Off Canvas sidebar is empty

أنتِ حُرّة يا زوجتي!...رجال ضد الهيمنة الذكورية في إيران


لم يُسمح لقائدة فريق المنتخب الوطني الإيراني لكرة القدم النسائية بالمشاركة في دورة الألعاب الآسيوية، لأن زوجها نهاها عن ذلك. ورغم وقوف قانون الجمهورية الإسلامية إلى جانبه لكن على ما يبدو لم يقف جميع الرجال في البلاد إلى جانبه. يلدا زربكش تسلط الضوء على مبادرة "جاء الآن دور الرجال" المناهضين للقوانين والأعراف المجحفة بحق النساء وخاصةً المتزوجات.

"زوجتي، أنتِ حرة!" – "بصفتي رجلاً إيرانيًا أشعر بالخجل بسبب المادة 18 من قانون جوازات السفر!" - "لا أُعيد لزوجتي حقها في السفر وحسب، بل وكل حقوقها الأخرى أيضًا ". (انظر إلى الصورة في المقال) كل هذه العبارات هي إقرارات لرجال إيرانيين، تنتشر منذ نهاية شهر أيلول/سبتمبر 2015 في فيسبوك وفي الشبكات الاجتماعيَّة في إيران تحت علامة التصنيف #itsmensturn ("جاء الآن دور الرجال").

أتت مبادرة حملة حقوق المرأة غير المعهودة من قِبَلِ رجالٍ من ميدان الرياضة، حيث اضطرت نيلوفار أردلان قائدة فريق المنتخب الوطني الإيراني لكرة القدم النسائيَّة المحبوبة والمعروفة بـ"السيدة هدف" (Lady Goal) للبقاء في إيران أثناء بطولة الأمم الآسيويَّة لكرة القدم داخل الصالات في ماليزيا. ولم يعُد السبب لإصابة حالت دون مشاركتها باللعب، بل لخلافٍ بينها وبين زوجها، إذ أراد مهدي توتنجي زوج أردلان، وهو صحافي رياضة معروف، أنْ تكون زوجته موجودةً في اليوم الأول لدخول ابنهما الأصغر إلى المدرسة، ولم يحتَجْ لذلك إلا أنْ يستند إلى حقه القانوني.

فالقانون يسمح للرجال باتخاذ القرار بشأن السماح لزوجاتهم بمغادرة البلد، وكذلك بشأن حق العمل والدراسة وبشأن مكان الإقامة المشترك وحق الحضانة وحق الطلاق، فالمرأة تتنازل بمجرَّد زواجها عن كل هذه الحقوق بشكلٍ تلقائيٍ لزوجها. (الاستثناء الوحيد هو الحج إلى مكة، إذ ليست هناك حاجةً للحصول على موافقة الذكور للقيام بهذه الرحلة).

لاعبة كرة القدم الإيرانيَّة المشهورة نيلوفار. Foto: nasimonline
خارج الملعب: بعدما منعها زوجها من المشاركة في دورة الألعاب الآسيويَّة انتقدت لاعبة كرة القدم الإيرانيَّة المشهورة نيلوفار أردلان النظام القانوني في إيران الذي لا يكفل حق لاعبة في المنتخب الوطني بالمشاركة في المباريات العالمية، فالفريق بحاجةٍ لها والآن عليها أن تخذل زميلاتها كما قالت، مضيفةً: "أردتُ أنْ أشارك في تحقيق نصرٍ رياضيٍ لبلدي ولم أكُن أرغب بالسفر للتسلية".

ولكن لم يحقق النضال من أجل حقوق المرأة أهدافه بعد، بحسب تصريح المحامية المعروفة عالميًا والناشطة في مجال حقوق الإنسان نسرين سُتوده، التي سُجِنت بين عامي 2010 و 2013 وفُرِضَ عليها حظرٌ حكوميٌ من السفر خارج البلاد. تقول سُتوده: "مثل هذه الموانع التي تُفْرَضْ على النساء لا تزال موجودة للأسف في الحياة اليوميَّة عند أجزاءٍ معينةٍ من المجتمع، حيث لا يُعلي أحدٌ صوته رفضًا لها".

وتقول نسرين سُتوده إنه من المُفْرِح أنَّ "الجيل الناشئ لم يعُد مستعدًا لتحمُّل مثل هذا الظلم، سواء أكان قائمًا على حجةٍ أيديولوجيَّةٍ أو ارتباطًا بالثورة الإسلاميَّة أو بذريعة أَّنَّ الرجال هم الجنس المهيمن. وهناك الكثير من شبَّان هذا الجيل ممن قبلوا بتحمُّل المحاكمات الجنائيَّة وقد سُجن بعضهم ولكنهم كانوا على استعدادٍ لدفع هذا الثمن".

