعرض له الخادمة هو النظرة الدونية لجنسيتها فمن منا لا يجد وطنه اغلى من روحه فهم ايضا لديهن نفس المشاعر فكيف تنظر لوطن إحداهن بدونية أو ازدراء دياناتهم و نعتهم بالكفر و النجاسة من المعيب جدا هذه المعاملة السيئة فلم يلد الإنسان و يخير بدينه و عرقه إنما المكان الجغرافي فرض عليهم دين و لغة ولون  .فبدلا من أن نكون مثالا يحتذى به و نموذجا يعبر عن أخلاق مجتمعنا و ديننا أصبحنا نموذج سيء و صورة غير لطيفه.

عبودية الالفية الثالثة

ورغم ان البشرية تحررت من نظام الرق والعبودية، لان النظم الاجتماعية المعمول بها ضد الخادمات وممارسة صنوف التعذيب وانتهاك حقوقهن الانسانية، تؤكد ان الرق العبودية لم ينتهيا وانهما مازالا قائمين في عصر السموات المفتوحة والمواثيق الدولية وزمن الالفية الثالثة للميلاد.

وصدقت نبوءة  الفيلسوف الفرنسي الشهير جان جاك روسو بقوله "وُلِدَ الإنسان حُرا لكننا نراه مُكبلا بالأغلال في كلّ زمان"  ففئة الخادمات المستضعفة، يُعاملن كالسلع المجردة من الأحاسيس والمشاعر فيكال لهن الاحتقار والشتائم والضرب أحيانا كثيرة والإهانات من أجل تحطيمهن نفسيا، ولم يرحم أصحاب الاسر فقرهن وجوعهن، بل زادوا عليهن وطأة مأساتهن  عبر اذقهتن كاسات الإذلال والتسلط  بلا رحمة ولا شفقة انسانية بضعفهن.

بعيدا عن الرقابة

 ان ما  تتعرض له الخادمات في المنازل من صنوف التعذيب والتحرش والاستغلال الجسدي يجري بعيدا عن أعين الرقابة الانسانية، فلا تراقبها الاجهزة الاعلامية ولا المنظمات الحقوقية، ولا المؤسسات الاجتماعية في الدول المستقدمة للعمالة، فضلا عن خوف الخادمات من اللجوء للسلطات المختصة خشية اتهامهن بالتهم الجاهزة وهي السرقة.

ولعل أقل  القليل من هذه الجرائم التي ترتكب بحق الخادمات يعرف طريقه للإعلام او للمنظمات الحقوقية حتى توفر لهن حقوقهن الانسانية.

الغريب في الامر اننا لم نعرف قديما على عهد اجدادنا هذه القسوة والعنف بحق الخادمات ، فهذه القسوة لم نعرفها الا في عصرنا الحديث.

فالخادمات لهن كل الحق في ان نعاملهن معاملةً إنسانية لهن حقوقهن وعليهن واجباتهن، ومن ابسط هذه الحقوق لهن ان نعاملهن بالرحمة التي جاءت بها الاديان السماوية واقرتها المواثيق الدولية، ونتوقف تماما عن اهانتهن او تحقيرهن، وان نوفر لهن  أماكن ملائمةٍ للإقامة، وتوفير ساعاتٍ للراحة وإجازة أسبوعيَّة، وعدم تأخير رواتبهنَّ، مع التوقف تماما عن اية اساة معنوية او جسدية، ويكفي ما تعانيه من اغتراب نفسي بعيدا عن الاهل والوطن.

ولنا في الرسول الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم- قُدوةٌ حسَنة، الذي كان يعامل مخدومه أنس بكل رفق ورحمة، فعن أنسِ- رضي الله عنه- قال: خدمتُ رسولَ الله تِسعَ سِنين، فما أعلمُه قال لي قَطُّ: لِمَ فعلتَ كذا أو كذا، ولا عابَ عليَّ شيئًا قطُّ.

وليحذر كل من يهضم الحقوق المادية للخادمات من ان يكون رسول الله خصيمه يوم القيامة  فقد قال الرسول انه سيكون خصيما لرجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره.

 فالمستخدم سواء كان رجل او امرأة له علينا حسن المعاملة و الاحترام و المحافظه على كرامته و اطعامه مما ناكل حتى ان لا يكون محروما من شيء من ماكل ومشرب و تهيئة مكان مناسب له للمبيت و ملابس لائقه و مراعاة ساعات الراحة و ساعات كافية للنوم و عطلة نهاية الاسبوع و مراعاة آدميتهم بان يشاهدن التلفاز او استخدام الهاتف في وقت الفراغ و ان يكون لديهم اصدقاء لانهم بشر بإحساس و قلب و ان لا تؤخر عليهم استحقاقاتهم المالية.

قصور المواثيق

اخيرا، فان المواثيق الدولية بحقوق العامل لم تهتم لشأن الخدم ولم تفرد لأوضاعهم القانونية ما يستحق من قوانين تحفظ حقوقهن الانسانية وهو ما يتطلب من المنظمات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني سرعة تجهيز مشروعات قوانين تختص بهذه الفئة من العمالة المنزلية وتقديمها للمؤسسات الدولية لإقرار حقوق هذه الفئة. كما يجب للمفكرين واصحاب الضمائر في بلدان العالم التحرك الفوري بنشر الوعي بمأساة فئة الخادمات وسبل حمايتهن مما يتعرضن له من جرائم وحشية، مع الضغط علي الحكومات لاستصدار قوانين وطنية تكفل حقوق الخادمات فيها  وصون لآدميتهن من الرق والاستعباد.

رغم بعض البوادر المبشرة بالخير انه تم منع استقدام الخادمات ممن لديهن أطفال بحاجة لوجودهم كما وضع حد أدنى للأجور و فرض تحديد يوم اجازة و وجبات الطعام في بعض البلدان إلا أنه مازال هناك الكثير لسن القوانين و تفعيلها ومراقبة تنفيذها'

كلمه اخيره

ذا كنا نحن العرب و الشرق اوسطيين نفتخر بالكرم و بواجب الضيف و استضافة المسافر و القادم و ابن السبيل و إكرام الجار و القريب و البعيد فكيف نغفل عن إكرام انسان ترك بلاده و عائلته و ربما أطفاله الذين بحاجه الى حبه ووجوده بينهم و رعايته لهم و جاء بسبب الفقر و ضيق الحال ليساعد أهله في لقمة العيش فبدلا من الوقوف معه و إكرامه و مساعدته نكن له فرعون بدلا من العون فلنفترضهم ضيوف او دخائل بالمعنى القبلي العشائري فهل نغدر بهم فمن سكن بيتك أصبح فردا من أفراد أسرتك يجب أن تعاملهم بحال اولادك فانت أصبحت المسؤول عنهم و معيلهم و رب أسرتهم الموكل بهم و بحل مشاكلهم و حمايتهم فإن لم يكن من باب الإنسانية و الأخلاق فمن باب الدين و مخافة رب العالمين و ان لم يكن من باب الدين فمن باب إكرام الضيف و الدخيل و اخيرا اقول لكم ان الحياة مثل المرآة تريك ظلك ستعطيك ما أعطيت و الزمن دوار