Off Canvas sidebar is empty


عمان – شوو في نيوز - يفتتح اليوم عند السادسة مساء" في جاليري بنك القاهرة عمان  ,المعرض  الشخصي " للفنان محمد الجالوس , ويأتي هذا المعرض ضمن نشاطات ومعارض الجاليري السنوية والتي ضمت مجموعة من العروض لفنانين شباب وأطفال وفنانون اردنيون وعرب إضافة الى الورشة الدولية التي يدعو فيها البنك سنويا , مجموعة من فناني العالم لاحتفالية سمبوزيوم بنك القاهرة عمان والمستمر للسنة الخامسة على التوالي .
يعود الفنان الجالوس هذا العام محملابحصيلة اشتغال لثلاث سنوات على موضوع أبواب 48 , تلك الأبواب التي غادرها أهلها بعد النكبة في عام 1948 وهي أبواب مجازية , في غياب المفاتيح التي يحتفظ بها أصحاب هذه البيوت ,  وما زالت هناك تنتظر العودة .

يحاكي الفنان محمد الجالوس في معرضه الشخصي بجاليري بنك القاهرة عمان مفردة الابواب وتحديدا ابواب عام 1948 في فلسطين التي اوصدها اصحابها على اسرارها مغادرين, ويقف الجالوس وقفة الباحث المتامل مستدعيا المخزون الجمالي والتاريخي فيما تركه الاجداد.

يبني الجالوس فضاءاته استنادا الى سطح تصويري متقارب ففي وسط كل اللوحات كتلة رئيسيه وتتوزع منها المفردات مثل الطيور وقطع الاخشاب والثقوب والمسامير والاشكال سواء كانت هندسيه او عشوائيه , وتحمل كل اللوحة الواحدة تكوينا مغايرامن حيث ترتيب التفاصيل .  

تكوينات الجالوس مبنية باسلوب راعى فيه التوازان والانطلاق من نقطة مركزية الى الاطراف  والربط بين الموضوع  والتكوين والصياغة وافصح لنا كيف اصبح الباب جزء من الجدار فلم يبتعد عن تقريب  وتوصيف الباب باسلوبه في البناء وهندسة الكتل .

حقق الجالوس في ترتيباته الفنية ما سعى اليه في التعبيرعن مفردة الابواب في حين كانت كل الاضافات الفنية من خطوط وكتل ونقط هي الايقاع الفني الذي خدم الاعمال ذهب بالخطوط والكتل والنقاط ووظفها باماكنها الصحيحه وحرص على ابواب 48 ان تكون كما ارادها عميقة المعنى ضاربة في التاريخ .

الابواب عند الفنان عتيقة من زمن بعيد عليها بصمات اصحابها شامخه غير متهالكه  تؤشر على ملمح اصحابها وبساطتهم وعمقهم التاريخي , واذ يعتق الفنان الابواب قاصدا من ذلك التعتيق منحها مزيدا البريق ويرمم الشروخ والجروح في الابواب والارواح معيدا للابواب بهاءها وسحرها باعتبارها منافذ الحياه .

وباسلوبيته المعروفه وتلوينيته وتقنيته المتعدده التنفيذ من الحز والكشط والتبقيع والحفر في جسد اللوحة  يكشف الجالوس عن ثراء تلوينيته من خلال تكثيف الملمس والذي يثري التلوين عبر خدود اللون وبين الغائر والنافر ولا يقف عند لون محدد وبالرغم من طغيان الترابيات اللونيه الا ان الانفراجات الزرقاء والبرتقاليات والتدرجات اللونيه الاخرى والرماديات تحضر لتعزز توصيف الفنان لمفردة الابواب .

يعبر الجالوس بكل امانة وانتماء وبما بين يدية من الوان وبما يحمل من افكار وروؤى عن الابواب الاصيلة وفي ابوابه والوانه الامل ويقف المتلقي امام ابواب 48 وهي تحضر بكل بهاءها وسحرها وعظمة اهلها ويحاكي لغة الابواب وكيف اوصدها اهلها بخامات ارضهم بمغالق الحديد وجذوع الاشجار وهي بمثابة بورتريه عنهم .

وبالرغم من اعتلاء طيور الغراب لبعض الابواب والتي قصد بها الفنان المغتصبين الا ان الفنان احكم اغلاق المساحات كما فعل الاجداد وخاب مسعاهم في العبور الى الداخل وترك الفنان طائر الغراب بحجم صغير قياسا بحجم الابواب وذلك للتاشير على رداءة فعل ذلك الطائر المغتصب .

