Off Canvas sidebar is empty

Kinostart Film Joker (picture-alliance/dpa//Warner Bros. Entertainment/N. Tavernise)

نيويورك -"الجوكر" و "الأيرلندي" و "حدث ذات مرة في هوليوود" - الأفلام الثلاثة المرشحة للفوز بجوائز الأوسكار للدورة الثانية والتسعين، إلى جانب فيلم من كوريا الجنوبية وفيلم سوري.
 

عمان - رسمي الجراح 
تحت رعاية وزير الثقافة  الدكتور باسم محمد الطويسي وابتهاجا بحلول عيد الربيع الصيني (رأس السنة القمرية الصينية الجديدة ) يقام  عند الساعة السادسة من مساء  الاثنين   20/1/2020 في المركز الثقافي الملكي بالتعاون ما بين وزارة الثقافة والسياحة الصينية ووزارة الثقافة الأردنية والسفارة الصينية في عمان والمركز الثقافي الصيني بعمان الحفلة الفنية الكونغفوية التقليدية الصينية والتي تتضمنعلى فقرات فنيه

 

https://c1.staticflickr.com/5/4799/26905566428_aef3acf737_o.jpg

شيكاغو - تعد هذه اللوحة من المدرسة الانطباعيه في نهاية القرن التاسع عشر وبداية العشرين، ازدهرت في مدينة نيويورك مستعمرة فرنسية كانت تضمّ أفرادا من مختلف المهن والحرف، من موسيقيين وفنّانين ومثقّفين وطُهاة وما إلى ذلك. وفي تشيلسي خاصّة، اُنشيء عدد من المطاعم الفرنسية التي أصبحت ذات شعبية كبيرة في أوساط الأهالي، وكان أشهرها مطعم يُعرَف بـ مُوكان.
كان يرتاد هذا المطعم رجال أعمال وممثّلون وفنّانون وكتّاب ومثقّفون. وكان من بين هؤلاء الرسّام وليام غلاكينز وزميله الرسّام روبيرت هنري. وكان هذان الاثنان جزءا من حلقة من الرسّامين الذين كانوا يصوّرون في لوحاتهم تفاصيل المدينة من حولهم ويسجّلون حياة الشوارع وأنشطة الراحة والترفيه.
في هذه اللوحة، يرسم غلاكينز جان مُوكان زوجة مالك المطعم هنري موكان وهي تتناول شرابا مع شخص آخر صديق للعائلة يُدعى جيمس مور الذي كان يمتلك مقهى فرنسيا في الجوار.
المرأة ترتدي فستانا اخضر موشّى بالزخارف والزينة وقبّعة ضخمة سوداء وتضع في عنقها لؤلؤة سوداء كبيرة بينما تنظر هي وشريكها ناحية اليسار، كما لو أنهما يتابعان شيئا أو شخصا ذاهبا أو قادما.
وغلاكينز هنا يقلّد إدوار مانيه في لوحته المشهورة حانة في فولي بيرجير التي رسم فيها الشخصية أمام مرآة. ففي المرآة الضخمة على الجدار الخلفيّ، يظهر في الوسط انعكاس لصورة زوجة الرسّام نفسه من الخلف وهي جالسة مع ناقد فنّي يُدعى تشارلز فيتزجيرالد. وفي مقدّمة الطاولة بعض تفاصيل لحياة ساكنة.
جان موكان هي نقطة الارتكاز في المنظر. وقد رسم الفنّان فستانها مستخدما ضربات فرشاة سائلة، كما نقل إلى اللوحة نظراتها الغامضة والمتململة.
والرسّام يثبت هنا تميّز أسلوبه واستخدامه البارع للألوان واختياره موضوعا برجوازيّا. كان غلاكينز مهتمّا بتصوير حياة الليل الحديثة. وهو يقدم هاتين الشخصيتين بلا تعليق أو نقد، بل بحكم كونهما صديقين فحسب.
ومع أن المنظر يوحي بالمتع وسمات الحياة المعاصرة، إلا أن الرسّام انتُقد على تصويره سلوكا غير لائق يتمثّل في إظهاره رجلا وامرأة وهما يشربان الكحول. ومثل هذا المنظر كان مألوفا وقتها في الرسم الفرنسي، لكن الجمهور الأمريكي لم يكن قد تقبّل مثل هذه الأشياء بعد في الرسم.
كان غلاكينز قد استوعب الحداثة الفرنسية ووظّفها في محاولة لدفع الرسم الأمريكي إلى الأمام. وكان يفضّل هذا المطعم بالذات لأنه كان يذكّره بالفترة التي قضاها في باريس للدراسة.
لوحات غلاكينز كثيرا ما تُشبَّه بلوحات رينوار، لدرجة انه كان يُلقّب بـ "رينوار الأمريكيّ". وكان يؤاخَذ على هذا من قبل بعض النقّاد. وكان ردّه دائما أنه ما من رسّام جدير بأن يُحتذى ويقلَّد أكثر من رينوار. ويمكن رؤية تأثير الأخير في بعض أعمال غلاكينز مثل مقهى لافاييت . ومثل رينوار، فإن لوحات غلاكينز تشيع جوّاً من الاسترخاء والسعادة.
ولد وليام غلاكينز في بنسلفانيا في مارس من عام 1870. وتدرّب في أكاديمية بنسلفانيا للفنون الجميلة على يد توماس آنشوتز، وكان من بين زملائه الرسّام جون سلون.
في عام 1895، سافر غلاكينز إلى أوربّا لدراسة أعمال المعلّمين الأوائل. وقد زار أوّلا هولندا، ثم باريس التي تعرّف فيها، هو وزميله روبيرت هنري، على أعمال الانطباعيين وتأثّرا بهم.
وقد أعجب الفنّان بالرسم الأوربّيّ وروّج له في أمريكا، خاصّة الأسلوب الانطباعي الذي يعتمد استخدام الفرشاة السريعة والألوان الساطعة. وعند عودته إلى نيويورك، انتُخب أستاذا في أكاديمية التصميم.
ثم أصبح عضوا مؤسّسا في ما عُرف بـ "مدرسة آشكان" أو مجموعة الثمانية. وعلى النقيض من زملائه في تلك المدرسة، لم يركّز غلاكينز على تصوير أكواخ الطبقة الفقيرة ومعاناة العمّال، بل فضّل أن يتعامل مع مناظر التسلية والراحة التي تتّسم بها حياة الطبقات الوسطى.
وقد شكّل اهتمامه باللون والفرشاة التعبيرية والرغبة في التجريب انعطافة مهمّة في مسار الرسم الحديث في الولايات المتّحدة.