جمود ومُراوَحة للمكان رغم حملة الإنترنت

تعني بهذا مختلف المبادرات النسائيَّة ومبادرات الحقوق المدنيَّة التي أدَّت في عام 2009 إلى ما يسمى بـ "الحركة الخضراء" ضد إعادة انتخاب الرئيس أحمدي نجاد سلف الرئيس روحاني، فقد تم إحباط تلك الحركة، ومنذ ذلك الحين يسود بسبب الخوف من القمع نوعٌ من الجمود بين المجتمع المدني والنظام، حسبما يقول الباحث الاجتماعي كاوه مظفري الذي كان ناشطًا في الحركة.

رغم ترحيبه بحملة الإنترنت الحاليَّة، إلا أنه يشكُّ بفعاليتها ويقول إنَّه: "من الجيِّد أنْ يُعلَنَ عن الآراء المؤيدة، لكني لا أعتقد أنَّ الغالبيَّة العظمى من هؤلاء الرجال على استعدادٍ لدفع ثمنٍ أعلى من نشر صورةٍ في فيسبوك لكي يحصل تغييرٌ فعليٌ حقًا".

عند عقد القران هناك إمكانيَّةٌ من الناحية القانونيَّة البحتة تتمثَّل بطلب تسجيل تغييرٍ في عقد الزواج تستعيد النساء بموجبه جميع حقوقها التي يمنحها القانون للرجل، بيد أنَّ العاملين في مكاتب الأحوال الشخصيَّة من موظفين ورجال دين يتمسكون بأنماط الأدوار التقليديَّة ويرفضون غالبًا تسجيل مثل هذه التغييرات.

الناشطة الإيرانية في مجال حقوق الإنسان نسرين سُتوده. Foto: picture-alliance/abaca/K. Farzaneh
تقول الناشطة الإيرانية في مجال حقوق الإنسان نسرين سُتوده إنه من المُفْرِح أنَّ: "الجيل الناشئ لم يعُد مستعدًا لتحمُّل مثل هذا الظلم، سواء أكان قائمًا على حجةٍ أيديولوجيَّةٍ أم مرتبطًا بالثورة الإسلاميَّة أم بذريعة أَّنَّ الرجال هم الجنس المهيمن. وهناك الكثير من شبَّان هذا الجيل ممن قبلوا بتحمُّل المحاكمات الجنائيَّة وقد سُجن بعضهم ولكنهم كانوا على استعدادٍ لدفع هذا الثمن".

التغييرات في عقد الزواج ممكنة ولكنها صعبة

يُعَدُّ كاوه مظفري من القلائل الذين أفلحوا في تسجيل التغييرات بالرغم من ذلك ويقول بهذا الصدد: "كان لا بدَّ لنا في البداية من البحث طويلًا لكي نعثر أصلاً على مكتبٍ للأحوال الشخصيَّة يكون على استعدادٍ لتسجيل التغييرات، بعد ذلك وجد موظف الأحوال الشخصيَّة مشاكل مع محتوى النص الذي وضعناه، فلم يستطع التعامل معه وامتنع عن إضافة النص بشكله الحرفي، وكرر قائلاً إنه لا يستطيع تحمُّل الأمر لأنني أسمح بتعريض نفسي للضرر، وما إلى ذلك". إلا أنَّ كاوه وزوجته استطاعا في نهاية المطاف أن يفرضا رغبتهما.

ويروي كاوه مظفري أنَّ إمكانيَّة إضافة تغيير على عقد الزواج غير معروفة لدى الكثير من النساء، واللواتي على علم بها لا يرين أنَّ طرح المسألة مناسبًا أو لا يجرؤن حتى على إثارتها.

كما يخشى الكثير من الأزواج من نشوء خلافٍ بين العائلتين قبل حفل الزفاف، ناهيك عن حالات الزواج الذي لا تزال ترتبه العائلات أيضًا. وبحسب الباحث الاجتماعي "فإنَّ المرأة التي تُجْبَر بشكلٍ أو بآخر على الزواج تكون بعيدةً كل البُعْدِ عن هذه المطالب الخياليَّة والتقدميَّة".

لذلك يُعتبر التغيير في عقد الزواج بالنسبة له وأيضًا بالنسبة لنسرين سُتوده مجرد حلٍّ مؤقتٍ. ويرى كاوه مظفري أنَّ الوضع لا يمكن أن يتغير إلا إِنْ تغيَّرت القوانين، ويضيف: "بغير ذلك سيظل الرجال قادرين على إجبار زوجاتهم على العودة إلى المطبخ بغض النظر عن مكانة المرأة في المجتمع".

 
موقع قنطره
 

يلدا زربكش

ترجمة: يوسف حجازي