ابواب الجالوس متعدده, موصده تكتم اسرارها او مواربه يتسلل منها الامل ومنها المشرعة على الناس والتاريخ والابواب التي تعرف رائحة اصحابها لا تنفتح الا لهم وكانهم رقمها السري .
وهوية الابواب عند الفنان تؤشر على ملمح اصحابها وبساطتهم وعمقهم التاريخي , واذ يعتق الفنان الابواب قاصدا من ذلك التعتيق منحها مزيدا البريق ويرمم الشروخ والجروح في الابواب والارواح معيدا للابواب بهاءها  وسحرها باعتبارها عنوان الحياه .
يقف الجالوس امام ابوابه محللا ازمانها ومقدرا قيمة ما يتناوله ويعيد بناء بواباته مستمدا الوانه منها وتفاصل سطوحه التصويرية من الابواب التي سرد له اجداده قصص عنها فهو يعجن الوانه بتان ويسكبها ويهدم ويبني ويكشط  لتمتين الابواب ليحاكي صمودها وشموخها .
يقول الجالوس عن تجربة ابواب  (رغم سنوات عمرها التي تجاوزت المائة بقليل، ظلت جدتي لآمي تتذكر تفاصيل تلك الليلة، ليلة الخروج العظيم من ( النعاني ),  حاملة معها بعض المتاع الخفيف ، برفقة جدي علي وعائلة مكونه من سبعة اطفال .
كان الليل قد تسلل الى سماء القرية، وصمت من نوع غريب خيم على البيوت والازقة، صاحبه اخبار هنا وهناك، تناقلها الناس عن عصابات صهيونية، شرعت بقتل كل من صادفها في الاطراف مروراً بوسط القرى المجاورة، اخبار سرت كالنار في الهشيم، موت يتوزع بالتساوي، بين قرى مسالمة وابواب ونوافذ تركت هنا وهناك، مشرعة على امل العودة القريبة، يوماً او بعض يوم، هكذا تخيل اهل القرى، وهذا ما يفسر انهم لم يحملوا معهم الا القليل من محتويات بيوتهم.
لم يخطر ببال جدتي انها ستقفل باب بيتها الخشبي للمرة الاخيرة، وقد حرصت على اخفاء المفتاح جيداً في جيب ثوبها المطرز، قريباً من القلب وفي وسط الصدر تماماً.
كانت البيوت تئن على وقع اقدام من غادروها، ولم تخمد نيران المواقد وما أعدوه لوجبة العشاء، العشاء الاخير، فقد تناقل الناس روايات لطعام ظل هناك ليستوي على مهل وعبر كل هذه السنوات من الشتات العظيم، هنا انقطع الناس بفعل آلة الموت عن ماضيهم ومعاشهم، وكل ما امتلكوه من اراض زراعية وحيوانات، اغنامهم وجمالهم وابقارهم، ظلت هناك وحيدة، تتنظر اليهم  بعيون دامعة، وهم يغادرون دون القاء التحية او الوداع.
احاول في معرضي الان، أن اعبر عن فكرة الباب المجازية، ذلك المتروك بفعل الدم والنار وحديد الموت ,هناك في فلسطين ,  ابواب غادرها اهلها في عام 1948 دون وداع , لاعتقادهم انهم سيعودون خلال ايام على اكثر تقدير ,  ابواب حملت افراحهم واحزانهم وكانت شاهداً على لياليهم الملاح ، واعراسهم ووقع اقدام زوارهم في الاعياد والمناسبات .
ابواب خشبية، بسيطة، صاغوها بأيديهم وزينوها بـ (الشيد الأبيض والوان الحقول) و حرصوا ان تظل زاهية، مبتسمة في وجه زوارها، انها ابواب الذكرى، وهو ما أل اليه حالها اليوم، فقد دمر منها الكثير، وبقيت تحرسها في الجانبين، حقول الصبر، تلك الشاهد على اثرها، ابواب ابي وجدي ,  ابواب 48 .
اقدم اليوم هذه التجربة بعد ثلاثة اعوام من العمل عليها، وشجن الذكرى يلفني ويملأ قلبي ووجداني برائحة البلاد، وابواب ما زالت تنتظر أهلها هناك , على شاطئ البحر ).
وقد جاء في تقديم الناقد العربي الكبير صبحي حديد لمعرض الفنان: (في "أبواب 48" يسعى محمد الجالوس إلى ترويض تلك المقاربة الفريدة، النبيلة والعذبة بقدر ما هي شاقة وعسيرة، والتي تكاد أن تداني المحال حتى حين تتحقق في صيغة افتراضية، على هذا النحو أو ذاك: استعادة ما بعد الذاكرة، أو محاولة استذكار عنصر محوري ناظم، مادّي ومتخيَّل، فعليّ شاهد ومجازي رامز، من ذاكرة لم يعشها شخصياً  وإن كان قد تمثّل الكثير من عناصرها ضمن انتماء بشري وشعوري جَمْعي، مكانيّ وزمانيّ في آن.
ويضيف حديدي (وقد يصحّ التذكير بأنّ الجالوس ليس غريباً عن مهارات التشخيص، ومشاقّ التصوير الواقعي الانطباعي، في علاقته بالمكان والبيوت والمدن؛ إذْ رسم العمران في الفحيص والسلط والقدس ونابلس، ولم يكن التجريد المحض أو التجريد التعبيري هو الخيار الطاغي على أعماله تلك. وأشتبه شخصياً، أو لعلي أتيح لباصرتي أن تحدس أيضاً، بأنّ الجالوس، إذْ راوده مشروع "أبواب 48" فانخرط فيه بوتائر متعاقبة ومتقاربة، خضع تلقائياً لتجربة ممضة من استذكار ذاكرة الآخرين، أسلافه على وجه التحديد؛ من دون أن يمتلك خزيناً شعورياً شخصياً حول إشكالية إغلاق الباب مع إيمان، وليس محض أمل، بالعودة إليه قريباً؛ ثمّ، بالطبع، محنة تبدّد الأمل تدريجياً، وبقاء المفتاح شاهداً على غياب حاضر، أو العكس. ) .

الجالوس مواليد عمّان درس الفن في معهد الفنون الجميلة في عمّان عام 1979، وفي عام 1982 حصل على بكالوريوس في إدارة الأعمال من الجامعة الأردنية. كتب في مجال النقد الفني والقصة القصيرة. يشغل حاليا منصب مدير دائرة الفنون في بنك القهرة عمان  وكان عمل في مجال إدارة المعارض والتصميم الفني وتعليم الفن للمرحلتين الابتدائية والثانوية، وتدريس الرسم لطلاب الفنون والتصميم الجرافيكي في جامعة فيلادلفيا – الأردن .عاش بين عامي 1994 - 1995 في مدينة نيويورك وشارك في العشرات من ورش العمل الفنية في مختلف دول العالم، ونظم العديد من المعارض الشخصية إيتداء من 1981.

  فاز بذهبية بينالي طهران عام 2003. وهو رئيس رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين سابقا ، وعضو رابطة الكتاب الأردنيين، والرابطة الدولية للفنون التشكيلية.

 