https://farm7.static.flickr.com/6064/6102012296_9e598fe88c_b.jpg

بكين - في الاعلى صورة فوتوغرافيه  وليس لوحه  لأوّل وهلة، قد يظنّ الناظر إلى هذه الصورة أنها لوحة مرسومة بالألوان المائية. لكنّها في الواقع صورة فوتوغرافية. وما يجعلها فريدة من نوعها هو الأسلوب التقني المبتكر الذي اتبعه المصوّر في معالجتها.
هذه الصورة وغيرها من صور دون هونغ واي منتشرة على نطاق واسع في الكثير من المواقع على الانترنت لدرجة انه يمكن اعتبارها ظاهرة. ومن الواضح أن المصوّر يحاكي في لقطاته الأسلوب التقليدي الصيني في رسم اللوحات التي تصوّر مناظر طبيعية. كما أنه وظّف فيها بعض الموتيفات التي تظهر عادة في الرسم الكلاسيكي الصيني مثل طيور الماء وأشجار الصنوبر والجسور والأنهار والبحيرات والجبال التي يغطّيها الضباب.
من المعروف أن الرسم الكلاسيكي الصيني يحتفي بالطبيعة وعناصرها إلى درجة التقديس. لذا نرى تلك الرسومات مليئة بصور القوارب والجبال والأنهار والغرانيق والنوارس والنمور والجياد البرّية والنسور وأزهار اللوتس وأشجار الخوخ والصنوبر.
وما يجعل صور واي خاصّة ومتفرّدة هو التكنيك الذي يوظّفه في إخراجها. فهو يستخدم أكثر من صورة سالبة "نيغاتيف" ويعمل على كلّ واحدة على حدة. وفي النهاية يقوم بدمجها معا بطريقة تنتج صورة مونوكروميّة "أي ذات لون واحد"، لكنها جميلة ومعبّرة وتستثير الذكريات والمشاعر.
دون واي سبق له وأن درس على يد المصوّر الصيني الأشهر شِن صن لونغ الذي توفّي في تسعينات القرن الماضي عن عمر ناهز المائة عام. تلك التجربة أفادته كثيرا وفتحت أمامه آفاقا جديدة في معرفة أسرار وخبايا الإبداع في التصوير الضوئي.
في هذه الصورة يلتقط المصوّر مشهدا هادئا من الريف الصيني هو عبارة عن بحيرة يقوم على احد أطرافها جسر خشبي ويسبح في مياهها ثلاثة من طيور الماء تبدو منشغلة في التقاط الأسماك الصغيرة.
منظر التلال التي يغطّيها الضباب في الخلفية، بالإضافة إلى خلوّ هذه الصورة من أيّ حضور للإنسان، يذكّرنا مرّة أخرى باللوحات الصينية القديمة. وبعض تلك اللوحات هي عبارة عن مناظر بانورامية لطبيعة تظهر فيها سهول فسيحة وبحيرات واسعة وغيوم كثيفة وجبال ضبابية تحجب وجود الإنسان أو تختزله إلى مجرّد نقطة شبحية وضائعة وسط الحضور المهيب والطاغي للطبيعة.
في هذه الصورة تمكّن الفنّان من التقاط منظر شاعري عن عالم قائم بذاته، لكن بأقلّ قدر من التفاصيل. والمنظر يوصل إحساسا انطباعيا بالجوّ، كما أنه يوحي بمرور الزمن دون أن يكون عن زمن محدّد بالضرورة.
ولد دونغ هونغ واي في غوانتزو بالصين عام 1929م. كان الابن الأصغر لعائلة فقيرة تضمّ خمسة وعشرين طفلا. وبعد موت والديه، سافر ليعمل في سايغون بـ فيتنام. هناك عمل في احد استديوهات التصوير وتعلّم التقنيات الأساسية للتصوير الفوتوغرافي. ثم درس الفنّ في جامعة فيتنام وأصبح بعد تخرّجه مدرسّا للفنّ فيها.
وأثناء إقامته في سايغون، عمل فترة مع المصوّر الفيتنامي المشهور نك اوت الذي نال جائزة البوليتزر عام 1972 عن لقطته الايقونية التي صوّر فيها أطفالا يهربون من جحيم قنابل النابالم التي استهدفت إحدى القرى الفيتنامية.
في ما بعد، اضطرّ دون واي إلى مغادرة فيتنام مع ظهور بوادر النزاع الذي نشب وقتها بين كلّ من فيتنام والصين. كانت فيتنام قد اتخذت إجراءات مشدّدة للتضييق على الجالية الصينية التي تعيش في البلاد. وقد وجد دون واي نفسه واحدا من ملايين الصينيين الذين أصبحوا يُعرفون بسكّان القوارب ممّن اضطرّوا للهرب من فيتنام في أواخر سبعينات القرن الماضي.
فنّانو الطبيعة الصينيون عُرف عنهم منذ القدم تقديسهم للطبيعة كجزء من التراث والحضارة الصينية. وقد اجتهد الفنانون الصينيون دائما على أن لا تكون أعمالهم مجرّد تسجيل للطبيعة، بل سعوا من خلال تلك الأعمال لأن يتوحّدوا معها ويسبروا أغوارها.
كانت الطاوية مثلا تعتقد أن على الإنسان أن يفهم الطبيعة ويصادقها، لا أن يغزوها ويدنّسها ويبدّد مواردها. وكونفوشيوس كان يرى أن تحقيق التناغم مع العالم مشروط بأن يتعايش الإنسان مع الطبيعة بسلام وانسجام وأن يفهمها وأن يبحث عن المعرفة من خلالها. ومما يُؤثر عنه أيضا قوله أن الإنسان الحكيم يجد متعته في الماء والرجل التقي يجدها في الجبال.
كان الفنّان الصيني القديم يلاحظ سلوك الحيوانات والطيور ويتفاعل مع الأزهار والنباتات ويراقب تغيّر الطبيعة مع تغيّر الفصول. ولم يكن يرسم إلا بعد أن يكون قد تماهى مع كلّ هذه العناصر واستوعبها جيّدا. لذا ليس من المستغرب أن تتضمّن الرسوم الكلاسيكية الصينية بعدا روحيا بالإضافة إلى خصائصها الشعرية والزخرفية.
في هذه الصورة، كما في بقيّة صوره الأخرى، لم ينس دونغ واي أن يضمّنها كتابة بالأحرف الصينية التي تتميّز بجمالياتها الزخرفية. وفي هذا مضاهاة مع احد التقاليد الصينية القديمة في مزج ثلاثة أشكال مختلفة من الفنّ، هي الشعر والخط والرسم، على نفس رقعة الورق. وكان هناك اعتقاد بأن هذا المزج يسمح للفنان أن يعبّر عن نفسه بطريقة أكثر وضوحا وعمقا.
غادر دون واي فيتنام على متن قارب صغير. وانتهى به المطاف في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة التي عاش فيها السنوات العشر الأخيرة من حياته.
وفي أمريكا بدأ اسمه يذيع ويشتهر. وسرعان ما اعتُرف بموهبته ونالت صوره عددا من الجوائز العالمية. كما وجدت طريقها إلى بعض أشهر الغاليريهات والمتاحف والمجموعات الفنّية الخاصّة داخل الولايات المتحدة وخارجها.
دون واي استطاع من خلال صوره الرومانسية الداكنة والأحادية الألوان أن يحتفظ لنفسه بمكانة بارزة في مجتمع التصوير الفوتوغرافي العالمي. وقد ظلّ محافظا على روح الفنّ الصيني في أعماله حتى وفاته عام 2004 في سان فرانسيسكو عن عمر ناهز الرابعة والسبعين بعد جراحة فاشلة في القلب.
وبعد وفاته، تمّ إحراق رفاته ولم تُقم له جنازة تذكارية بناءً على طلبه. 