 عزت القمحاوي
بعض الكتب يعرف كيف يدافع عن نفسه في مواجهة قارئ غشاش. من هذه الكتب رواية نجوى بركات الجديدة «مستر نون»، الصادرة عن دار «الآداب». شخصياً، حاولت أن أغش وأقرأ فصلاً من هنا وفقرة من هناك، ولم أنجح، لأن كل حدث صغير في الرواية يتشابك مع حدث صغير سابق ويفسره.
ولست غشاشاً بطبعي، لكنها كانت محاولة انتقام من كاتبة تغامر بالرهان على صبر القارئ، حيث يبدو الإيقاع في الصفحات الأولى بطيئاً، لا يوحي بأن شيئاً مهماً سيحدث، بل ويقدم خطاً سردياً لن يكون موضوع الرواية.
يبدأ السرد بقول السيد المسيح لتلاميذه: «حبيبنا لعازر قد نام، ولكنني أذهب فأوقظه»، ويمضي مفتتح الرواية في ذلك الدرب، ونعتقد أننا بصدد رواية عن معجزة إحياء لعازر، تكتبها نجوى بركات، ثم نكتشف أن قصة لعازر مجرد بداية لرواية داخل الرواية، يكتبها «مستر نون» الذي سيصبح هو نفسه الموضوع، ولن يُكمل الرواية التي يكتبها أبداً.
لا نعرف عمره بالضبط، وهو يعيش في غرفة من نُزل اختاره بديلاً لبيته، لأنه لم يحتمل قيام برج قبيح أنشأه واحد من بارونات الحرب في مواجهة البيت. يبدو الرجل في البداية واحداً من ضحايا الكتابة الذين يحبونها من طرف واحد، ويضطر أحبابهم لمسايرتهم في إشباع جنونهم قليل الضرر. وهكذا، تفعل «مس زهرة» التي تهتم براحة «مستر نون»، وتوفر له أقلام الرصاص والورق الأبيض. تبدو مس زهرة مشرفة على خدمة الغرف، لكننا نتوقع أنها تميل عاطفياً إلى الكاتب الغامض.
ويمضي وقت مستر نون في عالمه الضيق: محاولة يائسة للتقدم في الكتابة، ومراقبة الشارع من الشباك، وانتظار مس زهرة التي تطرق الباب بين وقت وآخر لتتفقده. وشيئاً فشيئاً، يتسع العالم لنتعرف على شخصيات أخرى في إدارة النُزل، ونزلاء ونزيلات يتسمون بالغرابة، كما نتعرف على ذكريات «مستر نون» مع نساء أخريات: «ثريا» التي كانت تزدريه، و«ماري» التي تحتضنه بحب، كما نتعرف على أبيه الطبيب، وشقيقه سائد معشوق أمه، ثم نعرف أن ثريا هي الأم، وماري خادمة تتعاطف معه.
وتدفع الكاتبة بموجات من الضوء، موجة وراء موجة، لنرى أننا بمواجهة مريض فصام، وما يظنه نزلاً اختاره بنفسه، هو في الحقيقة مصحة يدفع شقيقه تكلفة إيوائه فيها. وبعد هذا التنوير، يحسن أن نعيد قراءة الفصل الأول، لننتبه إلى الإشارات الخفيفة التي ناثرتها الكاتبة للتأسيس لهذا الفصام: «نظرت إليه الذبابة وغمزت بطرف عينها، قبل أن تحلق ويختفي أثرها»، أو اعتبار الحقنة التي تغرس مس زهرة سنها في ذراعه مهارشة حب: «أخذت مس زهرة ذراعه برفق، ضربت خفيفاً على مرفقه، ومررت أصابعها على عروقه النافرة الزرقاء، ثم انحنت... آه، صرخ السيد نون، لقد غرست أسنانك في شراييني التي تحبين».
سنعرف بعد ذلك أن «مستر نون» ليس من ضحايا الكتابة، فهو مؤلف كتب سابقة مرموقة، ويُعلِّم الكتابة الإبداعية في الجامعة، ونتأكد من مستواه عبر تنظيره للكتابة في مواضع من الرواية. وعندما نرى فظاعات الحرب الأهلية اللبنانية، ثم صورة بيروت الفاسدة التي خرجت من بين الأنقاض، نتأكد أن السبب في فصام مستر نون هو الأم والأخ والحرب التي سحقته، وسلبته الحب بوحشية، وقبَّحت مدينته.
يمكننا اعتبار «مستر نون» رواية نفسية، وبالقدر نفسه يمكننا اعتبارها رواية حرب، أو رواية «ديستوبيا» تعري مدينة أفسدتها الحرب، كما أنها رواية وجودية تقدم عقدة البطل المعتزل للمجتمع، الخائف، الرافض غير المبالي، لكن في الوقت نفسه الباحث عن الاعتراف، ولو من خلال الإهانة!
يمضي «مستر نون» بقدميه إلى العشوائيات والحارات الشعبية لكي يحظى بالإهانة، ما يذكرنا بسعي بطل نوفيلا «في قبوي» لدوستويفسكي، عندما لمح مشاجرة في حانة، فاقتحمها لكي ينال صفعة، لكن المعتدي لوى عنه بإهمال، فظل يترصد حركته في المدينة، ويتعمد أن يواجهه. وفي كل مرة، يشيح الرجل القوي عنه، فيزداد غيظاً.
مثل بطل «في قبوي»، يعاني مستر نون من ألم ألا يكون موجوداً، ويريد الاعتراف بوجوده، لكن صبية بيروت كانوا أكثر كرماً من القبضاي الروسي المترفع، ومنحوا مستر نون ألواناً من الإهانة والجروح أرضته، وجعلته يتوقف عن جولاته!
المأزق الوجودي لمريض فصام لم يجعل الرواية تقبع داخل الأماكن المغلقة، لكنها تهتم بما تستقبله الحواس من وصف للطقس، وشكل الشوارع وحياة المدينة، بتفاصيل مفعمة بالصدق الفني، يرصدها راو يظهر قليلاً، ثم يفسح لصوت البطل أسير المصحة الذي يرى الأشياء من النافذة!
ومن النوافذ تأتي كذلك الكوارث الأكبر في حياة مستر نون. رأى، عندما كان صبياً في التاسعة، أباه الطبيب معالج الفقراء ينساب من النافذة منتحراً. ومن النافذة، يُلقي القواد بالفتاة النيبالية التي أحبها «مستر نون» وأخذها لتعيش معه. ومن النافذة في المصحة، يشاهد انتحار نزيلة بمساعدة نزيل آخر، وتمنعه مس زهرة من الإدلاء بشهادته.
الرواية حافلة بالمفارقات السوداء التي تؤسس لها الكاتبة على مهل، ومنها رعب مستر نون من اسم «لقمان»، ولا نفهم سر ذلك الرعب إلا قبل نهاية الرواية بقليل. سنعرف أن لقمان المخيف يسكن حكاية من طفولته سحقت أباه قبل أن تسحقه. كان اسم لقمان لمسلح اقتحم مستشفى الأطفال، حيث يعمل والد مستر نون. قبل وصول المسلح، طلب الطبيب من الممرضة تخدير الأطفال، والممرضة فلسطينية الأصل، ناجية من مذبحة 1948، ولا تريد أن ترى مذبحة أخرى، لذلك زادت الجرعة التي حقنت بها الأطفال، ثم حقنت نفسها في النهاية. وعندما دخل لقمان، وجد الأطفال ميتين سلفاً، فإذا به ينحني ليحيي شجاعة خصمه: «نشكرك أيها الطبيب، لقد قدمت لنا خدمة لا تقدر بثمن. فمهما يكن، يبقى قتل الأطفال صعباً يتطلب مقدرة كمقدرتك!».
في هذه الرواية، كما في رواياتها السابقة، يبدو هاجس اللغة قوياً لدى نجوى بركات. لغة فحلة، لكن فحولتها لا تخفي أنوثتها البادية في أبسط سلوك تأتيه امرأة في الرواية، في تشبيه لحظة سكينة البطل بـ«راحة العجين». وفي ظني، لم تكن الرواية بحاجة إلى صفحة الختام الأخيرة، وهي عبارة عن تقرير كتبه الطبيب أندريه للشرطة، نعرف منه أن «مستر نون» سيدة تعاني التباساً في الهوية، وتظن نفسها رجلاً.
وفيما يزعم رولان بارت، فإن «في كل رجل يحكي أنوثة تفصح عن ذاتها»، وما يعانيه السيد أو السيدة نون شيء أكبر من التباس الهوية؛ هو افتقاد الحب الذي جعل موته أو نومه أعمق من نوم لعازر، ويحتاج إلى معجزة كي ينهض.