https://farm8.staticflickr.com/7743/17361576556_e3d6680686_o.jpg

برلين - تبدو لوحات دي كيريكو عالم من الغموض  في هذه اللوحة يرسم الفنّان مكانا معتما يقوم على احد جانبيه عدد من القناطر المظلمة والمنذرة بالخطر. وفي مقدّمة المنظر نرى ما يشبه ساحة يقف في مقدّمتها تمثال كلاسيكيّ بلا رأس ولا ذراعين أو ساقين، وإلى جواره فرع موز ضخم وناضج. وفي البعيد، في خلفية المنظر، نلمح شراع سفينة وقطارا مسرعا على وشك أن يخرج من اللوحة نافثاً دخانه الكثيف.
ليس من الواضح لماذا رسم دي كيريكو هذا المنظر الغامض والغريب، الذي يسخر فيه من نظريات المنظور والأسطح. كما أن لا أحد يعرف على وجه التأكيد العلاقة بين شراع السفينة والقطار المسرع ولا الرابط بين التمثال الكلاسيكي وثمار الموز.
بداية، يبدو التمثال في اللوحة ساكنا وغير قادر على الحركة أو التفاعل. كما انه بلا رأس ولا أطراف أو حواسّ. أي انه لا يستطيع أن يلمس أو يشعر أو يأكل أو يرى. ورغم حقيقة أن التمثال فقد رأسه، إلا انه يبدو كما لو انه ليس مصنوعا من حجر، بل من لحم ودم بفضل حركته الدائرية.
في العالم الطبيعي، يُعتبر الموز والتمثال شكلين متعارضين غالبا. التمثال صنعه بشر، وهو يقاوم التلف. أما الموز فنبات عضويّ، وهو عرضة للتحلّل والموت السريع. ومع ذلك فحتى التمثال يمكن أن يتعرّض للبلى والتحلّل بفعل عوامل الزمن.
هذه اللوحة تنتمي إلى المرحلة الميتافيزيقية عند الرسّام، أي عندما كان متأثّرا بفلسفة شوبنهاور ونيتشه. كان شوبنهاور يعتقد أن الفنّ متى ما قُدّم بطريقة معيّنة يمكن أن يكشف للمتلقّي أن العالم الذي نعيش فيه لا نرى منه سوى أشكال وتمظهرات.
ومن خلال جمعه أشياء لا رابط أو علاقة بينها، يحاول الرسّام أن يفعل هذا. ووضع هذه الأشياء في اللوحة يبدو غير منطقي. والناظر يشعر أن وضعها هكذا يدلّ على أنها موضوعة في مكان ما خارج الزمن. وربّما أراد الرسّام أن يشير إلى حقيقة أننا نفهم شيئا ما من خلال فهم علاقته بغيره من الأشياء في الزمان والمكان.
وهناك من يعتقد أن دي كيريكو ربّما استوحى موضوع اللوحة من قصيدة للشاعر الانجليزي ييتس تحدّث فيها عن شعره وقارنه بشيء ما ميّت وأن له خاصّية ليست بشرية. وكان الشاعر يشير إلى الإحساس بالفنّ الذي يوجد مستقلا عنّا وخارج مشاعرنا وأفكارنا اليومية.
والقناطر بُنية كلاسيكية لا يوجد خلفها سوى السواد والعتمة والحدّ الباهت الذي تصبح عنده الكلمات قصيدة وضربات الفرشاة لوحة.
والشاعر عندما يحسّ بشيء ما يجهد كي يجد الكلمات المناسبة للتعبير عنه. لكنه لا يعرف الكلمات التي يريدها إلى أن يجدها. وهو لا يستطيع أن يعرف كنه هذا الجنين الذي يتشكّل في داخله ما لم يتحوّل إلى كلمات مرتّبة بنظام صحيح. وعندما يجد الشاعر الكلمات المعبّرة فإن الشيء الذي ظلّ يبحث له عن كلمات يكون قد اختفى وحلّت مكانه قصيدة.
وفي الواقع لا يوجد في لوحة أخرى مثل هذا العدد الكبير من الموز. كما لا يوجد موز مشحون بمثل هذا الغموض وموضوع إلى جوار تمثال مكسور لأفرودايت في ميدان فارغ ذات نهار مشمس.
ولكي يُضفي جوّا إضافيّا من التعب والغموض على المنظر، رسم الفنّان سفينة راسية وقطارا ينفث دخانا ولا يعرف احد إلى أين هو متّجه، بالإضافة إلى تلك الموزات الفاسدة.
دي كيريكو عندما رسم اللوحة، كان يحاول استنباط مبادئ لما كان يسمّيه بالفنّ الميتافيزيقي. وكان يريد، ليس إعادة إنتاج الواقع الخارجي، وإنما أن يستثير الأحاسيس الغريبة، أي لحظات الكشف والتجلّي التي كان يمرّ بها في الحياة العادية.