- روائي مصري

https://farm2.static.flickr.com/1285/5187844517_64f4ec43bc_b.jpg

 لولا أن هذه اللوحة تحمل اسم رسّام آخر، لظنّ الناظر أنها لوحة غير معروفة لـ كلود مونيه. فأوجه الشبه بين الاثنين كثيرة.
ولو صحّ أن الرسّامين يمكن أن يُستنسخوا في أزمنة مختلفة، لكان هذا الرسّام الروسي الشابّ أحقّ من غيره بنيل لقب مونيه الجديد.
بل إن في خصائص ألوان دوغارجابوف ما يشي بأنه قد يكون تجاوز المستوى الذي بلغه سيّد الانطباعية القديم.
مناظر دوغارجابوف مدهشة، تأسرك بألوانها وأضوائها الساحرة. والطبيعة في لوحاته تنطق بالكثير من آيات السحر والجمال. كما أن لمعان ألوانه يشهد بموهبته الفائقة وفهمه العميق للعلاقة بين الألوان والفراغات والخطوط.
وصور الرسّام عموما تعكس جمال الطبيعة الروسية: أمسيات الصيف الهادئة، الضباب الذي يلفّ الطبيعة وقت الفجر ولحظات الغسق بهدوئها وغموضها المهيب.
في هذه اللوحة يرسم دوغارجابوف منظرا لشرفة تطلّ على شاطئ البحر. تفاصيل المشهد عامرة بالإيقاعات الموسيقية التي تتشكّل من امتزاج الخطوط والألوان. وكلّ شيء فيها يلمع في وهج الشمس، حتى انعكاسات الظلال. الرسّام يضع جمال العالم تحت نظر المتلقّي من خلال هذا التناغم المدهش للألوان التي ينبثق منها الضوء بنعومة لينعكس على الطاولة والمزهرية والكراسي والسياج المعدني والستارة وعلى كلّ شيء.
دوغارجابوف رسّام متميّز ومختلف. تنظر إلى لوحاته فتظلّ في ذاكرتك لزمن طويل. وستلاحظ أن كلّ شيء فيها مغطّى بطبقة ناعمة من الضوء. الانعكاسات الناعمة والمتوهّجة تطبع كلّ شيء، بدءاً من أزهار الليلك إلى الطاولات والكراسي والمظلات والبيوت والقوارب والأشجار المحتشدة على ضفاف الأنهار.
والسماء والماء عنده يندمجان ويذوبان معا ليتحوّلا إلى وحدة واحدة ومتناغمة.
عشق الرسّام للطبيعة واضح وجليّ في كلّ ضربة من ضربات فرشاته. وكلّ لوحة تخلق عالمها الخاصّ الذي هو مزيج من الروحانية والرومانسية والشعر.
بعض مناظر دوغارجابوف تبدو تجريدية إلى حدّ ما. لكن ما أن تبتعد عنها قليلا حتى تكشف عن إيقاعاتها وتفاصيلها. وكلّما قضيت وقتا أطول في النظر إلى لوحة، كلّما أفصحت لك عن المزيد من مظاهر جمالها المخبوء.
ولد باتو دوغارجابوف في قرية روسية تقع على الحدود مع منغوليا. ومنذ طفولته كان يضع عينه على السهوب الواسعة والمروج الخضراء التي تتخللّها الأنهار والغابات والحقول. المنطقة المجاورة للبحر الأسود أو الريفيرا الروسية كما تُسمّى، كانت وما تزال البقعة المفضّلة التي يستمدّ منها إلهامه. وبعض النقّاد يعتبرونه امتدادا لجيل الانطباعيين الروس الكبار أمثال كونستانتين كوروفين وفيودور زاكاروف وابرام اركيبوف.
درس باتو دوغارجابوف الرسم في موسكو وشارك في معارض في موسكو وباريس. وخلال السنوات الأخيرة وجدت بعض أعماله طريقها إلى المجموعات الفنّية الخاصّة في روسيا وفرنسا وايطاليا وبريطانيا واليابان.

فاشن فورورد دبي, Fashion Forward Dubai, أسماء المصممين المشاركين
دبي، الإمارات العربية المتحدة، شهدت فعالية الموضة الأبرز في دبي "فاشن فوروورد دبي"، تطوراً ملحوظاً منذ تأسيسها عام 2013، لتصبح اليوم واحدة من أكثر الأحداث المرتقبة في عالم الأزياء من جانب الكثيرين على مستوى المنطقة والعالم.
ويسلط الحدث الذي تنطلق فعالياته في حي دبي للتصميم ويستمر أربعة أيام في الفترة من 30 أكتوبر إلى 2 نوفمبر من العام الجاري، الضوء على مجموعة واسعة ومتنوعة من الأزياء الراقية والعصرية التي يقدمها نخبة من المصممين المحترفين والصاعدين الساعين لإضافة بصمتهم الخاصة.
وسيتم خلال الملتقى العالمي استعراض أحدث تشكيلات الأزياء العالمية لدور أزياء مرموقة مثل دار "كريستيان كوان" والتي ارتدت أزياءها مجموعة من أشهر النجمات العالميات أمثال ليدي غاغا و بيونسيه إضافة الى النجمة كاردي بي، إضافة إلى دار "روبرت وون" والتي تتخذ من لندن مقراً لها والتي ارتدت ملابسها مؤخراً كل من العارضتين الشهيرتين جيجي حديد وناديا دزياك احتفالاً باطلاق مجموعتها المميزة والفاخرة من الملابس الجاهزة.
وسيشهد الموسم الجديد من "فاشن فوروورد دبي" مشاركة عدد من المصممين العالميين والإقليميين الذين طالما كانت لهم بصمة واضحة في مجال عرض الأزياء والذين اعتادوا على التواجد في هذا الحدث بشكل فعّال، مثل أماتو وأتيليه زُهره ومايكل سينكو ويوسف الجسمي إلى جانب مصممي الألبسة الجاهزة المعروفين مثل أروى البناوي وبهنوود حصة فلاسي وكيبا وروني حلو وسديم وفاروين مروة.
في المقابل، ستمنح الفعالية المصممين الصاعدين فرصة إثبات جدراتهم في عالم الموضة والأزياء أمثال حاس إدريس وحازم قيس وجيسكا كيه وميسون فرح والي وريمامي وثيم تانيا سكاف.
وفيما يلي لمحة سريعة عن عروض الأزياء التي ستشهدها فعالية "فاشن فوروورد دبي 2019"، حيث شارك المصممون المشاركون في نسخة هذا العام من الفعالية مجموعة من التصاميم والرسومات والصور الملهمة لتشكيلاتهم القادمة.

https://farm4.static.flickr.com/3438/3368213361_2de5ec72c6_o.jpg

قد تكون القيمة الإبداعية لهذه اللوحة موضع تساؤل وجدل. غير أن من الواضح أنها تتّسم بجدّة موضوعها وطرافة تناولها. وقد انتشرت مؤخّرا على نطاق واسع عبر الانترنت على الرغم من أنها ُرسمت قبل ثلاث سنوات.
صاحب فكرة اللوحة هو الرسّام الصيني داي دودو الذي أشرك معه في رسمها اثنين من زملائه لأن ضخامتها وكثرة الأشخاص والتفاصيل فيها كانت تتطلّب نوعا من الجهد الجماعي. ويبلغ طول اللوحة ستّة أمتار وعرضها ثلاثة. وهي تشبه في ضخامتها واتّساعها، إلى حدّ ما، لوحة رسّام عصر النهضة الايطالي باولو فيرونيزي بعنوان عُرس في قانا الجليل .
وكانت الغاية أن تضمّ اللوحة مائة شخصية تاريخية من عصور وأمكنة مختلفة رأى الرسّامون الثلاثة أنها تمثل الشخصيّات الأهمّ في تاريخ العالم في ميادين الفكر والسياسة والحرب والفلسفة والفنّ والرياضة وغيرها.
وقد استغرق رسمها حوالي السنة، واختار الرسّامون سور الصين العظيم ليكون المكان الذي يجتمع حوله هذا العدد الكبير من الشخصيات.
في اللوحة تظهر الشخصيّات المائة في مشهد رتّبت تفاصيله بعناية. وقد كان في ذهن الفنانين الثلاثة أن يجمعوا كلّ هذه الشخصيات معا في هذا المكان كي يديروا نقاشا افتراضيا مع دانتي اليغييري شاعر القرن الرابع عشر الايطالي ومؤلف كتاب الكوميديا الإلهية.
ويظهر دانتي واقفا في أعلى السور في الزاوية اليمنى من اللوحة، بينما يحيط به الرسّامون الثلاثة الذين يشرفون على الحشد المجتمع أسفل منهم.
وفي خلفية اللوحة يظهر، بالإضافة إلى السور العظيم، صرحان آخران من أشهر صروح العالم القديم: أهرامات مصر وحجارة ستون هنج الأثرية البريطانية.
دانتي يقوم هنا بدور المحاضر أو المعلّم. ويبدو انه اختير لهذه المهمّة لكونه مؤلّف الكوميديا الإلهية؛ الكتاب الذي يعتبره بعض النقاد أعظم عمل أدبي ألّف بالايطالية وواحدا من أهمّ التحف الأدبية العالمية. وهو عبارة عن مجموعة من القصص التي يحكي فيها دانتي عن رحلته المتخيّلة إلى عالم ما بعد الموت ويصف فيه على وجه الخصوص أهوال وعذاب الجحيم.
أما شكل اللوحة وأسلوب بنائها وتوزيع الشخصيات فيها فمن المرجّح أن الرسّامين استوحوه من لوحة رافائيل المشهورة مدرسة أثينا التي صوّر فيها مجموعة من أهم علماء وفلاسفة العالم القديم وهم منخرطون في حلقة نقاش.
لكنْ في هذه اللوحة لا يبدو أن ثمّة الكثير مما يربط الشخصيات بعضها ببعض.
وقد يتساءل شخص، مثلا، عن العلاقة التي يمكن أن تربط سقراط بـ بيل غيتس، أو هتلر بـ بيتهوفن، أو ليوناردو دافنشي بـ ستالين اللذين يشاهدان وهما منهمكان في الحديث مع بعضهما.
ومع ذلك لا تخلو اللوحة من بعض العناصر اللافتة والطريفة. فـ كوفي عنان يظهر وهو يعزف على آلة الفلوت، بينما نرى ليو تولستوي وهو مستغرق في العزف على الأكورديون، فيما بوش الابن ينظر عبر منظار مكبّر وخلفه مباشرة يقف أسامة بن لادن. ولم ينسَ الرسّامون أن يسجّلوا حضور النعجة المستنسخة دوللي التي تقف عند قدمي غاندي.
والذي يدقّق في قائمة الشخصيّات المرسومة في اللوحة لا بدّ وأن يستغرب، مثلا، غياب أشخاص مثل المسيح وبوذا مقابل حضور أشخاص أقلّ شأنا مثل لاعب الكرة بيليه والمغنّي ايلفيس بريسلي والمخرج ستيفن سبيلبيرغ واعتبارهم من الشخصيات التاريخية.
ثم هناك صورة خوان انطونيو سامارانش مسئول اللجنة الاولمبية العالمية سابقا والذي يبدو أن الرسّامين حشروه في اللوحة عنوةً، مجاملة له على تزكيته ترشيح الصين لاستضافة الاولمبياد الأخير على أراضيها. بعض النقاد قرءوا حضور دانتي في اللوحة وإعطائه دور المعلم قراءة مختلفة. فالمعروف أن الكوميديا الإلهية مكرّسة في جزء كبير منها للحديث عن صورة الجحيم والأهوال التي تنتظر العُصاة والخاطئين فيه. وكأنّ في هذا إشارة تخويف أو رؤية عن "جحيم ما" ينتظر شخصيات اللوحة أو بعضهم.
ومن الملاحظ أيضا أن اللوحة تضمّ صورا لبعض الحيوانات والطيور التي رافقت الإنسان منذ فجر الخليقة، مثل الجمل والثور والنسر بالإضافة إلى صورة لكلب وخروف يقودهما شخص يُحتمل انه النبيّ نوح أو موسى.
ولا بدّ أن يستوقف الناظر إلى اللوحة منظر الرجل الضخم ذي الملامح الصينية الذي يبدو مترنّحا فوق كرسيّه وكأنه يحاذر السقوط إلى الأرض. هذا الرجل بحسب ما يشير إليه اسمه هو "لي باي" الذي يعتبر أشهر شعراء الصين الكلاسيكيين والذي عاش في القرن الثامن الميلادي. وقد كان لي باي من أتباع الطاويّة وعُرف بأشعاره التي تمجّد الحرّية وبشغفه الكبير بالخمر وكثرة الأسفار. ولعلّ رسمه بهذه الطريقة الغريبة له علاقة بالكيفية التي مات بها. إذ يقال إنه غرق في مياه اليانغتسي بعد أن سقط من قاربه ليلا بينما كان يحاول، وهو سكران، الإمساك بالقمر المنعكسة صورته في مياه النهر.
ومن الأشياء الأخرى التي تلفت الانتباه في اللوحة ذلك الصفّ الطويل من الأشخاص الذين يظهرون في أعلاها وهم يرتدون ثيابا بيضاء أشبه ما تكون بالأكفان بينما يأخذون طريقهم باتجاه الأهرامات التي قد تكون رمزا للموت أو الخلود.
ترى هل هؤلاء هم الضحايا؟ قتلى الحروب والمآسي التي جلبها عظماء التاريخ من ساسة وقادة عسكريين؟
أغلب الظنّ أنهم كذلك. ومما يرجّح هذا الاحتمال صورة المرأة التي تقف في نهاية الصفّ خلف بوش الابن مباشرة وإلى جوار بن لادن، والتي ترفع يديها إلى السماء بالتوسّل والشكوى. ومن الواضح أن الرسّامين استعاروا هذه اللقطة من صورة فوتوغرافية مشهورة للمصوّر الفرنسي هنري بريسون التقطها في أربعينات القرن الماضي لأقارب ضحايا إحدى المذابح الطائفية التي حدثت في مدينة سريناغار الهندية.
وهناك احتمال أن يكون الدافع الأساسي من وراء رسم اللوحة هو محاولة الترويج للثقافة الصينية في العالم. فهناك اثنتان وعشرون شخصيّة صينية في اللوحة, ومعظمهم مجهولون تماما خارج الصين. وربّما لا يُعرف منهم سوى كونفوشيوس ولاو تسو وجنكيز خان وماوتسي تونغ وصن يات-سين ودينغ شياو بينغ.
وما يعزّز هذا الاحتمال طغيان الكثير من جوانب الثقافة الصينية على اللوحة، مثل الطاولات التي غُطيت بخارطة الصين، وقطع الأثاث والنقوش والزخارف الصينية والأواني البرونزية والعتاد الحربي والآلات الموسيقية الصينية.
هناك من يقول إن سرّ شعبية هذه اللوحة واهتمام الناس بها يعود إلى حقيقة أن الناس في هذا العصر الذي تهيمن عليه الميديا واسعة الانتشار مفتونون كثيرا بالشخصيات النجومية وميّالون إلى تمجيد المشاهير بل وحتى إحاطتهم بهالة من التبجيل والقداسة، يستوي في ذلك أكان الشخص المشهور سياسيا أو مغنيّا أو رياضيا أو رسّاما أو ممثّلا أو غير ذلك.