وغالبا ما كانت كشوفاته تلك تأتيه على هيئة حزن ومشاعر متوتّرة عندما كان يتجوّل وحيدا في بعض الأماكن. وقد أحسّ لأوّل مرّة بمثل ذلك الشعور بالكآبة والحزن عندما كان يتمشّى في ردهات قصر فرساي الفرنسي. كان يتأمّل الفلسفة العدمية لنيتشه عندما أحسّ برجفة باردة وبمتعة العزلة التي تفضي إلى التجلّي.
وحدثت معه نفس هذه التجربة في فلورنسا وروما عندما حرّك مشاعره مرأى قناطر قديمة وظلال على الجدران الباردة و"موسيقى غريبة بلون أزرق داكن يشبه ظهيرة على شاطئ البحر"، على حدّ وصفه.
كان دي كيريكو يحبّ القناطر الرومانية، أوّلا لبساطة أشكالها الهندسية والغموض الذي تختزنه، وثانيا لأنها برأيه ترمز لقيم خالدة ويمكن أن تكون دليلا على وجود قوانين خفيّة.
والحضور المتكرّر للتماثيل الكلاسيكية في لوحاته يوحي باهتمامه بتاريخ العالم القديم. لكنه عُرف أيضا بحبّه لمدينة تورين الايطالية. كان يزور هذه المدينة من وقت لآخر ويتأمّل قناطرها وتماثيلها الكثيرة التي تعود للعصور الكلاسيكية.
ولو أمعنت النظر في لوحاته، لوجدت أن معظمها لا يخلو من عنصر من العناصر التي جمعها في هذه اللوحة، كالساحة المقفرة، أو التمثال المكسور الذي كان مكتملا وبهيّا ذات يوم، أو الضوء الحادّ الساطع لظهيرة أحد الأيّام، أي الوقت الذي يكون فيه كلّ شيء ساكنا ولا يحدث فيه شيء عادة.
كان دي كيريكو يرى في الأماكن المعمارية صورا ونماذج للواقع المعادي والعنيد، بينما القطار الصغير العبثى والسفينة المتأهّبة للرحيل قد يكونان رمزا لحاجة الإنسان إلى أهداف وطموحات. أما التمثال المكسور فقد يكون تذكيرا بالصروح التي أقامها الإنسان ليتغلّب على إحساسه بعدم أهميّته أو ضآلته في هذا العالم.
وفي بعض الأحيان، ظهرت محاولات لربط رمزية اللوحات بهواجس الرسّام المفترضة، وكما لو أن كلّ لوحة رسمها لها قصّة في مفكّرة أحلامه ينبغي فكّ شفرتها وتفسيرها من قبل طبيب نفسيّ.
مثلا قيل إن السفينة هي رمز لطفولته في اليونان، أي للشاطئ الذي أبحر منه البطل الأسطوري جيسون بحثا عن الفروة الذهبية. أمّا القطار المتحرّك بعيدا وجدار الطوب البنّي فيمثّلان والد الرسّام الذي كان يعمل مهندسا بإحدى سكك الحديد ولم تكن علاقة الاثنين على ما يرام. أمّا التمثال المشوّه لامرأة عارية فقد يكون بورتريها انتقاميّا من والدته المستبدّة.
وهناك من ذهب إلى أن الرسّام حوّل في لا وعيه والده ووالدته إلى أشياء صالحة للأكل كي يدمّرهما بأكثر الطرق إمتاعا بالنسبة له.
وبعض الفرويديين رأوا أن الموز قد يكون رمزا لإحباطات الفنّان الجنسية. وعند محلّلين آخرين، فإن الميدان والقناطر الفارغة تعبّر عن إحساس الرسّام بالخواء.
ولد جورجيو دي كيريكو في اليونان لأبوين ايطاليين عام 1888م. وقضى طفولته وتلقّى أوّل دروس له في الرسم في أثينا عام 1900. وبعد ستّ سنوات انتقلت العائلة إلى ميونيخ بألمانيا حيث انتظم في أكاديميّتها للفنون الجميلة وتعرّف إلى أعمال الرسّام السويسري ارنولد باكلين وكتابات نيتشه.
وفي يوليو من عام 1911 وصل دي كيريكو إلى باريس قادما من ايطاليا واجتذب اهتمام النقّاد عندما عرض لوحاته فيها.
الشاعر والكاتب الفرنسي غيوم ابولينير أصبح أقوى داعم له. وقد وصف أعماله بأنها طبيعة ميتافيزيقية. كان الاثنان قريبين من بعضهما، ويقال أن الشاعر هو الذي اختار أسماء بعض لوحات الرسّام من تلك الفترة. بل إن مفردة "الشاعر" ترد في عنوان أكثر من لوحة، مثل "حلم شاعر" و"رحيل الشاعر"، بالإضافة إلى اسم هذه اللوحة.
بعض الشعراء راقت لهم لوحة دي كيريكو هذه. ومن هؤلاء شاعرة تُدعى ويندي كوب كتبت قصيدة هي عبارة عن تحيّة ساخرة إلى هذه اللوحة تقول فيها: أنا شاعرة مغرمة بالموز. وأنا موزة مغرمة جدّا بشاعر

https://farm5.static.flickr.com/4136/4924280683_927aa94717_b.jpg

بروكسل- تمثل لوحة الفنان البلجيكي  بـول ديلفـو، 1942 قريـة عرائـس البحـر رسم هذه اللوحة اعتمادا على حلم روته له زوجته في احد الأيّام. فقد حلمت أنها رأت مجموعة من عرائس البحر على هيئة نساء يرتدين ملابس طويلة بألوان رمادية وخضراء وهنّ يجلسن قبالة بعضهنّ على كراسٍ مذهّبة في زقاق طويل يقوم على جانبيه صفّان من البيوت الرمادية.
النساء في هذه اللوحة يبدين بلا حراك، بينما يضعن أيديهن فوق ركبهنّ ويحدّقن في المجهول.
الزقاق بدوره يمتدّ إلى آخر اللوحة ويفتح على منظر لشاطئ تحيطه جبال بيضاء. في اللوحة أيضا يظهر رجل وحيد يبدو واقفا قرب جدار في الزاوية التي ينعطف عندها الشارع إلى اليمين. وفي الجانب الآخر من الجدار تظهر عن بعد مجموعة من عرائس البحر وهنّ يقفزن في الماء بعد أن تحرّرن من ملابسهنّّ.
المعنى هنا ليس واضحا تماما. ربّما كان كامنا في العقل الباطن للرسّام وزوجته. واللوحة في النهاية هي محاولة لتصوير حلم يصعب فهمه أو تفسيره.
ولد بول ديلفو في بلجيكا ودرس المعمار والديكور في أكاديمية بروكسل للفنون التي عُيّن في ما بعد مديرا لها.