"لعبة العروش"

نيويورك - تصدر مسلسل "فليباغ" البريطاني الكوميدي فئة المسلسل الكوميدي في جوائز إيمي لهذا العام، التي تم إعلانها في حفل أقيم في لوس أنجليس بكاليفورنيا.

وحصل "فليباغ" على أربع جوائز في عدد من الفئات، من بينها أفضل مسلسل كوميدي، وأفضل سيناريو لمسلسل كوميدي، وأفضل ممثلة في دور بطولة لبطلته وكاتبته فيبي والر-بريدج.

وحصل مسلسل "لعبة العروش" على جائزتين، من بينهما أكبر جوائز الإيمي، وهي أفضل مسلسل طويل. أما الجائزة الثانية التي حصل عليها المسلسل فكانت جائزة أفضل ممثل مساعد، والتي فاز بها بيتر دينكليدج، عن أدائه لشخصية تيريون لانستر في المسلسل.

وحصلت الممثلة البريطانية جودي كومر على جائزة أفضل ممثلة في مسلسل درامي، عن دورها في مسلسل "قتل إيف". 

وقالت والر-بريدج مازحة عند تسلمها جائزتها عن "فليباغ"، الذي كتبته وأدت دوره الرئيسي "إنه شيء رائع ومطمئن أن تصل امرأة منحرفة غاضبة مضطربة إلى جوائز إيمي"، في إشارة لبطلة مسلسلها.

وأضافت والر-بريدج أن احتمال الفوز بجائزة كان دافعا لها على الكتابة. وأضافت "أجد الكتابة أمرا عسيرا مؤلما، ولكنني أود أن أقول من أعماق قلبي إن سبب قيامي بالكتابة هو هذا"، مشيرة إلى تمثال الإيمي الذي تحمله في يدها.

https://farm7.static.flickr.com/6088/6093693910_7f497d3b3a_b.jpg

في العام 1624، كلّف الكاردينال بورغيزي النحّات والفنان جيان لورنزو بيرنيني بتحويل قصّة ابوللو ودافني الأسطورية إلى عمل رخامي.
وشرع بيرنيني في نحت هذا التمثال الذي يصوّر اللحظة التي تمكّن فيها ابوللو إله النور من الالتحام بالحوريّة دافني بعد أن دأبت على صدّه وإبعاده. تلك اللحظة التي تقول الأسطورة إن جسد دافني تحوّل عندها إلى شجرة غار وشعرها ويديها إلى أغصان وأوراق.
هذه القطعة النحتية الرائعة هي أفضل مثال على براعة بيرنيني وحرفيّته العالية. وقد جرت العادة على أن يُصنّف التمثال على انه من الفنّ الايروتيكي، غير انه بنفس الوقت يمكن أن يرمز إلى التحوّلات التي مرّ بها النحّات في مراحل تطوّره الفنّي.
كان بيرنيني نحّاتا ورسّاما ومهندسا معماريا بارزا، كما كان مناصرا قويّا لفنّ الباروك في إيطاليا. وقد ولد لأب كان يعمل نحّاتا هو الآخر. وعندما لاحظ براعة ابنه في التعامل مع الحجر وهو بعدُ في سنّ مبكرة، عهد به إلى من يعلّمه وينمّي ويرعى موهبته.
"ابوللو ودافني" كان آخر عمل موّلته عائلة بورغيزي، وهو أحد أشهر الأعمال النحتية وأكثرها شعبية وشهرة حتى اليوم. وقد بدأ بيرنيني نحت التمثال وهو في سنّ الرابعة والعشرين وتطلّب إنجازه ثلاث سنوات كاملة.
والقصّة التي يجسّدها التمثال تحكي عن الرغبة وتتضمّن إشارات عديدة إلى الحواسّ وخاصّة اللمس. وقد حوّل النحّات الأسطورة إلى قطعة فنية مليئة بالرقة والشاعرية. ومن الواضح أن بيرنيني عمد إلى استلهام الصورة التي كانت رائجة عن ابوللو في العصر الهيلينستي، فصوّره بشعر طويل وملامح جميلة وبهيئة ليست بالذكورية ولا بالأنثوية الخالصة.
السؤال الذي أثاره الكثيرون في تلك الفترة هو: ما الذي يدفع رجلا متديّنا كالكاردينال بورغيزي للاهتمام بتجسيد أسطورة وثنية والاحتفاظ بها في منزله؟
الجواب نجده في بيت الشعر المنسوب للكاردينال بارباريني "البابا في ما بعد" والذي أمر بورغيزي بحفره في إطار قاعدة التمثال والذي يقول: "أولئك الذين ينشدون المتع السريعة الزوال لا يبقى بأيديهم في النهاية أكثر من أوراق الحنظل".
بحلول العام 1624 تبنّى بيرنيني اتجاها تعبيريا مفعما بالمضامين الانفعالية والسيكولوجية. ويُعزى له الفضل في تصميم عدد من النوافير ذات التماثيل البديعة والفخمة وأشهرها نافورة الأنهار الأربعة، لدرجة أن روما أصبحت في زمانه تسمّى مدينة النوافير. كما صمّم عددا من القصور والكنائس المشهورة. وقبيل وفاته ذهب إلى باريس كي يشارك في إعادة تصميم متحف اللوفر.
وقد عاش بيرنيني حياة طويلة امتدّت زهاء ثمانين عاما أنجز خلالها عددا من الأعمال النحتية التي تعتبر اليوم علامات بارزة ومهمّة في تاريخ النحت الغربي. ومن أشهر أعماله الأخرى تمثال سينت تيريزا، الحقيقة كما يكشفها الزمن، ديفيد، و"بلوتو وبروسيربينا".
وممّا يؤثر عن احد النقاد قوله واصفا قوّة منحوتات بيرنيني: للفنّ العظيم سلوكياته المخيفة. فقد أخذ بيرنيني الحجر وحوّله إلى لحم، وأخذ راهبة ومنحها شهوة".
الجدير بالذكر أن أسطورة ابوللو ودافني كانت موضوعا للعديد من الأعمال المسرحية والشعرية عبر العصور. كما استوحى من أحداثها الموسيقي الألماني فريدريك هاندل أحد أشهر أعماله الاوبرالية.