https://farm5.static.flickr.com/4119/4864470086_1364de3953_b.jpg

       
        ترى هل يمكن أن يُجرح ملاك؟ والى أين يمكن أخذه بعد ذلك؟
        هل يصوّر الرسّام هنا حلما أم يعبّر عن حالة شعورية من خلال الرمز؟
        في أشهر لوحاته، يرسم هوغو سيبمبيرغ ملاكا بهيئة فتاة صغيرة تحملها عربة يقودها صبيّان يرتديان ملابس داكنة اللون.
        عينا الفتاة معصوبتان برباط ابيض وعلى احد جناحيها تبدو آثار دم. نظرات الصبيّ إلى اليمين حادّة وربّما مستفزّة. قد لا تشي هذه النظرات بتعاطف ما وقد توحي بعدم اكتراثه أو لا مبالاته بما حدث.
        ملابس الصبيّين تبدوان اكبر من عمرهما. وهيئتهما وهما يمشيان ربّما تدلّل على أنهما غير جادّين في مهمّتهما لإنقاذ الفتاة.
        جوّ اللوحة بشكل عام حزين ومقبض. وما يعمّق هذا الإحساس شكل الطبيعة التي لا توفّر سوى قدر يسير من الراحة والعزاء.
        ومن الواضح أن الرسّام أبقى على قدمي الملاك بعيدين قليلا عن الأرض، انسجاما مع الطبيعة السماوية للملائكة كما تعكسها القصص والأساطير القديمة. كما أن قدميها تبدوان حافيتين. وفي هذا إشارة ضمنية إلى أن الجروح التي لحقت بها قد لا يكون هناك أمل في شفائها. وممّا يعزّز هذا الافتراض حقيقة اقتران القدمين الحافيتين بالموت، طبقا لبعض الثقافات القديمة.
        غير أن ما يلفت الاهتمام أيضا أن الفتاة تمسك بيدها اليمنى غصنا اخضر، قد يكون رمزا لإمكانية الشفاء والولادة من جديد.
        يُنظر إلى هوغو سيبمبيرغ باعتباره رسّاما رمزيا. وقد تتلمذ على يد مواطنه الفنّان اكسيلي كاليلا. ومعظم لوحاته تتميّز بجمالها الحزين والمؤرّق. وموضوعه المفضّل كان الموت والظواهر الغيبية. في إحدى لوحاته بعنوان الموت ينصت، يرسم سيبمبيرغ الموت على هيئة هيكل عظمي يرتدي سترة سوداء بينما يستمع إلى عزف على الكمان يؤدّيه موسيقيّ شابّ. وفي خلفية اللوحة تظهر امرأة عجوز بملامح شاحبة وهي تحتضر. الانطباع الذي تعكسه هذه الصورة هو أن الموت جاء إلى هنا لإتمام مهمّة. غير انه مع ذلك يملك من الوقت ما يجعله ينتظر إلى حين يكمل الشابّ، ابن المرأة، عزف موسيقاه.
        سيبمبيرغ كان يرفض دائما إعطاء تفسير للوحة الملاك الجريح، تاركا للناظر أن يكوّن استنتاجه الخاصّ بنفسه. لكن من المعروف أنه عانى في احد الأوقات من التهاب السحايا. وقد أصبحت اللوحة بعد أن رسمها مصدر قوّة وأمل له أثناء فترة شفائه.
        هذه الجزئية من حياة الرسّام يمكن أن توفّر قراءة مجازية للوحة. إذ أن مرض السحايا يسبّب عادة تيبّس العنق والإحساس بالنوم والحساسية. وبناءً عليه، هناك احتمال أن تكون صورة الملاك انعكاسا لحالة الرسّام نفسه بعد تجربته مع المرض. كما يجوز النظر إلى اللوحة باعتبارها رمزا لانتصار الفنّان على ظروف المعاناة والألم.
        كان سيبمبيرغ يحبّ هذه اللوحة كثيرا، كما كان يتمنّى أن يلامس موضوعها المشاعر الداخلية للناس.
        وقد بلغ من افتنانه بها انه رسم نسخة كبيرة منها على جدار إحدى الكاثدرائيات في هلسنكي.
        ومنذ أربع سنوات اختيرت اللوحة كأيقونة وطنية لـ فنلندا. كما أصبحت موضوعا لأغنية مشهورة لإحدى الفرق الغنائية الفنلندية.