https://farm3.static.flickr.com/2243/1795834910_c31b52ebd4_o.jpg

كان البيرت رايدر احد أكثر الرسّامين أصالةً في أمريكا خلال القرن التاسع عشر.
وقد تلقّى تعليما أوّليا في الفنّ على يد رسّام البورتريه وليام مارشال ثم التحق بالأكاديمية الوطنية لفنّ التصميم.
ويغلب على رسوماته الطابع التعبيري، الأمر الذي دفع بعض مؤرّخي الفنّ إلى اعتباره فنّانا حداثيا.
ويقال إن لوحاته مهّدت لظهور الاتجاهات الرمزية والتجريدية في الفنّ الحديث.
ودائما ما كان يبدي شغفا شديدا بالآداب والفنون عامّة. وأكثر لوحاته تستمدّ موضوعاتها من الإنجيل والميثولوجيا ومن الأعمال الأدبية لـ شكسبير وبايرون وتينيسون وإدغار الان بو ومن موسيقى فاغنر. وقد بلغ من شغفه بالأدب انه كثيرا ما كان يكتب قصائد شعر لترافق لوحاته.
في هذه اللوحة رسم رايدر الموت على هيئة هيكل عظمي بشري يحمل منجلا ويمتطي صهوة حصان في مضمار للسباق.
التفاصيل في اللوحة تعطي إحساسا بالانقباض والكآبة. فالسماء حالكة مكفهرّة ومضمار السباق نفسه يبدو بلا نهاية. وليس هناك في المشهد كلّه أيّ أثر للحياة. حتى الشجرة الوحيدة هنا تبدو ميّتة جرداء.
وفي الأسفل تظهر أفعى طويلة وهي تتحرّك على امتداد ذلك الجزء من اللوحة.
وقد استلهم الفنّان موضوع اللوحة من قصّة رجل من نيويورك أقدم على الانتحار بعد أن فقد جميع ممتلكاته إثر خسارته في الرهان على حصان خلال أحد السباقات.
وعندما علم رايدر بما جرى للرجل، وكان يعرفه، شرع في رسم اللوحة التي عمل عليها لسنوات وعدّل فيها وغيّر كثيرا.
ربّما تكون الأفعى في اللوحة رمزا للإغراء والموت، والمضمار الأجرد صورة مجازية عن عبثية الحياة وقسوتها.
الفنّان اختار اللونين الأصفر الخفيف والرمادي وظلالهما لتكثيف الجوّ السوداوي للمشهد.
كان رايدر شخصا واسع الخيال ميّالا للعزلة مع شيء من التصوّف وبعض الرومانسية. وقد شغله طويلا التفكير في علاقة الإنسان بالقوى الغيبية وبعناصر الطبيعة وعُرف عنه حبّه لرسم المشاهد الليلية للبحر التي تعطي إحساسا بالكآبة الممزوجة بشيء من الحلم والشاعرية.
كما عُرف بتديّنه الشديد وزهده في الأمور الدنيوية. فلم يتزوّج أبدا وكان دائما يقول إن الفنّان لا يحتاج، بالإضافة إلى عدّة الرسم، لأكثر من سطح منزل ينام فوقه وكسرة خبز يعيش عليها والله يتكفّل بالباقي.
وقد زار رايدر أثناء حياته العديد من البلدان، منها ايطاليا واسبانيا والمغرب وفرنسا وايطاليا وبريطانيا. غير أن تلك الأسفار لم تؤثّر كثيرا في فنّه.
قصّة الجواد الشاحب والفارس الذي يرمز للموت لها أصل ديني. إذ يذكر الإنجيل أن رجلا يمتطي حصانا شاحبا سيظهر في الأرض قبل حلول الساعة فينشر الأوبئة والأمراض الخطيرة وأن الموت سيطبق على البشر، عدا الذين يختارون الربّ هاديا ومرشدا. وفي النهاية سيتدخّل الإله لمنع اجتثاث البشر من الأرض قبل أن ينزل المسيح من بين الغمام ليعلن قيام مملكة الربّ الأبدية.
وهناك من يربط قصّة الجواد الشاحب بأحداث معاصرة. بينما يذهب آخرون إلى القول إنها حدثت فعلا في عصور غابرة.
وقد صوّر هذه القصّة رسّامون كُثُر أهمّهم فيكتور فاسنيتسوف وألبريخت ديورر.
الجواد الشاحب الذي يذكّر بالموت أصبح أيضا موضوعا للعديد من الروايات والأعمال الأدبية. كما حوّلته الثقافة الحديثة إلى مادّة للأغاني والألعاب الاليكترونية.
توفي البيرت رايدر عام 1915 في منزل احد أصدقائه الذي كان يقوم على رعايته وذلك إثر مرض لازمه طويلا.
وبعد موته اُكملت بعض لوحاته الناقصة كما تمّ إدخال تعديلات على بعضها الآخر بحيث بدت مختلفة عن هيئتها التي رُسمت بها في الأصل.
وقد ازدادت شهرته بعد رحيله وزاد الطلب على اقتناء لوحاته التي يوجد بعضها الآن في المتاحف والغاليريهات الرئيسية في أمريكا الشمالية.

https://farm9.staticflickr.com/8370/8511244728_69f880c560_b.jpg

معظم أعمال إل غريكو عبارة عن أجساد مشوّهة لأشخاص مكروبين ومعذّبين. وقدّيسوه ومادوناته وشهداؤه غالبا ما يظهرون بهيئات مستطيلة كما لو أنهم عُذّبوا على صفائح أو ألواح مسطّحة. لكن هذه اللوحة تبدو غريبة ومختلفة كثيرا عن أسلوب الرسّام. ومن الصعب التوفيق بين الرأس المرسوم بأسلوب جميل والرؤوس المشوّهة التي ألفنا رؤيتها في لوحاته الأخرى.
هنا امرأة حقيقية من لحم ودم، وبوجنتين متورّدتين وشفتين حمراوين. كما أن صورتها تنبض بالألوان الحمراء والزهرية الناعمة وتشتعل حيوية. ولهذا السبب، كان هناك جدل قديم حول ما إذا كانت اللوحة لـ إل غريكو فعلا. وإن صحّ أنها له، فربّما تكون هذه هي المرأة الحقيقية الوحيدة التي رسمها.
ولأن اسم المرأة غير معروف، فقد حاول الكثيرون التنقيب خلف معطفها الباذخ وملامحها الغامضة ليعرفوا السرّ الذي تخبّؤه. ملابسها الأنيقة قادت إلى محاولات عديدة لتحديد هويّتها. البعض قال إنها كاتالينا الإبنة الثانية لـ فيليب الثاني ملك اسبانيا. والبعض الآخر ذهب إلى أنها ابنة الرسّام نفسه، رغم انه لا يوجد دليل على انه كانت له ابنة، كما انه لم يتزوّج أبدا.
لكنّ هناك رواية أخرى تكتسب بعض المصداقية وتشير إلى أن المرأة في اللوحة هي هيرونيما دي لاس كويفا صاحبة الرسّام. الطريقة المتأنّقة التي رُسمت بها يد المرأة يسوقها البعض كدليل على الأسلوب المتميّز الذي عُرف به إل غريكو.
عاشت هيرونيما فترة طويلة معه، لكنّهما لم يتزوّجا أبدا. وهو يذكرها في العديد من رسائله. ويقال انه مرّ بتجربة زواج غير سعيد في شبابه، لذا لم يقدم على الزواج مرّة أخرى. وقد أنجب من هيرونيما ابنا وحيدا، وكان فخورا به كثيرا، لدرجة انه ضمّنه في لوحته الأشهر دفن كونت أورغاس ، التي كانت مثيرة زمن الرسّام وما تزال إلى اليوم احد عناصر الجذب السياحيّ في طليطلة، المدينة التي عاش وعمل فيها إل غريكو.
وإذا صحّت النظرية القائلة بأن اللوحة لعشيقته، فإن اختياره للألوان المتناغمة ورسمه لوجهها بهذه النعومة والفتنة ربّما يكشف عن مدى قربه منها وتعلقّه بها.
في زاوية اللوحة اليمنى إلى أعلى، هناك ما يشبه الممرّ أو الجدار الحجري، ما يشي بأن المرأة قد تكون رُسمت في زقاق أو في سوق ليلي مزدحم. نظراتها لا تخلو من ذكاء وفراسة، كأنها على وشك أن تواجه خطرا ما، لكنها تدرك أنها ستنتصر عليه بسبب عزيمتها وثقتها.
أهمّية هذه اللوحة تنبع من نوعيّتها النادرة بالنسبة لـ إل غريكو. وقد انتقلت من اسبانيا لتذهب إلى مجموعة الملك لوي فيليب في فرنسا قبل أن تستقرّ في اللوفر. ثمّ اشتراها عام 1853 ثريّ انجليزي كان خبيرا في الفنّ والتاريخ الاسباني اسمه وليام ماكسويل. وأخيرا أهدتها ابنته عام 1966 إلى مكتبة بولوك هاوس في مدينة غلاسغو حيث لا تزال موجودة إلى اليوم.
ولد إل غريكو (واسمه الأصلي دومينيكوس ثيوتوكوبولوس) في جزيرة كريت باليونان عام 1541. كانت كريت في ذلك الوقت جزءا من جمهورية فينيسيا الايطالية. وقد عمل في بداياته كرسّام للايقونات ثم انتقل إلى فينيسيا حيث درس على يد تيشيان. ومن فينيسيا ذهب إلى مدريد فـ طليطة التي ظلّ يعمل بها حتى وفاته.
أسلوب إل غريكو الدراماتيكي والتعبيريّ أثار حيرة معاصريه. بعضهم رأوا فيه موهبة خاصّة ونادرة. كان الارستقراطيون الإسبان يلاحقونه كي يرسمهم. وكان المجتمع ينظر إليه ليس باعتباره رسّاما فحسب، وإنما كشخص مثقّف وفيلسوف. وشخصيّته وفنّه كانا مصدر إلهام لرسّامين مثل ديلاكروا وجون سارجنت وبيكاسو وسيزان، ولشعراء وكتّاب مثل راينر ريلكا ونيكوس كازانتزاكيس.
ابتداءً من عام 1585، عاش إل غريكو بصحبة هيرونيما في مجمع سكنيّ مترف يضمّ ورشة فنّية ويملكه احد ماركيزات طليطلة. وقد قضى سنواته الأخيرة هناك في راحة واستمرّ يمارس الرسم. كانت له حاشية وتلاميذ ومساعدون وموسيقيون كانوا يعيشون معه حياة مرفّهة في القصر.
غير أن حظوظ الفنّان تغيّرت فجأة. إذ فقَد ثروته بعد أن دخل في قضايا ومنازعات في المحاكم مع رعاته لها علاقة بالمال. وفي ابريل من عام 1615، أصيب إل غريكو بمرض خطير لم يلبث أن توفّي على إثره ودُفن في إحدى كنائس طليطلة. لكن الكنيسة أمرت باستخراج الجثمان ودفنه في احد الأديرة. وفي ما بعد تمّ تدمير الدير واختفى معه كلّ اثر للقبر.
بعد وفاته، لم يعد الناس يتذكّرون إل غريكو سوى بالكاد واختفى اسمه من التداول طوال مائتي عام. لكنه بُعث من جديد في أواخر القرن الثامن عشر على يد مجموعة من النقّاد وجامعي الفنّ ليصبح واحدا من أشهر الرسّامين في تاريخ الفنّ.

سيد الخواتم
نيوزيلندا - تستعد نيوزيلندا لدفعة اقتصادية جديدة مرتبطة بسلسلة الأعمال التاريخية المعروفية بأساطير الأرض الوسطى، بعد أن اختارتها شركة أمازون ستوديوز لتصووير سلسلتها التليفزيوينة الجديدة من سيد الخواتم، التي طال انتظارها.

ومن المقرر أن يكون العمل التليفزيوني الجديد هو الأغلى على الإطلاق، بتكلفة تزيد عن مليار دولار.

ويرغب قسم الإنتاج السينمائي في شركة أمازون في الاستفادة من النجاح الكبير الذي حققته ثلاثية أفلام سيد الخواتم، والتي تم تصويرها أيضا في نيوزيلندا منذ سنوات.

وساعد الحصول على امتياز هذه السلسلة من الأفلام في تعزيز السياحة والوظائف في نيوزيلندا.

وقالت شركة أمازون ستوديوز، التي اشترت حقوق إنتاج المسلسل التلفزيوني قبل عامين، إن التعديل الجديد سوف يستكشف قصصا جديدة متقدمة عن الأعمال الكلاسيكية التي قدمها جي. آر. توكينز.

والكاتب الإنجليزي جي. آر. توكينز، هو مؤلف سلسلة أعمال الأرض الوسطى والتي شملت سيد الخواتم والهوبيت، وهو من مواليد بريطانيا عام 1892 وتوفى في 1973.

رؤية نقدية: هل ينجح الجزء الثالث من فيلم "ذا هوبيت"؟

وقالت الشركة في بيان، يوم الثلاثاء، إن مرحلة الإعداد للإنتاج قد بدأت وسيبدأ العمل رسميا في أوكلاند في غضون الأشهر المقبلة.

وأضافت الشركة "بينما نبحث عن موقع لإحياء الجمال البدائي للعصر الثاني من الأرض الوسطى، أدركنا أننا بحاجة إلى العثور على مكان مهيب يضم السواحل والغابات والجبال البكر".

وقال وزير التنمية الاقتصادية النيوزيلندي فيل تويفورد، إن المشروع سيحقق مجموعة كبيرة من الفوائد "بما في ذلك الوظائف والاستثمارات الخارجية الكبيرة".

حقق فيلم سيد الخواتم، للمخرج بيتر جاكسون في أوائل عام 2000، ما يزيد عن ثلاثة مليارات دولار تقريبا في شباك التذاكر وفاز بعدد كبير من جوائز الأوسكار.

وتسببت هذه الأفلام إلى جانب ثلاثية الهوبيت في إحداث طفرة سياحية كبيرة في نيوزيلندا.

حيث أظهرت جمال الطبيعة والأرض الخصبة والجبال مما شجع ملايين السياح على زيارتها.

كما أدى إنتاج أفلام ضخمة في نوزيلندا إلى تحويل قطاع صناعة السينما المحلي الصغير إلى صناعة كبيرة ومتطورة، بما في ذلك المؤثرات الرقمية الخاصة.

واعتبرت نيوزيلندا الأعمال الخاصة بالأرض الوسطى جزءا من هويتها الثقافية، واستخدمت المؤثرات الخاصة بها مثل التنانين العملاقة والرسومات والشعارات الخاصة بها لتزيين أماكن هامة في البلاد مثل مطار ويلنغتون.